على أحمد على
08-21-2007, 07:11 PM
التقرير الشهري لشركة مجمعات الأسواق التجارية
حقوق الأقلية تهدر في الصفقات الكبرى وعمليات الاستحواذ والقانون غائب
حماية صغار المساهمين حماية للوطن من آكلي البيضة وتقشيرتها
من جريدة القبس
العدد 12293 - 08/05/2007
حماية صغار المساهمين في الشركات في صفقات الاستحواذ وغيرها من الصفقات الكبرى بحاجة لمن يحميها، هذه المسألة شكلت محور التقرير الشهري لشركة مجمعات الاسواق التجارية الذي عرض الاصول المعمول بها في مثل هذه الحالات، مقدما بالأمثلة المقرونة بحسابات، كيف ان حماية مثل هذه الحقوق لا تتعارض مع حماية ملكيات كبار الملاك وحقوقهم، بل انها تساهم في تعزيزها. ومن هذه الاصول، او الحلول المعمول بها في الدول المتقدمة اعتماد 'التصويت التراكمي'. ولفت التقرير الى ان استمرار تهميش حقوق صغار المساهمين او اهمالها، من شأنه ابقاء صغار المستثمرين في البورصة مجرد مضاربين قصيري النفس، وابقاء ادارة الشركات تحت رحمة الارادة المطلقة لكبار الملاك فيها.. وهنا التقرير:
حصلت في الأشهر القليلة الماضية عدة استحواذات وصفقات بيع كبيرة في سوق الكويت للأوراق المالية زادت قيمتها على 4,5 مليارات دولار كان أبرزها بيع شركة مشاريع الكويت ملكيتها في شركة الوطنية للاتصالات إلى شركة كيوتل القطرية ويدور حديث حاليا عن صفقة وشيكة قد تتم ببيع حصة سيطرة مؤثرة في البنك التجاري. وهذه العمليات تتم بنظام معمول به في الكويت وفق مزاد على حصة تفوق 5% بسعر معين. إلا أن معضلة ظهرت في سياق تلك الاستحواذات التي أنعشت البورصة، هي عدم تمكن صغار المستثمرين من الاستفادة من الأسعار المعلنة للصفقات التي كانت تفوق السعر السوقي للسهم بنسب عالية وصلت أحيانا الى اكثر من 50%، وبالتالي فقد استفاد كبار الملاك، اما الصغار فكانوا في مقاعد المتفرجين لا حول لهم ولا قوة.
وتنبهت إدارة البورصة لهذا الأمر، وهي تعمل حاليا على إصلاح هذا الخلل حيث عقدت عدة اجتماعات كان أبرزها مع اتحاد شركات الاستثمار، الذي وعد بوضع تصور شامل لهذه المسألة والتي سيصار إلى مناقشتها على أن تخرج البورصة بقواعد جديدة تحكم عملية الاستحواذات وتنظمها وفقا لما هو معمول به في الأسواق العالمية المتقدمة.
الأمر المستعجل
وغني عن القول أن الأمر مستعجل بالنظر الى ما هو آت من صفقات كبرى بدأت معالمها تتضح شيئا فشيئا. وأي تأخير في هذا المجال يترك الباب واسعا لانتهاك حقوق الأقلية في الشركات المدرجة، واذا كان الأمر يستحق استعجالا، فانه يستحق أيضا توسيع مروحة المشاورات مع عدد من الجهات المعنية وليس فقط اتحاد شركات الاستثمار. اذ يجدر هنا الأخذ بآراء المحامين ومدققي الحسابات فضلا عن الخبراء الأكاديميين والعمليين سواء المحليون منهم أو العالميون.
ومن الأصول المعمول بها في عدد من الأسواق المتقدمة إلزام المتقدم لشراء حصة أغلبية تحدد ب 30% أو 40% أو 50% بعرض إجباري يشمل جميع المساهمين بمنافعه السعرية وليس شريحة واحدة من الملاك. ان تشريعا كهذا سيفتح الباب على مصراعيه لعمليات الاستحواذ، لان المتقدم للشراء ليس ملزما بالضرورة بمشاورات جانبية مع كبار الملاك فقط بل هو يذهب إلى سوق المال مباشرة ويقدم عرضه لجميع المساهمين، وبالتالي قد يحصل على حصص كبيرة قبل أن يضطر للخضوع لشروط المالك الكبير اولا. وإذا عرفنا أن عددا كبيرا من الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية تدار من قبل كبار الملاك بحصص قد تكون تحت ال50% فان ذلك يعني بالضرورة أن عروض الاستحواذ ستكون أيسر من ذي قبل، ويسرها يعني بالضرورة أن سبحتها ستكر وسنكون أمام مشهد مختلف تماما عما نراه اليوم. ودينامية جديدة كهذه ستدفع بكبار الملاك الى زيادة حصص سيطرتهم إذا كانوا غير راغبين في البيع، ما سيرفع الأسعار لاسيما أسعار الشركات الممتازة والواعدة والتشغيلية ذات الأداء المتنامي.
حجر الزاوية
كما أن تشريعا جديدا ينصف صغار المستثمرين في عمليات الاستحواذ سيكون بمثابة حجر الزاوية في عصر جديد من العمل والإدارة في الشركات المساهمة الكويتية لانه لن يكون باستطاعة كبار الملاك بعد اليوم عدم الاكتراث بصغار الملاك، فالتحالف والتفاهم بين الطرفين سيكون أساسيا لتمكن الكبار من الاستمرار في قيادة الشركات.
ومن التشريعات المكملة هناك ما هو متعلق بتمثيل الصغار في مجالس الإدارات كما هو معمول به في عدد من دول العالم المتقدم التي وضعت أسسا لتعاون كل المساهمين في إدارة 'حلالهم' وعدم ترك ذلك الحق لمن يسيطر على 51% أو أكثر لوحده يسرح ويمرح على كيفه. فتلك الدول غيرت قواعد التصويت لمجلس الإدارة بحيث يمثل ذلك المجلس جميع المساهمين وليس المساهم الاكبر فقط.
ويقول الباحث الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن عبد الله العلي: لنفترض ان شركة يتكون رأسمالها من 1000 سهم، هناك مساهم رئيسي يملك 60% من الأسهم وال40% الباقية موزعة على عدد من المساهمين، ومجلس إدارة مكون من 7 أعضاء.الوضع الحالي في الكويت يقول أن لكل سهم 7 أصوات يجب أن تعطى بمعدل صوت واحد للمرشح الواحد، فيقوم صاحب ال60 % باختيار 7 مرشحين وإعطاء كل منهم 600 صوت (60% من 1000) فينجح هؤلاء السبعة في الوصول الى مجلس الإدارة. اما إذا كان هناك أي من مساهمي ال 40% يملك حصة فوق 10% (وليكن 2 مثلا) في هذه الحال (إذا كان هناك اتفاق مسبق على ذلك في عقد تأسيس الشركة) يستطيع أن يعين ممثلين له في مجلس إدارة الشركة أي أن مالك الأغلبية سيحتفظ بأغلبية مريحة، على الأقل خمسة من سبعة أعضاء أو 7 أعضاء ويدير الشركة على هواه.
حل متقدم
اما الحل الذي تطبقه الدول والاسواق المتقدمة فيسمى بالتصويت التراكمي المرتكز على ان لكل سهم في الحالة أعلاه 7 أصوات، يمكن توزيعها على المرشحين أو إعطاؤها كلها لمرشح واحد أو تقسيمها على اثنين فقط وهكذا.
ففي حال انتخاب مجلس إدارة الشركة أعلاه، اذا قام المالك الرئيسي بإعطاء 600 صوت لكل من مرشحيه السبعة، يستطيع الملاك الآخرون (ممثلو ال40% أي 400 سهم) إعطاء أصواتهم التي تساوي (7 * 400 = 2800) بإعطائها الى 4 مرشحين أي كل مرشح له 700 صوت في هذه الحالة يكون الطرف المالك ل40% ممثلا ب4 من 7 أعضاء.
من الطبيعي في حالات مثل هذه أن يركز المالك الرئيسي على اعطاء عدد أكبر من الأسهم لعدد أقل من الأعضاء أي يمكن أن يوزعها على 4 أعضاء مثلا لضمان وصولهم وفي هذه الحالة يضمن المالك الرئيسي الأغلبية ( 4 من 7) ولكنه لا يستطيع أن يؤثر أو يتحكم في اختيار الأعضاء الثلاثة الباقين مما يجعل الأعضاء الممثلين للأقلية ذوي استقلالية تامة في المجلس، ويجعل المجلس أكثر تمثيلا لتركيبة المساهمين، وكذلك هناك نوع من التوازن داخل المجلس يمنع استفراد أي طرف واحد في الشركة. ونظرا لأنه نادرا ما يتم تصويت جميع الأسهم بانتخابات الشركة لوجود عدد غير قليل من المساهمين الذين لا يحرصون على المشاركة، فان هذه التشكيلات الممكنة تحت مظلة التصويت التراكمي تفسح المجال لتكوين مجالس إدارة أكثر تمثيلا للمالكين ( بدلا من تمثيل المالك الرئيسي فقط) وتعطي بوضوح مؤشرا على عدم رغبة المجتمع أو المؤسسات في البلد باستفراد مجموعات من الملاك بشركات مساهمة واستغلال غياب الأطراف الأخرى من مواقع القرار للتنفع الشخصي وسوء إدارة الشركة وعدم منح فرصة للمساهمين الآخرين للاجتماع أو امكان عقد جمعية عامة او ما الى ذلك، إذا تدحرجت كرة الثلج وفي طريقها ستكبر وتكبر وما من شيء سيوقفها إذا سلمنا جميعا بضرورة حماية حقوق الأقلية في الشركات المساهمة. اما إذا شعر الكبار بأن الأمور قد تفلت من أيديهم فإننا سنكون أمام لوبي ضغط يؤخر تنظيم عمليات الاستحواذ كما يمنع أي محاولة لأعطاء حق التصويت التراكمي لصغار المساهمين، لكن محاولة كهذه لن تكون أبدا في صالح سوق الكويت للأوراق المالية في مرحلة تأكدت فيه رغبة سمو الأمير في تحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري اقليمي. فمشروع سام كهذا لا يمكن معارضته لانه ضرورة للبلاد التي ضاقت ذرعا بالاحتكارات والانغلاق على نفسها. ومن النتائج الايجابية الممكنة للتشريعات السالفة الذكر أن نكون أمام جمعيات عمومية لا تبصم لكبار الملاك فقط كما هو حاصل حاليا.
متى عرف السبب..
حيث ان النقاش شبه منعدم في العموميات التي باتت تعقد في دقائق، ويصادق فيها على البيانات والقرارات بسرعة البرق بلا سؤال ولا جواب، ومن يجرؤ على النقاش يجد نفسه بلا ردود شافية، مهملا أو مثار سخرية لانه يتطاول على 'الكبار بلا قدرة تذكر في التأثير عليهم'.
ان الممارسات الخاطئة المذكورة تجعل من صغار المستثمرين في سوق الكويت للأوراق المالية مضاربين قصيري النفس يرغبون في الدخول الى السهم والخروج منه سريعا من دون تكليف أنفسهم عناء الاستثمار طويل الأجل لانه يضعهم تحت رحمة كبار الملاك، سواء في التوزيعات أو القرارات المصيرية المتعلقة بالشركة التي تتخذ بعيدا عنهم ولا يعرفون عنها شيئا. فالمستثمر الصغير الغائب كليا عن أي شكل من إشكال المشاركة في مجلس الإدارة يعتبر نفسه غير معني بالشركة الا في الفترة القصيرة التي يملك سهمها. ومن سيئات ذلك ما بات يعرف بتصرف القطيع سواء عند هبوط السوق أو صعوده. فقرارات الصغار لا تبنى على معرفة مالية واستثمارية ودراية بما للشركة وعليها بل وفقا لمعادلة الربح السريع الممكن بالمضاربة ليس غير.
آثار جانبية
ومن الآثار الجانبية أيضا أن عددا كبيرا من شركاتنا المدرجة المدارة من قبل كبار الملاك فقط، تدار بطريقة تخدم هؤلاء وتطلعاتهم ورؤاهم الاستثمارية. فإذا رأوا على سبيل المثال مصلحة في التخارج يتخارجون أو اذا ارتأوا التوسع يتوسعون، وإذا أرادوا استخدام الشركات التابعة والزميلة في لعبة أسهم يفعلون، واذا تراءى لهم أن المضاربة بالأسهم والعقار أفضل من الأداء التشغيلي تراهم يسخرون الشركة لذلك.. انهم يفعلون ما يريدون على قاعدة 'أنا ولا أحد'. وربما كان ذلك في غير مصلحة الشركة التي اختارت أن تكون مدرجة من دون الخروج من ذهنية الشركات العائلية. وهذا ما نجده في سوق الكويت للأوراق المالية، حيث هناك 18 الى 22 عائلة تملك وتدير أكثر من 90% من الشركات الكويتية المدرجة، اذ لم نصل بعد الى مفهوم سوق المال الذي تعبأ فيه مدخرات معظم المواطنين في استثمارات متوسطة أو طويلة الأجل. فعند اول تصحيح تهتز الثقة لدى الصغار اولا، فتراهم يهجرون السوق في تصرف جماعي يزيد طين التصحيح بلة، واذا ارتفع تراهم مأخوذين ومشاركين في المبالغة بقيم الأصول من دون هوادة، وذلك لأنهم ليسوا على قدم المساواة مع غيرهم في إدارة الشركات كما أنهم لا يعلمون الكثير عن تلك الشركات التي تبقى عصمتها بيد قلة قليلة.
إن تصحيح هذه الأوضاع الشاذة سواء بتنظيم عمليات الاستحواذ بما يخدم حقوق الأقلية كما الأكثرية، وبمنح الصغار حق المشاركة بممثلين عنهم في مجلس الإدارة، سيعيد التوازن الى السوق ليزداد عمقا بحيث تخف المضاربة لمصلحة الاستثمار وبالتالي تزداد الثقة أكثر فأكثر وصولا الى سوق مال كفؤ.
عدم الحصول على المعلومة هدر آخر لحقوق الأقلية
لفتت 'مجمعات الاسواق' الى ان من الأمثلة على هدر حقوق الأقلية في الشركات الكويتية المدرجة عدم تكافؤ الفرص في الوصول إلى المعلومة الخاصة بالاستثمار. اذ تبقى معظم المعلومات المؤثرة حكرا على المالك الأكبر إلى حين، بحيث يمكنه دون غيره الإفادة منها أكثر من غيره اذا أراد سوء التصرف. وفي هذه الحالة لا بد من تعزيز قواعد الشفافية والإفصاح لتشمل أكبر قدر ممكن من المعلومات المؤثرة التي يجب أن تتواتر إلى العموم في أوقاتها ومن دون تأخير. وفي ذلك حفظ أيضا للأقلية التي لا حق لها بالوصول الى المعلومة كما الأكثرية من دون زيادة أو نقصان وبالوقت المناسب للجميع دون استثناء.
واوضحت ان مساوئ احتكار المعلومات امكان إفادة البعض القليل من ذلك للمتاجرة بالسهم سواء بيعا أو شراء استنادا الى معلومات داخلية، الأمر الذي يجب أن يوضع له تشريع حازم قامع مشفوع بآليات رقابة صارمة تستطيع كشف أي تلاعب وردعه وتجريمه. ففي الكويت لا يوجد قانون فيه مواد كاملة متكاملة وشاملة يمكن الاستناد إليها للتجريم في هكذا حالات، وبذلك تبقى الأقلية مهدورة الحقوق في هذا الجانب، كما أن من الحلول الممكنة لذلك وضع قواعد حوكمة تقوم على الرقابة الذاتية. وبين الحلول أيضا تشجيع فصل الملكية عن الإدارة بحيث تدار الشركات من تنفيذيين مستقلين يقدمون رؤاهم وخططهم لمجلس الإدارة الذي يمثل الملاك ويأخذون منه الصلاحيات سنويا على أن يقوموا بعملهم المتفق عليه بالخطوط العريضة من دون تدخل يومي من المالك الأكبر، وإذا تعذر فصل الملكية عن الإدارة بالكامل يتعين اللجوء الى امكان تواجد أعضاء مستقلين في مجلس الإدارة أو أعضاء يمثلون مصالح الصغار يكونون بمثابة الشاهد والمراقب والمشارك في آن معا. بحيث لا تترك الدفة بالكامل للآمر والناهي وحده.
منافع الحوكمة
اشارت 'مجمعات الاسواق' الى ان معايير الحوكمة التي تسري مفاعيل إيجابياتها في الأسواق المتقدمة تحث على مساواة كبار المساهمين بصغارهم بدءا من تمثيل الجميع في مجلس الإدارة مرورا بمنع أي تضارب مصالح كأن يقوم عضو مجلس الإدارة بالمتاجرة بالأسهم على كيفه بأساليب مختلفة.
وقالت: بعض الدول نظمت ذلك بحيث يمكنه التداول لكن وفقا لآليات وإجراءات افصاحية ووفقا لإعلان محدد، كما لا يمكنه المتاجرة في أوقات معينة مرتبطة بإعلانات فصلية أو افصاحات جوهرية أو قبيل وبعيد عقد صفقات مؤثرة في سعر السهم...فتلك الضوابط تضع عضو مجلس الإدارة على قدم المساواة مع صغار المساهمين تحقيقا لعدالة أكبر وشفافية أفضل.
أبسط الحقوق
لفتت 'مجمعات الاسواق' الى إن أي مساهم، مهما كانت مساهمته، مشارك في تمويل الشركة، لذا فمن أبسط حقوقه التي يجب أن تكفلها التشريعات له الإفصاح عن المعلومات المساعدة في اتخاذ القرار الاستثماري.
وقالت: وهذا الإفصاح يجب أن يعم الجميع بفائدته ولا يستثني أحدا ممن يمكن أن يستفيدوا قبل غيرهم. فالقانون الكويتي الخاص بذلك جاء على ذكر أعضاء مجلس الإدارة الممنوعين من الإفادة من المعلومات الداخلية دون غيرهم. علما بأن المعلومات يمكن ان يطلع عليها عشرات الأشخاص غير أعضاء مجلس الإدارة بشكل مباشر، سواء كان ذلك من أقاربهم أو الإدارة التنفيذية أو مدققي الحسابات أو موظفي الشركة و موظفي الجهات الرقابية التي تطلع على البيانات.. إنها سلسلة طويلة من الأشخاص الذين بامكانهم الإطلاع على المعلومات والبيانات قبل غيرهم وبالتالي قد يستفيدون منها اذا سولت لهم أنفسهم ذلك. لذا فعلى المشرع أن يعدل تلك المادة في القانون بحيث يشمل المنع والرقابة كل من يمكن إطلاعه على البيانات والمعلومات، وفي ذلك أيضا حماية لحقوق الأقلية.
ففي الكويت نجد أن عددا لا بأس به من صغار المستثمرين يضطرون لزيارة ديوانيات معينة للحصول على المعلومات. وهذا أيضا يعد خرقا لمبدأ المساواة. فالسوق المالي هو المكان الوحيد الذي يجب الإفادة من المعلومات فيه وللجميع من دون استثناء.
ضبط المعلومات يضمن أسعارا عادلة
أكدت 'مجمعات الاسواق' إن ضبط تسريب المعلومات ومنع الإفادة منها من قلة دون غيرها أو قبل غيرها سيؤديان حتما الى الحصول على أسعار عادلة أكثر للأسهم في السوق. فالتشوهات الحاصلة حاليا في الأسعار مرجعها،( في جزء منها) إلى سوء الإفصاح أو عدم المساواة فيه، بحيث تجد أسعارا مرتفعة جدا لأسباب غير معروفة أو منخفضة جدا لأسباب تبقى مجهولة. وهذه التشوهات تضر، أكثر ما تضر، بمصالح صغار المساهمين الذين لا يجدون من يفسر لهم تلك الظاهرة غير المفهومة. اما كبار الملاك فبيدهم مفاتيح مغاليق جزء لا بأس به من تلك الأسرار. وأحيانا كثيرة نجد أن السيولة تجف فجأة في السوق لأسباب مكتومة، اذ يسيطر الخوف والترقب مما يدفع الصغار للإحجام عن التداول من دون سبب واضح. فنقص المعلومات يجعل الجميع مضطرا للعمل في الضباب. فالكبار باستطاعتهم تلمس طريقهم في عباب ذلك الضباب لأنهم مثل أهل مكة أدرى بشعابها، اما الصغار فيهالهم الأمر ولا يجازفون بأموالهم على غير هدى مما يمنع عن السوق سيولة إضافية قد يحتاجها. وهذا التشوه يمكن معالجته أيضا في توفير سبل الإفصاح من دون أعناق زجاجة تختنق فيها المعلومات أو تحجب لغاية في نفس يعقوب.
نعمة الشفافية
نوهت 'مجمعات الاسواق' الى ان دراسات عالمية أجريت في أسواق ارتفعت فيها جرعة الشفافية أمام الجميع اظهرت أن تكلفة الأموال في تلك الأسواق كانت أقل من التكلفة التي تدفع في الأسواق غير المتقدمة في شفافيتها وغير المعتمدة على تطبيق معايير الحوكمة فيها. إن الأموال تصبح عزيزة الجانب صعبة المنال وربما غير متوافرة كفاية. وإذا توافرت فبكلفة عالية لان هناك نقصا في المعلومات المتاحة أمام جميع المتداولين.في المقابل سهل جدا الحصول على أموال وفقا لجدوى واضحة معلنة، والعكس صحيح، اذ يصعب الحصول على أموال في الأجواء الضبابية غير واضحة المعالم.
مسؤولية اجتماعية وأخلاقية
خلص تقرير مجمعات الاسواق الى القول: ان ضمان حقوق الأقلية مسؤولية اجتماعية وأخلاقية. فكم من مرة سمعنا صغار المساهمين في الكويت يصرخون بحق أو من دون وجه حق متهمين 'الكبار' و'الهوامير'، وما الى هنالك من تعابير لأنهم خسروا في السوق. كل سنة تقريبا لنا موعد مع هكذا اتهامات وصرخات حتى أن الأمر وصل بالبعض لتنظيم تظاهرة وصلت مجلس الأمة العام الماضي، سنبقى أمام هكذا اتهامات مبررة حينا وغير مبررة أحيانا كثيرة أخرى طالما تشريعاتنا لا تحفظ حقوق الأقلية. فاذا وضعت تلك التشريعات وكانت متكاملة ومطبقة جيدا بحيث تضمن حقوق الاقلية فان قرار الاستثمار للمتداول الصغير سيكون على عاتقه مائة في المائة إذ لن يحق له كيل الاتهامات ذات اليمين وذات اليسار اذا خسر فلسا في سهم ما.فالمسؤولية الاجتماعية كبيرة في بلد ينعم بالديموقراطية والمؤسسات الدستورية والمشاركة الشعبية في السلطة و القرار السياسي، فإذا كنا على هذا القدر من التقدم السياسي لماذا لا نكون على القدر نفسه اقتصاديا وماليا بحيث تحفظ حقوق الجميع، أقلية وأكثرية، في الشركات المساهمة.
اما المسؤولية الأخلاقية فهي أساس كل عمل مهما كان. فالعمل المالي يطاول حلال الناس حيث أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا وفقا لديننا الحنيف. وهذا الحلال لا يجوز التلاعب به بأي شكل من الأشكال، فصغار المساهمين يضعون أحيانا كل مدخراتهم في الأسهم وقد تتأثر عائلاتهم جراء ذلك، فالاولى بالمشرع أن يحرص على إنصاف هؤلاء وحمايتهم قبل غيرهم حفاظا على النسيج الاجتماعي العائلي.
أما الأخلاقي فكما قال الشاعر:
انما الأمم الأخلاق ما بقيت
ان همو ذهبت أخلاقهم.. ذهبوا
حقوق الأقلية تهدر في الصفقات الكبرى وعمليات الاستحواذ والقانون غائب
حماية صغار المساهمين حماية للوطن من آكلي البيضة وتقشيرتها
من جريدة القبس
العدد 12293 - 08/05/2007
حماية صغار المساهمين في الشركات في صفقات الاستحواذ وغيرها من الصفقات الكبرى بحاجة لمن يحميها، هذه المسألة شكلت محور التقرير الشهري لشركة مجمعات الاسواق التجارية الذي عرض الاصول المعمول بها في مثل هذه الحالات، مقدما بالأمثلة المقرونة بحسابات، كيف ان حماية مثل هذه الحقوق لا تتعارض مع حماية ملكيات كبار الملاك وحقوقهم، بل انها تساهم في تعزيزها. ومن هذه الاصول، او الحلول المعمول بها في الدول المتقدمة اعتماد 'التصويت التراكمي'. ولفت التقرير الى ان استمرار تهميش حقوق صغار المساهمين او اهمالها، من شأنه ابقاء صغار المستثمرين في البورصة مجرد مضاربين قصيري النفس، وابقاء ادارة الشركات تحت رحمة الارادة المطلقة لكبار الملاك فيها.. وهنا التقرير:
حصلت في الأشهر القليلة الماضية عدة استحواذات وصفقات بيع كبيرة في سوق الكويت للأوراق المالية زادت قيمتها على 4,5 مليارات دولار كان أبرزها بيع شركة مشاريع الكويت ملكيتها في شركة الوطنية للاتصالات إلى شركة كيوتل القطرية ويدور حديث حاليا عن صفقة وشيكة قد تتم ببيع حصة سيطرة مؤثرة في البنك التجاري. وهذه العمليات تتم بنظام معمول به في الكويت وفق مزاد على حصة تفوق 5% بسعر معين. إلا أن معضلة ظهرت في سياق تلك الاستحواذات التي أنعشت البورصة، هي عدم تمكن صغار المستثمرين من الاستفادة من الأسعار المعلنة للصفقات التي كانت تفوق السعر السوقي للسهم بنسب عالية وصلت أحيانا الى اكثر من 50%، وبالتالي فقد استفاد كبار الملاك، اما الصغار فكانوا في مقاعد المتفرجين لا حول لهم ولا قوة.
وتنبهت إدارة البورصة لهذا الأمر، وهي تعمل حاليا على إصلاح هذا الخلل حيث عقدت عدة اجتماعات كان أبرزها مع اتحاد شركات الاستثمار، الذي وعد بوضع تصور شامل لهذه المسألة والتي سيصار إلى مناقشتها على أن تخرج البورصة بقواعد جديدة تحكم عملية الاستحواذات وتنظمها وفقا لما هو معمول به في الأسواق العالمية المتقدمة.
الأمر المستعجل
وغني عن القول أن الأمر مستعجل بالنظر الى ما هو آت من صفقات كبرى بدأت معالمها تتضح شيئا فشيئا. وأي تأخير في هذا المجال يترك الباب واسعا لانتهاك حقوق الأقلية في الشركات المدرجة، واذا كان الأمر يستحق استعجالا، فانه يستحق أيضا توسيع مروحة المشاورات مع عدد من الجهات المعنية وليس فقط اتحاد شركات الاستثمار. اذ يجدر هنا الأخذ بآراء المحامين ومدققي الحسابات فضلا عن الخبراء الأكاديميين والعمليين سواء المحليون منهم أو العالميون.
ومن الأصول المعمول بها في عدد من الأسواق المتقدمة إلزام المتقدم لشراء حصة أغلبية تحدد ب 30% أو 40% أو 50% بعرض إجباري يشمل جميع المساهمين بمنافعه السعرية وليس شريحة واحدة من الملاك. ان تشريعا كهذا سيفتح الباب على مصراعيه لعمليات الاستحواذ، لان المتقدم للشراء ليس ملزما بالضرورة بمشاورات جانبية مع كبار الملاك فقط بل هو يذهب إلى سوق المال مباشرة ويقدم عرضه لجميع المساهمين، وبالتالي قد يحصل على حصص كبيرة قبل أن يضطر للخضوع لشروط المالك الكبير اولا. وإذا عرفنا أن عددا كبيرا من الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية تدار من قبل كبار الملاك بحصص قد تكون تحت ال50% فان ذلك يعني بالضرورة أن عروض الاستحواذ ستكون أيسر من ذي قبل، ويسرها يعني بالضرورة أن سبحتها ستكر وسنكون أمام مشهد مختلف تماما عما نراه اليوم. ودينامية جديدة كهذه ستدفع بكبار الملاك الى زيادة حصص سيطرتهم إذا كانوا غير راغبين في البيع، ما سيرفع الأسعار لاسيما أسعار الشركات الممتازة والواعدة والتشغيلية ذات الأداء المتنامي.
حجر الزاوية
كما أن تشريعا جديدا ينصف صغار المستثمرين في عمليات الاستحواذ سيكون بمثابة حجر الزاوية في عصر جديد من العمل والإدارة في الشركات المساهمة الكويتية لانه لن يكون باستطاعة كبار الملاك بعد اليوم عدم الاكتراث بصغار الملاك، فالتحالف والتفاهم بين الطرفين سيكون أساسيا لتمكن الكبار من الاستمرار في قيادة الشركات.
ومن التشريعات المكملة هناك ما هو متعلق بتمثيل الصغار في مجالس الإدارات كما هو معمول به في عدد من دول العالم المتقدم التي وضعت أسسا لتعاون كل المساهمين في إدارة 'حلالهم' وعدم ترك ذلك الحق لمن يسيطر على 51% أو أكثر لوحده يسرح ويمرح على كيفه. فتلك الدول غيرت قواعد التصويت لمجلس الإدارة بحيث يمثل ذلك المجلس جميع المساهمين وليس المساهم الاكبر فقط.
ويقول الباحث الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن عبد الله العلي: لنفترض ان شركة يتكون رأسمالها من 1000 سهم، هناك مساهم رئيسي يملك 60% من الأسهم وال40% الباقية موزعة على عدد من المساهمين، ومجلس إدارة مكون من 7 أعضاء.الوضع الحالي في الكويت يقول أن لكل سهم 7 أصوات يجب أن تعطى بمعدل صوت واحد للمرشح الواحد، فيقوم صاحب ال60 % باختيار 7 مرشحين وإعطاء كل منهم 600 صوت (60% من 1000) فينجح هؤلاء السبعة في الوصول الى مجلس الإدارة. اما إذا كان هناك أي من مساهمي ال 40% يملك حصة فوق 10% (وليكن 2 مثلا) في هذه الحال (إذا كان هناك اتفاق مسبق على ذلك في عقد تأسيس الشركة) يستطيع أن يعين ممثلين له في مجلس إدارة الشركة أي أن مالك الأغلبية سيحتفظ بأغلبية مريحة، على الأقل خمسة من سبعة أعضاء أو 7 أعضاء ويدير الشركة على هواه.
حل متقدم
اما الحل الذي تطبقه الدول والاسواق المتقدمة فيسمى بالتصويت التراكمي المرتكز على ان لكل سهم في الحالة أعلاه 7 أصوات، يمكن توزيعها على المرشحين أو إعطاؤها كلها لمرشح واحد أو تقسيمها على اثنين فقط وهكذا.
ففي حال انتخاب مجلس إدارة الشركة أعلاه، اذا قام المالك الرئيسي بإعطاء 600 صوت لكل من مرشحيه السبعة، يستطيع الملاك الآخرون (ممثلو ال40% أي 400 سهم) إعطاء أصواتهم التي تساوي (7 * 400 = 2800) بإعطائها الى 4 مرشحين أي كل مرشح له 700 صوت في هذه الحالة يكون الطرف المالك ل40% ممثلا ب4 من 7 أعضاء.
من الطبيعي في حالات مثل هذه أن يركز المالك الرئيسي على اعطاء عدد أكبر من الأسهم لعدد أقل من الأعضاء أي يمكن أن يوزعها على 4 أعضاء مثلا لضمان وصولهم وفي هذه الحالة يضمن المالك الرئيسي الأغلبية ( 4 من 7) ولكنه لا يستطيع أن يؤثر أو يتحكم في اختيار الأعضاء الثلاثة الباقين مما يجعل الأعضاء الممثلين للأقلية ذوي استقلالية تامة في المجلس، ويجعل المجلس أكثر تمثيلا لتركيبة المساهمين، وكذلك هناك نوع من التوازن داخل المجلس يمنع استفراد أي طرف واحد في الشركة. ونظرا لأنه نادرا ما يتم تصويت جميع الأسهم بانتخابات الشركة لوجود عدد غير قليل من المساهمين الذين لا يحرصون على المشاركة، فان هذه التشكيلات الممكنة تحت مظلة التصويت التراكمي تفسح المجال لتكوين مجالس إدارة أكثر تمثيلا للمالكين ( بدلا من تمثيل المالك الرئيسي فقط) وتعطي بوضوح مؤشرا على عدم رغبة المجتمع أو المؤسسات في البلد باستفراد مجموعات من الملاك بشركات مساهمة واستغلال غياب الأطراف الأخرى من مواقع القرار للتنفع الشخصي وسوء إدارة الشركة وعدم منح فرصة للمساهمين الآخرين للاجتماع أو امكان عقد جمعية عامة او ما الى ذلك، إذا تدحرجت كرة الثلج وفي طريقها ستكبر وتكبر وما من شيء سيوقفها إذا سلمنا جميعا بضرورة حماية حقوق الأقلية في الشركات المساهمة. اما إذا شعر الكبار بأن الأمور قد تفلت من أيديهم فإننا سنكون أمام لوبي ضغط يؤخر تنظيم عمليات الاستحواذ كما يمنع أي محاولة لأعطاء حق التصويت التراكمي لصغار المساهمين، لكن محاولة كهذه لن تكون أبدا في صالح سوق الكويت للأوراق المالية في مرحلة تأكدت فيه رغبة سمو الأمير في تحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري اقليمي. فمشروع سام كهذا لا يمكن معارضته لانه ضرورة للبلاد التي ضاقت ذرعا بالاحتكارات والانغلاق على نفسها. ومن النتائج الايجابية الممكنة للتشريعات السالفة الذكر أن نكون أمام جمعيات عمومية لا تبصم لكبار الملاك فقط كما هو حاصل حاليا.
متى عرف السبب..
حيث ان النقاش شبه منعدم في العموميات التي باتت تعقد في دقائق، ويصادق فيها على البيانات والقرارات بسرعة البرق بلا سؤال ولا جواب، ومن يجرؤ على النقاش يجد نفسه بلا ردود شافية، مهملا أو مثار سخرية لانه يتطاول على 'الكبار بلا قدرة تذكر في التأثير عليهم'.
ان الممارسات الخاطئة المذكورة تجعل من صغار المستثمرين في سوق الكويت للأوراق المالية مضاربين قصيري النفس يرغبون في الدخول الى السهم والخروج منه سريعا من دون تكليف أنفسهم عناء الاستثمار طويل الأجل لانه يضعهم تحت رحمة كبار الملاك، سواء في التوزيعات أو القرارات المصيرية المتعلقة بالشركة التي تتخذ بعيدا عنهم ولا يعرفون عنها شيئا. فالمستثمر الصغير الغائب كليا عن أي شكل من إشكال المشاركة في مجلس الإدارة يعتبر نفسه غير معني بالشركة الا في الفترة القصيرة التي يملك سهمها. ومن سيئات ذلك ما بات يعرف بتصرف القطيع سواء عند هبوط السوق أو صعوده. فقرارات الصغار لا تبنى على معرفة مالية واستثمارية ودراية بما للشركة وعليها بل وفقا لمعادلة الربح السريع الممكن بالمضاربة ليس غير.
آثار جانبية
ومن الآثار الجانبية أيضا أن عددا كبيرا من شركاتنا المدرجة المدارة من قبل كبار الملاك فقط، تدار بطريقة تخدم هؤلاء وتطلعاتهم ورؤاهم الاستثمارية. فإذا رأوا على سبيل المثال مصلحة في التخارج يتخارجون أو اذا ارتأوا التوسع يتوسعون، وإذا أرادوا استخدام الشركات التابعة والزميلة في لعبة أسهم يفعلون، واذا تراءى لهم أن المضاربة بالأسهم والعقار أفضل من الأداء التشغيلي تراهم يسخرون الشركة لذلك.. انهم يفعلون ما يريدون على قاعدة 'أنا ولا أحد'. وربما كان ذلك في غير مصلحة الشركة التي اختارت أن تكون مدرجة من دون الخروج من ذهنية الشركات العائلية. وهذا ما نجده في سوق الكويت للأوراق المالية، حيث هناك 18 الى 22 عائلة تملك وتدير أكثر من 90% من الشركات الكويتية المدرجة، اذ لم نصل بعد الى مفهوم سوق المال الذي تعبأ فيه مدخرات معظم المواطنين في استثمارات متوسطة أو طويلة الأجل. فعند اول تصحيح تهتز الثقة لدى الصغار اولا، فتراهم يهجرون السوق في تصرف جماعي يزيد طين التصحيح بلة، واذا ارتفع تراهم مأخوذين ومشاركين في المبالغة بقيم الأصول من دون هوادة، وذلك لأنهم ليسوا على قدم المساواة مع غيرهم في إدارة الشركات كما أنهم لا يعلمون الكثير عن تلك الشركات التي تبقى عصمتها بيد قلة قليلة.
إن تصحيح هذه الأوضاع الشاذة سواء بتنظيم عمليات الاستحواذ بما يخدم حقوق الأقلية كما الأكثرية، وبمنح الصغار حق المشاركة بممثلين عنهم في مجلس الإدارة، سيعيد التوازن الى السوق ليزداد عمقا بحيث تخف المضاربة لمصلحة الاستثمار وبالتالي تزداد الثقة أكثر فأكثر وصولا الى سوق مال كفؤ.
عدم الحصول على المعلومة هدر آخر لحقوق الأقلية
لفتت 'مجمعات الاسواق' الى ان من الأمثلة على هدر حقوق الأقلية في الشركات الكويتية المدرجة عدم تكافؤ الفرص في الوصول إلى المعلومة الخاصة بالاستثمار. اذ تبقى معظم المعلومات المؤثرة حكرا على المالك الأكبر إلى حين، بحيث يمكنه دون غيره الإفادة منها أكثر من غيره اذا أراد سوء التصرف. وفي هذه الحالة لا بد من تعزيز قواعد الشفافية والإفصاح لتشمل أكبر قدر ممكن من المعلومات المؤثرة التي يجب أن تتواتر إلى العموم في أوقاتها ومن دون تأخير. وفي ذلك حفظ أيضا للأقلية التي لا حق لها بالوصول الى المعلومة كما الأكثرية من دون زيادة أو نقصان وبالوقت المناسب للجميع دون استثناء.
واوضحت ان مساوئ احتكار المعلومات امكان إفادة البعض القليل من ذلك للمتاجرة بالسهم سواء بيعا أو شراء استنادا الى معلومات داخلية، الأمر الذي يجب أن يوضع له تشريع حازم قامع مشفوع بآليات رقابة صارمة تستطيع كشف أي تلاعب وردعه وتجريمه. ففي الكويت لا يوجد قانون فيه مواد كاملة متكاملة وشاملة يمكن الاستناد إليها للتجريم في هكذا حالات، وبذلك تبقى الأقلية مهدورة الحقوق في هذا الجانب، كما أن من الحلول الممكنة لذلك وضع قواعد حوكمة تقوم على الرقابة الذاتية. وبين الحلول أيضا تشجيع فصل الملكية عن الإدارة بحيث تدار الشركات من تنفيذيين مستقلين يقدمون رؤاهم وخططهم لمجلس الإدارة الذي يمثل الملاك ويأخذون منه الصلاحيات سنويا على أن يقوموا بعملهم المتفق عليه بالخطوط العريضة من دون تدخل يومي من المالك الأكبر، وإذا تعذر فصل الملكية عن الإدارة بالكامل يتعين اللجوء الى امكان تواجد أعضاء مستقلين في مجلس الإدارة أو أعضاء يمثلون مصالح الصغار يكونون بمثابة الشاهد والمراقب والمشارك في آن معا. بحيث لا تترك الدفة بالكامل للآمر والناهي وحده.
منافع الحوكمة
اشارت 'مجمعات الاسواق' الى ان معايير الحوكمة التي تسري مفاعيل إيجابياتها في الأسواق المتقدمة تحث على مساواة كبار المساهمين بصغارهم بدءا من تمثيل الجميع في مجلس الإدارة مرورا بمنع أي تضارب مصالح كأن يقوم عضو مجلس الإدارة بالمتاجرة بالأسهم على كيفه بأساليب مختلفة.
وقالت: بعض الدول نظمت ذلك بحيث يمكنه التداول لكن وفقا لآليات وإجراءات افصاحية ووفقا لإعلان محدد، كما لا يمكنه المتاجرة في أوقات معينة مرتبطة بإعلانات فصلية أو افصاحات جوهرية أو قبيل وبعيد عقد صفقات مؤثرة في سعر السهم...فتلك الضوابط تضع عضو مجلس الإدارة على قدم المساواة مع صغار المساهمين تحقيقا لعدالة أكبر وشفافية أفضل.
أبسط الحقوق
لفتت 'مجمعات الاسواق' الى إن أي مساهم، مهما كانت مساهمته، مشارك في تمويل الشركة، لذا فمن أبسط حقوقه التي يجب أن تكفلها التشريعات له الإفصاح عن المعلومات المساعدة في اتخاذ القرار الاستثماري.
وقالت: وهذا الإفصاح يجب أن يعم الجميع بفائدته ولا يستثني أحدا ممن يمكن أن يستفيدوا قبل غيرهم. فالقانون الكويتي الخاص بذلك جاء على ذكر أعضاء مجلس الإدارة الممنوعين من الإفادة من المعلومات الداخلية دون غيرهم. علما بأن المعلومات يمكن ان يطلع عليها عشرات الأشخاص غير أعضاء مجلس الإدارة بشكل مباشر، سواء كان ذلك من أقاربهم أو الإدارة التنفيذية أو مدققي الحسابات أو موظفي الشركة و موظفي الجهات الرقابية التي تطلع على البيانات.. إنها سلسلة طويلة من الأشخاص الذين بامكانهم الإطلاع على المعلومات والبيانات قبل غيرهم وبالتالي قد يستفيدون منها اذا سولت لهم أنفسهم ذلك. لذا فعلى المشرع أن يعدل تلك المادة في القانون بحيث يشمل المنع والرقابة كل من يمكن إطلاعه على البيانات والمعلومات، وفي ذلك أيضا حماية لحقوق الأقلية.
ففي الكويت نجد أن عددا لا بأس به من صغار المستثمرين يضطرون لزيارة ديوانيات معينة للحصول على المعلومات. وهذا أيضا يعد خرقا لمبدأ المساواة. فالسوق المالي هو المكان الوحيد الذي يجب الإفادة من المعلومات فيه وللجميع من دون استثناء.
ضبط المعلومات يضمن أسعارا عادلة
أكدت 'مجمعات الاسواق' إن ضبط تسريب المعلومات ومنع الإفادة منها من قلة دون غيرها أو قبل غيرها سيؤديان حتما الى الحصول على أسعار عادلة أكثر للأسهم في السوق. فالتشوهات الحاصلة حاليا في الأسعار مرجعها،( في جزء منها) إلى سوء الإفصاح أو عدم المساواة فيه، بحيث تجد أسعارا مرتفعة جدا لأسباب غير معروفة أو منخفضة جدا لأسباب تبقى مجهولة. وهذه التشوهات تضر، أكثر ما تضر، بمصالح صغار المساهمين الذين لا يجدون من يفسر لهم تلك الظاهرة غير المفهومة. اما كبار الملاك فبيدهم مفاتيح مغاليق جزء لا بأس به من تلك الأسرار. وأحيانا كثيرة نجد أن السيولة تجف فجأة في السوق لأسباب مكتومة، اذ يسيطر الخوف والترقب مما يدفع الصغار للإحجام عن التداول من دون سبب واضح. فنقص المعلومات يجعل الجميع مضطرا للعمل في الضباب. فالكبار باستطاعتهم تلمس طريقهم في عباب ذلك الضباب لأنهم مثل أهل مكة أدرى بشعابها، اما الصغار فيهالهم الأمر ولا يجازفون بأموالهم على غير هدى مما يمنع عن السوق سيولة إضافية قد يحتاجها. وهذا التشوه يمكن معالجته أيضا في توفير سبل الإفصاح من دون أعناق زجاجة تختنق فيها المعلومات أو تحجب لغاية في نفس يعقوب.
نعمة الشفافية
نوهت 'مجمعات الاسواق' الى ان دراسات عالمية أجريت في أسواق ارتفعت فيها جرعة الشفافية أمام الجميع اظهرت أن تكلفة الأموال في تلك الأسواق كانت أقل من التكلفة التي تدفع في الأسواق غير المتقدمة في شفافيتها وغير المعتمدة على تطبيق معايير الحوكمة فيها. إن الأموال تصبح عزيزة الجانب صعبة المنال وربما غير متوافرة كفاية. وإذا توافرت فبكلفة عالية لان هناك نقصا في المعلومات المتاحة أمام جميع المتداولين.في المقابل سهل جدا الحصول على أموال وفقا لجدوى واضحة معلنة، والعكس صحيح، اذ يصعب الحصول على أموال في الأجواء الضبابية غير واضحة المعالم.
مسؤولية اجتماعية وأخلاقية
خلص تقرير مجمعات الاسواق الى القول: ان ضمان حقوق الأقلية مسؤولية اجتماعية وأخلاقية. فكم من مرة سمعنا صغار المساهمين في الكويت يصرخون بحق أو من دون وجه حق متهمين 'الكبار' و'الهوامير'، وما الى هنالك من تعابير لأنهم خسروا في السوق. كل سنة تقريبا لنا موعد مع هكذا اتهامات وصرخات حتى أن الأمر وصل بالبعض لتنظيم تظاهرة وصلت مجلس الأمة العام الماضي، سنبقى أمام هكذا اتهامات مبررة حينا وغير مبررة أحيانا كثيرة أخرى طالما تشريعاتنا لا تحفظ حقوق الأقلية. فاذا وضعت تلك التشريعات وكانت متكاملة ومطبقة جيدا بحيث تضمن حقوق الاقلية فان قرار الاستثمار للمتداول الصغير سيكون على عاتقه مائة في المائة إذ لن يحق له كيل الاتهامات ذات اليمين وذات اليسار اذا خسر فلسا في سهم ما.فالمسؤولية الاجتماعية كبيرة في بلد ينعم بالديموقراطية والمؤسسات الدستورية والمشاركة الشعبية في السلطة و القرار السياسي، فإذا كنا على هذا القدر من التقدم السياسي لماذا لا نكون على القدر نفسه اقتصاديا وماليا بحيث تحفظ حقوق الجميع، أقلية وأكثرية، في الشركات المساهمة.
اما المسؤولية الأخلاقية فهي أساس كل عمل مهما كان. فالعمل المالي يطاول حلال الناس حيث أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا وفقا لديننا الحنيف. وهذا الحلال لا يجوز التلاعب به بأي شكل من الأشكال، فصغار المساهمين يضعون أحيانا كل مدخراتهم في الأسهم وقد تتأثر عائلاتهم جراء ذلك، فالاولى بالمشرع أن يحرص على إنصاف هؤلاء وحمايتهم قبل غيرهم حفاظا على النسيج الاجتماعي العائلي.
أما الأخلاقي فكما قال الشاعر:
انما الأمم الأخلاق ما بقيت
ان همو ذهبت أخلاقهم.. ذهبوا