مشاهدة النسخة كاملة : الفراغ كيف تقضى عليه؟
ياسمين حلمى شافع
09-12-2009, 12:45 PM
الفارغون في الحياة هم أهل الأراجيف والشائعات لأن أذهانهم موزعة { رضوا بان يكونوا مع الخوالف } إن أخطر حالات الذهن يوم يفرغ صاحبه من العمل فيبقى كالسيارة المسرعة في انحدار بلا سائق تجنح ذات اليمين وذات الشمال.
يوم تجد في حياتك فراعا فتهيا حينها للهم والغم والفزع ، لأن هذا الفراغ يسحب لك كل ملفات الماضي والحاضر والمستقبل من أدراج الحياة فيجعلك في أمر مريج ، ونصيحتي لك ولنفسي أن تقوم بأعمال مثمرة بدلأ من هذا الاسترخاء القاتل لأنه وأد خفي ، وانتحار بكبسول مسكن.
إن الفراغ أشبه بالتعذيب البطيء الذي يمارس في سجون الصين بوضع السجين تحت أنبوب يقطر كل دقيقة قطرة ، وفي فترات انتظار هذه القطرات يصاب السجين بالجنون.
الراحة غفلة ، والفراغ لص محترف ، وعقلك هو فريسة ممزقة لهذه الحروب الوهمية.
اذا قم الان صل أو اقرأ ، أو سبح ، أو طالع ، أو اكتب ، أو رتب مكتبك ، أو أصلح بيتك ، أو انفع غيرك حتى تقضي على الفراغ وإني لك من الناصحين.
اذبح الفراغ بسكين العمل ، ويضمن لك أطباء العالم 50% من السعادة مقابل هذا الإجراء الطارىء فحسب ، انظر إلى الفلاحين والخبازين والبناءين يغردون بالأناشيد كالعصافير في سعادة وراحة وأنت على فراشك تمسح دموعك وتضطرب لأنك ملدوغ.
ياسمين حلمى شافع
09-12-2009, 12:49 PM
كيف يملأ الإنسان الفراغ
الحمد لله
نعمة الوقت من النعم العظيمة التي امتن الله بها على عباده ، حتى أقسم الله تعالى ببعض الوقت فقال تعالى : ( وَالْعَصْرِ ) ، لأهمية هذا الوقت وبركته ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسم - : ( اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك ) انظر صحيح الجامع برقم (1077) .
ولما كان أكثر الناس جاهلين بقدر هذه النعمة ، غافلين عما يجب عليهم نحوها من عمارتها بشكر الله وطاعته ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ) رواه البخاري (6412)
والمغبون هو الخاسر في بيعه أو شرائه .
وَقَالَ الطِّيبِيُّ : " ضَرَبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُكَلَّفِ مَثَلا بِالتَّاجِرِ الَّذِي لَهُ رَأْس مَال , فَهُوَ يَبْتَغِي الرِّبْح مَعَ سَلامَة رَأْس الْمَال , فَطَرِيقه فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَحَرَّى فِيمَنْ يُعَامِلهُ وَيَلْزَم الصِّدْق وَالْحِذْق لِئَلا يُغْبَن , فَالصِّحَّة وَالْفَرَاغ رَأْس الْمَال , وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَامِل اللَّه بِالإِيمَانِ , وَمُجَاهَدَة النَّفْس وَعَدُوّ الدِّين , لِيَرْبَح خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالآخِرَة وَقَرِيب مِنْهُ قَوْل اللَّه تَعَالَى ( هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم ) الآيَات . وَعَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِب مُطَاوَعَة النَّفْس وَمُعَامَلَة الشَّيْطَان لِئَلا يُضَيِّع رَأْس مَاله مَعَ الرِّبْح "
فتح الباري لابن حجر
وإذا كان الوقت بهذه المنزلة ، فإنه لا ينبغي للمسلم أن يكون عنده وقت للفراغ ، لأنه يتقلب من طاعة إلى طاعة ، فإن لم يخرج من طاعة إلى أختها ، فإنه يخرج إلى المباح .
وينبغي أن يصلح فيه نيته ، ليكون له فيه أجر . كما قال معاذ رضي الله عنه : أما أنا فأقوم وأنام ، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي " رواه البخاري (6923) ومسلم (1854)
والمشكلة التي تعاني منها الأخت سببها عدة أشياء :
أولا :
أنها لا تعرف قيمة الوقت ، وهذا حال أكثر الناس كما سبق ، بل الأدهى من ذلك أن هذه النعمة العظيمة ، بإهمالها ، والتفريط فيها ، صارت فراغاً مدمراً ، فاعتبرته عدواً لها ، فهي " تقتله " ولم تدر أنها تقتل نفسها .
ثانيا :
أنها تحس بالاكتئاب ، ولا شك أن إهدار الوقت ، وإضاعة الحياة تسبب اكتئابا شديدا لدى الإنسان ، لأنه يحس أنه مثل الدابة التي تأكل لتنام ، وتنام لتأكل ، ولهذا نرى كثيرا من أهل الكفر ينهون حياتهم بالانتحار ، بعد إصابتهم بالاكتئاب والأمراض المستعصية ، عافانا الله مما ابتلاهم به ، كما أن من أول وأهم أسباب الاكتئاب معصية الله عز وجل ، ولا شك أن إضاعة الوقت في النظر لجهاز التلفاز يؤدي بالإنسان إلى ارتكاب المعصية ، من النظر المحرم ، وسماع المحرم ، وتضييع الوقت ، وغير ذلك مما يسببه هذا الجهاز المفسد ، والفوائد التي تجنيها الأخت في جلوسها في حلقة تحفيظ القرآن الكريم تذهب كثير منها أو كلها بجلوسها أمام التلفاز ، فكما أن الحسنات يذهبن السيئات ، فذلك السيئات تضيع الحسنات .
ثالثا :
أنها تستسلم كثيرا لنفسها في مسألة الوقت ، فليس لديها من العزم ما يقويها على ملء وقتها بما هو مفيد .
ولحل مثل تلك المشكلة ، فإنه يجب على الأخت الفاضلة الحرص على النقاط التالية :
1. العبادات من الأذكار والأوراد والصلوات وتلاوة القرآن والصيام والتفكّر في آيات الله وآلائه .
2. بخصوص القرآن الكريم ، وقد أشارت السائلة إلى أنها تحفظ المطلوب منها ، ثم يبقى عندها من الفراغ ما تقتله بالتلفاز ، فلِمَ لا تحييه بذكر الله ، والاجتهاد في تلاوة القرآن ، والزيادة في القدر المحفوظ حتى تكمل حفظه ، قبل أن تنشغل بأعباء الحياة ، إن كل حرف بحسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، إن كل آية هي رِفْعَة وزيادة ، هي رقي وكمال ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا ) رواه أبو داود (1464) وصححه الألباني في الصحيحة (2240)
3. تبني قضية من قضايا المسلمات في البلد الذي تعيش فيه ، كالمساهمة في تدريس البنات المسلمات ودعم المشاريع الخيرية ونحو ذلك .
4. الرفقة الصالحة باجتماعاتها والجيرة الطيبة بزياراتها .
5. القراءة في الكتب الإسلامية خاصة والقصص المفيدة عامة .
6. الانخراط في مجال الدعوة والأنشطة النسائية ورياض الأطفال في المراكز الإسلامية.
7. سماع الأشرطة والمحاضرات وتلخيصها وتوزيع الملخّص على من يستفيد منه .
8. تعلم بعض العلوم الدنيوية المفيدة من طبخ وخياطة ونحو ذلك .
9. اتخاذ الكمبيوتر والبرامج المفيدة وهو حقل واسع وبحر كبير يأخذ وقتا طويلا ويُمكن استثماره في عمل كثير من الأشياء الطيبة والمفيدة ، وهذا يغني عن الجلوس أمام شاشة التلفاز التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، وتضر أكثر مما تنفع .
vBulletin® v3.8.12 by vBS, Copyright ©2000-2025