تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التوحيد ( تعريفه - أنواعه - بركاته - أقسامه )


ياسمين حلمى شافع
07-11-2009, 04:27 PM
بركات التوحيد
اعداد شوقى عبد الصادق
مجلة التوحيد

الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، فقد قال تعالى «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ» محمد
وهذا العلم هو خير ما علمه النبي والنبيون قبله، وخير كلمة نطق بها النبي والنبيون قبله، وهذه الكلمة هي الكلمة الطيبة التي اشتملت على الكفر بكل طاغوت يُعبد من دون الله من شجر أو حجر أو بشر، أو جن، أو مَلك، والإيمان بالله الواحد الأحد الفرد الصمد لقوله تعالى «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» البقرة ، والعروة الوثقى هي لا إله إلا الله
والإتيان بالتوحيد له بركات على الأفراد والجماعات، وفي الحياة الدنيا وبعد الممات، ومن هذه البركات
أولاً تحريم مال الموحد ودمه

لقوله عليه الصلاة والسلام «من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله»
ولما رواه مسلم أيضًا من حديث أسامة بن زيد لما قتل الرجل بعد أن قال لا إله إلا الله، وتوقف الأنصاري عن القتل وذكر ذلك للنبي ، فقال له «يا أسامة، أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله» قال قلت يا رسول الله، إنما كان متعوذًا، قال فقال «أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله» قال فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم مسلم
ثانيًا التوحيد عمل قليل وثواب جزيل

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله «من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة، كانت له عدل عَشْرِ رقاب وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد فأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك» اللؤلؤ والمرجان
وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي قال «من قال عشرًا لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل» اللؤلؤ والمرجان
ففي الحديث الأول يُحصل الموحد بهذا الذكر خمس فضائل ؛ أولها يؤجر كمن أعتق عشر رقاب لله، ثانيها كتبت له مائة حسنة، ثالثها محيت عنه مائة سيئة، ورابعها كانت له حرزًا من الشيطان سائر اليوم حتى يمسي، وخامسها السبق بالفضيلة على كل من لم يقل مثل قوله، وهذا أمر هين لك أن تقوله جميعًا أو متفرقًا في أول النهار وأثنائه، ولكن أوله أولى
وكذلك حديث «من دخل سوقًا من الأسواق فقال لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة، ومَحى عنه ألف ألف سيئة» حسنه الألباني بمجموع طرقه في الكلم الطيب ، وابن كثير
ثالثًا التوحيد راحة للبال وهدوء للنفس

قال تعالى في حق أهل بدر الموحدين الذين لم يشركوا بربهم شيئًا ولا يستغيثون إلا به ولا يرجون إلا هو «إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ» الأنفال ، فتوحيد الله وصدق التوجه إليه، والاستغاثة به وحده كان سببًا في نزول الملائكة للبشارة والاطمئان، ولَفَّهُمُ النعاسُ راحة وأمنة من الرحمن، وقريب من هذا قوله تعالى «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ» الزمر ، فأين هذا العبد المشرك الممزق بين آلهة وأسياد ومعبوادت متعددة، من الموحد السّلَم لربه الواحد الأحد؟ لا شك أن الموحد إذا سأل سأل إلهًا واحدًا، وإذا استعان استعان بإله واحد، بخلاف المشرك يسأل أكثر من إله فهو متعب ممزق
وعن عائشة رضي الله عنها قالت «كان رسول الله إذا تَضَوَّر من الليل قال لا إله إلا الله الواحد القهار رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار» الصحيحة
فهذا رسول الله يأمر الأمة بالتوحيد إذا أصابهم قلق عند النوم لتهدأ أنفسهم
رابعًا من بركات التوحيد كشف الكرب وذهاب الغم

قال الله تعالى «وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ» الأنبياء ، ، وقال تعالى «فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» الصافات ،
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي كان يقول عند الكرب «لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش الكريم» مسلم ج ص
قال النووي قال الطبري كان السلف يدعون به ويسمونه دعاء الكرب، وعن أسماء بنت عميس قالت قال لي رسول الله «ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب الله الله ربي لا أشرك به شيئًا» أبو داود ح
خامسًا التوحيد أثقل ما وضع في الميزان

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي قال «إن الله سيُخلصُ رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مد البصر، ثم يقول له أتنكر من هذا شيئًا ؟ أظلمتك كتبتي الحافظون؟ قال لا يا رب، فيقول ألك عذر أو حسنة ؟ فيبهت الرجل فيقول لا يا رب، فيقول بلى إن لك عندنا حسنة واحدة، لا ظلم اليوم عليك فتُخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، فيقول أحضروه، فيقول يا رب، وما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال إنك لا تظلم، قال فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة قال فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل شيء بسم الله الرحمن الرحيم» صححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وحسنه الترمذي
سادسًا التوحيد أساس قبول الأعمال

قال تعالى «فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا» الكهف
فشرط قبول العمل الإخلاص لله فيه، والمتابعة للنبي ، أي يكون العمل صوابًا
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي يرويه عن ربه عز وجل أنه قال «أنا خير الشركاء، فمن عمل عملاً أشرك فيه غيري فأنا بريء، وهو للذي أشرك» مسلم
وروى النسائي بسند جيد قال رسول الله «إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا وابتغي به وجهه»
سابعًا مغفرة الذنوب من بركات التوحيد

لقوله تعالى «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ» النساء
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله «إن الله ليعجب إلى العبد إذا قال لا إله إلا أنت، إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قال عبدي عرف أن له ربًا يغفر ويعاقب» الصحيحة
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله «ما من نفس تموت وهي تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، يرجع ذلك إلى قلب موقن إلا غفر الله لها» الصحيحة
وعن أنس رضي الله عنه قال رسول الله يقول «قال الله تعالى يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة» الترمذي في الجامع ، وله شاهد عند مسلم في الصحيح
ثامنًا الموحدون شفعاء في الدنيا والآخرة وهم أسعد الناس بشفاعة النبي

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله «ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئًا إلا شفعهم الله فيه» مختصر مسلم
وعن أبي هريرة أن النبي قال «أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصًا من قبله أو نفسه»
تاسعًا من بركات التوحيد التمكين في الأرض

قال الله تعالى «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» النور ، وتتجلى هذه الصورة فيما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟ قالوا نعم يا رسول الله، قال لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفًا من بني إسحاق فإذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا لا إله إلا الله، والله أكبر فيسقط أحد جانبيها، قال ثور لا أعلمه إلا قال الذي في البحر ثم يقولون الثانية لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر ثم يقولون الثالثة لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلوا فيغنموا، فبينما هم يقتسمون المغانم إذ جاءهم الصريخ، فقال إن الدجال قد خرج فيتركون كل شيء ويرجعون مسلم
وقال النووي في شرحه للحديث قال بعضهم المعروف المحفوظ من بني إسماعيل وهو الذي يدل عليه الحديث وسياقه لأنه إنما أراد العرب، وهذه المدينة هي القسطنطينية اهـ
فعلى المسلمين إن أرادوا التمكين في الأرض أن يأتوا بالتوحيد كاملاً غير منقوص قبل أي إعداد من علوم ومن عَدد وعُدد، فهذا الفتح المنصوص عليه في الحديث بدون سلاح، وإنما بالتوحيد الفعلي، ثم القولي، فهو قذائف الحق من قلوب شهدت أنه لا إله إلا الله ففتح الله لها، ولا يأتي الفتح لأقوام أُشربت قلوبهم الشرك والبدعة مهما أوتوا من قوة
عاشرًا من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب

لما رواه البخاري قال رسول الله «يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون» البخاري
وفي رواية «هم الذين لا يتطيرون ولا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون»
لا يتطيرون لا يتشاءمون
لا يسترقون لا يطلبون الرقية على خلاف بين العلماء في ذلك
يكتوون يستخدمون الكي في علاج الأمراض
فهذا العدد السبعون ألفًا حقق التوحيد فأدخلوا الجنة بغير حساب ولا عذاب، وفي رواية أن رسول الله قال «رب زدني، فقال مع كل ألف سبعون ألفًا»
حادي عشر الموحدون لا يُخلدون في النار وإن دخلوها
قال تعالى «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا» النساء ، وقال تعالى «إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيمًا» النساء ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله «يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان» الصحيحة
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله «يعذب ناس من أهل التوحيد في النار حتى يكونوا فيها حُممًا ثم تدركهم الرحمة فيخرجون ويطرحون على أبواب الجنة فيرش عليهم أهل الجنة الماء فينبتُون كما ينبت الغُثاء في حمالة السيل ثم يدخلون الجنة» الصحيحة
وقد لا تمس النار الموحد أصلاً لما رواه أبو هريرة وأبو سعيد أنهما شهدا على رسول الله أنه قال «إذا قال العبد لا إله إلا الله والله أكبر، قال الله عز وجل صدق عبدي، لا إله إلا أنا وأنا أكبر، وإذا قال العبد لا إله إلا الله وحده، قال الله صدق عبدي، لا إله إلا أنا وحدي، وإذا قال لا إله إلا الله لا شريك له، قال صدق عبدي، لا إله إلا الله أنا ولا شريك لي، وإذا قال لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، قال صدق عبدي، لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد، وإذا قال لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال صدق عبدي، لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي، من رُزقهن عند موته لم تمسه النار» الصحيحة
وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة التي نوه إليها الطحاوي رحمه الله بقوله وأهل الكبائر من أمة محمد في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون، وإن لم يكونوا تائبين بعد أن لقوا الله عارفين، وهم في مشيئته وحكمه، إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله كما ذكر عز وجل، «وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ»، وإن شاء عذبهم في النار بعدله ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته ثم يبعثهم إلى جنته، وذلك بأن الله تعالى تولى أهل معرفته ولم يجعلهم في الدارين كأهل نكرته، الذين خابوا من هدايته ولم ينالوا من ولايته شرح العقيدة الطحاوية ،

ياسمين حلمى شافع
07-11-2009, 04:28 PM
تعريف التوحيد و أنواعه

فضيلة الشيخ : صالح العثيمين

التوحيد لغة : " مصدر وحَّد يوحد ، أي جعل الشيء واحدًا "، وهذا لا يتحقق إلا بنفي وإثبات ، نفي الحكم عما سوى الموحَّد ، وإثباته له، فمثلاً نقول: إنه لا يتم للإنسان التوحيد حتى يشهد أن لا إله إلا الله فينفي الألوهية عما سوى الله عز وجل ويثبتها لله وحده ، وذلك أن النفي المحض تعطيل محض، والإثبات المحض لا يمنع مشاركة الغير في الحكم ، فلو قلت مثلاً : " فلان قائم " فهنا أثبت له القيام؛ لكنك لم توحده به، لأنه من الجائز أن يشاركه غيره في هذا القيام، ولو قلت: " لا قائم " فقد نفيت نفيـًا محضـًا ولم تثبت القيام لأحد ، فإذا قلت : " لا قائم إلا زيد " فحينئذٍ تكون وحدت زيدًا بالقيام حيث نفيت القيام عمن سواه ، وهذا هو تحقيق التوحيد في الواقع ، أي أن التوحيد لا يكون توحيدًا حتى يتضمن نفيـًا وإثباتـًا .

وأنواع التوحيد بالنسبة لله ـ عز وجل ـ تدخل كلها في تعريف عام ، وهو " إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به " .
وهي حسب ما ذكره أهل العلم ثلاثة :
الأول : توحيد الربوبية .
الثاني : توحيد الألوهية .
الثالث : توحيد الأسماء والصفات .

وعلموا ذلك بالتتبع والاستقراء والنظر في الآيات والأحاديث، فوجدوا أن التوحيد لا يخرج عن هذه الأنواع الثلاثة فنوعوا التوحيد إلى ثلاثة أنواع :

الأول : توحيد الربوبية
وهو " إفراد الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالخلق ، والملك ، التدبير " وتفصيل ذلك:

أولاً : بالنسبة لإفراد الله ـ تعالى ـ بالخلق : فالله تعالى وحده هو الخالق لا خالق سواه قال الله تعالى : ( هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو )(فاطر/3) ، وقال تعالى مبينـًا بطلان آلهة الكفار : ( أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون )(النحل/17) ، فالله ـ تعالى ـ وحده هو الخالق ، خلق كل شيء فقدره تقديرًا ، وخلقه يشمل ما يقع من مفعولاته ، وما يقع من مفعولات خلقه أيضـًا ، ولهذا كان من تمام الإيمان بالقدر أن تؤمن بأن الله ـ تعالى ـ خالقٌ لأفعال العباد كما قال الله ـ تعالى ـ : ( والله خلقكم وما تعملون )(الصافات/96) .

ووجه ذلك أن فعل العبد من صفاته ، والعبد مخلوق لله ، وخالق الشيء خالق لصفاته ، ووجه آخر أن فعل العبد حاصل بإرادة جازمة وقدرة تامة ، والإرادة والقدرة كلتاهما مخلوقتان لله ـ عز وجل ـ وخالق السبب التام خالق للمسبب .

فإن قيل : كيف نجمع بين إفراد الله ـ عز وجل ـ بالخلق مع أن الخلق قد يثبت لغير الله كما يدل عليه قول الله ـ تعالى ـ : ( فتبارك الله أحسن الخالقين )(المؤمنون/14) ، وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المصورين : [ يقال لهم أحيوا ما خلقتم ] ؟
فالجواب على ذلك : أن غير الله ـ تعالى ـ لا يخلق كخلق الله ، فلا يمكنه إيجاد معدوم ، ولا إحياء ميت ، وإنما خلْقُ غير الله ـ تعالى ـ يكون بالتغيير وتحويل الشيء من صفة إلى صفة أخرى وهو مخلوق لله ـ عز وجل ـ ، فالمصور مثلاً ، إذا صور صورة فإنه لم يحدث شيئـًا غاية ما هنالك أنه حول شيئـًا إلى شيء كما يحول الطين إلى صورة طير أو صورة جمل ، وكما يحول بالتلوين الرقعة البيضاء إلى صورة ملونة فالمداد من خلق الله ـ عز وجل ـ ، والورقة البيضاء من خلق الله ـ عز وجل ـ ، هذا هو الفرق بين إثبات الخلق بالنسبة إلى الله ـ عز وجل ـ وإثبات الخلق بالنسبة إلى المخلوق ، وعلى هذا يكون الله ـ سبحانه وتعالى ـ منفردًا بالخلق الذي يختص به .

ثانيـًا : إفراد الله ـ تعالى ـ بالملك : فالله ـ تعالى ـ وحده هو المالك كما قال الله ـ تعالى ـ : ( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير )(الملك/1) ، وقال ـ تعالى ـ : ( قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه )(المؤمنون/88) ، فالمالك الملك المطلق العام الشامل هو الله ـ سبحانه وتعالى ـ وحده ،ونسبة الملك إلى غيره نسبة إضافية ، فقد أثبت الله ـ عز وجل ـ لغيره الملك كما في قوله ـ تعالى ـ : ( أو ما ملكتم مفاتحه )(النور/61) ، وقوله : ( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم )(المؤمنون/6) ، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أن لغير الله ـ تعالى ـ ملكـًا لكن هذا الملك ليس كملك الله ـ عز وجل ـ فهو ملك قاصر ، وملك مقيد ، ملك قاصر لا يشمل ، فالبيت الذي لزيد لا يملكه عمرو ، والبيت الذي لعمرو لا يملكه زيد ، ثم هذا الملك مقيد بحيث لا يتصرف الإنسان فيما ملك إلا على الوجه الذي أذن الله فيه ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم ، عن إضاعة المال وقال الله ـ تبارك وتعالى ـ : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامـًا )(النساء/5) ، وهذا دليل على أن ملك الإنسان قاصر وملك مقيد ، بخلاف ملك الله ـ سبحانه وتعالى ـ فهو ملك عام شامل ، وملك مطلق .. يفعل الله ـ سبحانه وتعالى ـ ما يشاء ولا يُسأل عما يفعل وهم يسئلون .

ثالثـًا : إفراد الله ـ تعالى ـ بالتدبير : فالله ـ عز وجل ـ منفرد بالتدبير فهو الذي يدبر الخلق ويدبر السموات والأرض ، كما قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ : ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )(الأعراف/54) ، وهذا التدبير شامل لا يحول دونه شيء ولا يعارضه شيء ، والتدبير الذي يكون لبعض المخلوقات كتدبير الإنسان أمواله وغلمانه وخدمه وما أشبه ذلك هو تدبير ضيق محدود ، ومقيد غير مطلق فظهر بذلك صدق صحة قولنا إن توحيد الربوبية هو " إفراد الله بالخلق والملك والتدبير " .

النوع الثاني : توحيد الألوهية
وهو " إفراد الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالعبادة " بأن لا يتخذ الإنسان مع الله أحدًا يعبده ويتقرب إليه كما يعبد الله ـ تعالى ـ ويتقرب إليه ، وهذا النوع من التوحيد هو الذي ضل فيه المشركون الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم ، واستباح دماءهم وأموالهم وأرضهم وديارهم وسبي نساءهم وذريتهم ، وهو الذي بعثت به الرسل وأنزلت به الكتب مع أخويه توحيدي الربوبية ، والأسماء والصفات ، لكن أكثر ما يعالج الرسل أقوامهم على هذا النوع من التوحيد ـ وهو توحيد الألوهية ـ بحيث لا يصرف الإنسان شيئـًا من العبادة لغير الله ـ سبحانه وتعالى ـ لا لملك مقرب ، ولا لنبي مرسل ، ولا لولي صالح ، ولا لأي أحد من المخلوقين ؛ لأن العبادة لا تصح إلا لله ـ عز وجل ـ ، ومن أخل بهذا التوحيد فهو مشرك كافر وإن أقر بتوحيد الربوبية ، وبتوحيد الأسماء والصفات ، فلو أن رجلاً من الناس يؤمن بأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ المستحق لما يستحقه من الأسماء والصفات ، لكن يعبد مع الله غيره لم ينفعه إقراره بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات ، فلو فرض أن رجلاً يقر إقرارًا كاملاً بتوحيد الربوبية وتوحيد الاسماء والصفات ، لكن يذهب إلى القبر فيعبد صاحبه أو ينذر له قربانـًا يتقرب به إليه فإن هذا مشرك كافر خالد في النار ، قال الله ـ تبارك وتعالى ـ : ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار )(المائدة/72) .

ومن المعلوم لكل من قرأ كتاب الله ـ عز وجل ـ أن المشركين الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم ، واستحل دماءهم ، وأموالهم وسبى نساءهم ، وذريتهم ، وغنم أرضهم كانوا مقرين بأن الله ـ تعالى ـ وحده هو الرب الخالق لا يشكون في ذلك ، ولكن لما كانوا يعبدون معه غيره صاروا بذلك مشركين مباحي الدم والمال .

النوع الثالث : توحيد الأسماء والصفات
وهو " إفراد الله ـ سبحانه وتعالى ـ بما سمّى الله به نفسه ، ووصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، وذلك بإثبات ما أثبته من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ، ولا تمثيل " .
فلابد من الإيمان بما سمى الله به نفسه ووصف به نفسه على الوجه الحقيقة لا المجاز ، ولكن من غير تكييف ، ولا تمثيل ، وهذا النوع من أنواع التوحيد ضل فيه طوائف من هذه الأمة من أهل القبلة الذين ينتسبون للإسلام على أوجه شتى :

منهم من غلا في النفي والتنزيه غلوًا يخرج به من الإسلام ، ومنهم متوسط ، ومنهم قريب من أهل السنة ، ولكن طريقة السلف في هذا النوع من التوحيد هو أن يسمي الله ويوصف بما سمى ووصف به نفسه على وجه الحقيقة ، لا تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ، وتمثيل .
مثال ذلك : أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ سمى نفسه بالحي القيوم ، فيجب علينا أن نؤمن بأن الحي اسم من أسماء الله ـ تعالى ـ ويجب علينا أن نؤمن بما تضمنه هذا الاسم من وصف وهي الحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء .

وسمى الله نفسه بالسميع ، فعلينا أن نؤمن بالسميع اسمـًا من أسماء الله ـ سبحانه وتعالى ـ وبالسمع صفة من صفاته ، وبأنه يسمع وهو الحكم الذي اقتضاه ذلك الاسم وتلك الصفة ، فإن سمعيـًا بلا سمع أو سمعـًا بلا إدراك مسموع هذا شيء محال وعلى هذا فقس .
مثال آخر : قال الله ـ تعالى ـ : ( وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء )(المائدة/64) ، فهنا قال الله ـ تعالى ـ ( بل يداه مبسوطتان ) فأثبت لنفسه يدين موصوفتين بالبسط وهو العطاء والنعم ، ولكن يجب علينا أن لا نحاول بقلوبنا تصورًا ، ولا بألسنتنا نطقـًا أن نكيف تلك اليدين ولا أن نمثلها بأيدي المخلوقين، لأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ يقول: ( ليس كمثله شيء وهو السميع العليم )(الشورى/11) ، ويقول الله ـ تعالى ـ : ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانـًا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )(الأعراف/33) ، ويقول ـ عز وجل ـ : ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا )(الإسراء/36) .

فمن مثَّل هاتين اليدين بأيدي المخلوقين فقد كذّب قول الله ـ تعالى ـ : ( ليس كمثله شيء ) (الشورى/11) ، وقد عصى الله ـ تعالى ـ في قوله : ( فلا تضربوا لله الأمثال )(النحل/74) .

ومن كيفهما وقال هما على كيفية معينة أيـًّا كانت هذه الكيفية فقد قال على الله ما لا يعلم وقفى ما ليس له به علم .
ونضرب مثالاً ثانيـًا في الصفات : وهو استواء الله على عرشه فإن الله ـ تعالى ـ أثبت لنفسه أنه استوى على العرش في سبعة مواضع من كتابه كلها بلفظ ( استوى ) وبلفظ ( على العرش ) وإذا رجعنا إلى الاستواء في اللغة العربية وجدناه إذا عدي بعلى لا يقتضي إلا الارتفاع والعلو ، فيكون معنى قوله ـ تعالى ـ : ( الرحمن على العرش استوى )(طه/5) ، وأمثالها من الآيات ، أنه علا على عرشه علوًا خاصـًا غير العلو العام على جميع الأكوان ، وهذا العلو ثابت لله ـ تعالى ـ على وجه الحقيقة فهو عالٍ على عرشه علوًا يليق به ـ عز وجل ـ لا يشبه علو الإنسان على السرير ، ولا علوه على الأنعام ، ولا علوه على الفلك الذي ذكره الله في قوله : ( وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون * لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه * وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرين وإنا إلى ربنا لمنقلبون )(الزخرف/13ـ15) .
فاستواء المخلوق على شيء لا يمكن أن يماثله استواء الله على عرشه ؛ لأن الله ليس كمثله شيء .

وقد أخطأ خطأ عظيمـًا من قال إن معنى استوى على العرش استولى على العرش ؛ لأن هذا تحريف للكلم عن مواضعه ، ومخالف لما أجمع عليه الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ والتابعون لهم بإحسان ، ومستلزم للوازم باطلة لا يمكن لمؤمن أن يتفوه بها بالنسبة لله عز وجل ـ والقرآن الكريم نزل باللغة العربية بلا شك كما قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ : ( إنا جعلناه قرآنـًا عربيـًا لعلكم تعقلون ) (الزخرف/3) .

ومقتضى صيغة " استوى على كذا " في اللغة العربية العلو والاستقرار ، بل هو معناها المطابق للفظ ، فمعنى استوى على العرش أي : علا عليه علوًا خاصـًا يليق بجلاله وعظمته ، فإذا فسر الاستواء بالاستيلاء فقد حرف الكلم عن مواضعه حيث نفى المعنى الذي تدل عليه لغة القرآن وهو العلو وأثبت معنى آخر باطلاً .

ثم إن السلف والتابعين لهم بإحسان مجمعون على هذا المعنى إذ لم يأت عنهم حرف واحد في تفسيره بخلاف ذلك ، وإذا جاء اللفظ في القرآن والسنة ولم يرد عن السلف تفسيره بما يخالف ظاهره فالأصل أنهم أبقوه على ظاهره واعتقدوا ما يدل عليه .
فإن قال قائل : هل ورد لفظ صريح عن السلف بأنهم فسروا استوى بـ ( علا ) ؟
قلنا : نعم ورد ذلك عن السلف ، وعلى فرض أن لا يكون ورد عنهم صريحـًا فإن الأصل فيما دل عليه اللفظ في القرآن الكريم والسنة النبوية أنه باقٍ على ما تقتضيه اللغة العربية من المعنى فكيون إثبات السلف له على هذا المعنى .

أما اللوازم الباطلة التي تلزم من فسر الاستواء بالاستيلاء فهي :
أولاً : أن العرش قبل خلق السموات والأرض ليس ملكـًا له ـ تعالى ـ لأن الله ـ تعالى ـ قال : ( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش )(الأعراف/54) .

وعلى هذا فلا يكون الله مستوليـًا على العرش قبل خلق السموات ولا حين خلق السموات والأرض .

ثانيـًا : أنه يصح التعبير بقولنا إن الله استوى على الأرض ، واستوى على أي شيء من مخلوقاته ، وهذا بلا شك ولا ريب معنى باطل لا يليق بالله ـ عز وجل ـ .
ثالثـًا : أنه تحريف للكلم عن مواضعه .
رابعـًا : أنه مخالف لإجماع السلف الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ .
وخلاصة الكلام في هذا النوع ـ توحيد الأسماء والصفات ـ أنه يجب علينا أن نثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله من الأسماء والصفات على وجه الحقيقة من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل .

ياسمين حلمى شافع
07-11-2009, 04:31 PM
أقسام التوحيد
لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز

ما هي أقسام التوحيد، وهل لابد للإنسان أن يتعرف عليها؟

أقسام التوحيد ثلاثة: توحيد الإلهية ، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وإذا عرفها المؤمن ولو ما عرف الأقسام، إذا كان قد وحد الله ،وآمن بأن الله ربه، وإلهه ، ومعبوده الحق، وأنه ذو الأسماء الحسنى والصفات العلى، لا شبيه له، ولا كفؤ له ، كفى، ولو لم يعرف الأقسام، لكن إذا عرفها يكون من العلم الطيب. فالقسم الأول توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون ، وهو أن يؤمن العبد بأن الله هو الخلاق الرزاق ، وهو الذي خلق الجميع، وهو الخلاق العليم خلق الأرض وخلق السماء، وخلق الجن، وخلق بني آدم، وخلق كل شيء ؛ كما قال سبحانه: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [(62) سورة الزمر]. وقد أقر بهذا المشركون، قال تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [(87) سورة الزخرف]. وقال تعالى: قُلْ يعني قل للمشركين - مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ [(31) سورة يونس]. - يعني يعترفون بأن ربهم الله هو الخلاق الرزاق المحي المميت الذي يرزقهم - سبحانه وتعالى-، وهو الذي يدبر الأمور، هذا أقروا به ، ولكن لم يدخلهم في الإسلام ؛ لأنهم لم يأتوا بالتوحيد الثاني ، وهو توحيد العبادة، وهو تخصيص الله بالعبادة الذي هو معنى: "لا إله إلا الله"، ومعناها: لا معبود حق إلا الله، وهذا معنى قوله سبحانه في سورة الحج: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [(62) سورة الحـج]. ومعنى قوله: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء [(5) سورة البينة]. ومعنى قوله: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ [(2) سورة الزمر]. ومعنى قوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [(23) سورة الإسراء]. ومعنى قوله سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [(5) سورة الفاتحة]. لابد من هذا، وهذا هو الذي جحده المشركون وأنكروه ، وجادلوا دونه وصارت بينهم وبين الرسل العداوة والشحناء ، وهدى الله من هدى له ممن سبقت له السعادة، وهو الإيمان بأنه لا معبود حق إلا الله، وهذا هو معنى لا إله إلا الله، أي لا معبود حق إلا الله، قال جل وعلا: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [(163) سورة البقرة]. وقال سبحانه: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ [(19) سورة محمد]. وقال جل وعلا عن المشركين: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ* وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ [سورة الصافات [(35)(36)]. وقال في سورة ص عن الكفرة أنهم قالوا: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [(5) سورة ص]. فالمشركون أنكروا هذا، لأنهم اعتادوا عبادة الأصنام والشمس والقمر والنجوم. الكفار أقسام: الكفار العرب اعتادوا عبادة الأصنام والأموات والأحجار والأشجار؛ كما قال تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى [(19- 23) سورة النجم]. فاللات رجل صالح كان يلت السويق للحاج، كان .... الحجاج ، ويلت لهم السويق، فعبدوه وعبدوا صخرته التي كان يلت عليها. والعزى شجرة بين الطائف ومكة كانوا يعبدونها، تعبدها قريش وتدعوها، وكان فيها جني يلبسون عليهم ، ويتكلمون من داخلها. ومناة صخرة بالمشلل عند قديد في طرق المدينة كان يعبدها الأوس والخزرج وغيرهم ، فأنزل الله فيها ما أنزل وأبطلها ، وكان حول الكعبة حين دخلها النبي - صلى الله عليه وسلم - وفتح الله عليه ثلاثمائة وستون صنما، كلها حول الكعبة، منها هبل الذي يعظمونه ، والذي قال فيه أبو سفيان يوم أحد: اعلوا هبل، قال الرسول لهم: قولوا: الله أعلى وأجل. قال: لنا العزى ولا عزى لكم. قال الرسول لهم يوم أحد: (قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم. فهذه الآلهة التي يعبدونها من دون الله كلها باطلة ، سواء كانت من الشجر أو من الحجر أو من الأموات أومن الكواكب أو غير هذا، وهذا يسمى توحيد الإلهية ، وهو معنى لا إله إلا الله، وهو الذي أنكره المشركون ، وجالدوا دونه ، وقاتلوا ، وجاءت به الرسل، ودعت إليه الرسل، قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [(36) سورة النحل]. وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [(25) سورة الأنبياء]. ولابد مع هذا التوحيد من الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم-، والشهادة بأنه رسول الله ، وأنه خاتم الأنبياء، لابد من هذا، ولابد أيضاً من الإيمان بجميع ما أخبر الله به ورسوله مما كان وما يكون ، لا يتم التوحيد والإيمان إلا بهذا، يعني لابد من الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله في القرآن أو في السنة الصحيحة، من أمر الآخرة ، والجنة والنار، والحساب والجزاء والصراط ، وغير ذلك، ولابد من الإيمان بأن الله أرسل الرسل، وأنزل كتب ، كما بين في كتابه العظيم، كالتواراة والإنجيل والزبور ، وصحف إبراهيم وموسى كل هذا لابد منه ، الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله. والتوحيد الثالث : توحيد الأسماء والصفات ، وهو الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله عن أسمائه وصفاته ، لابد من الإيمان بذلك، وأنه سبحانه له الأسماء الحسنى وله الصفات العلى، لا شبيه له ولا كفؤ له ، ولا ند له؛ كما قال عز وجل: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [(180) سورة الأعراف]. وقال سبحانه: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [(1) سورة الفاتحة]. هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [(23) (24) سورة الحشر]. لابد من الإيمان بهذه الأسماء ومعانيها ، فله الأسماء الحسنى ، وله معانيها ، هو ذو الرحمة ، ذو العلم ، ذو القدرة ، ذو العزة ، ذو الحلم، الأسماء لها معاني، فالرحمن معناها الرحمة، والإله معناه أنه إله الخلق ومعبودهم ، والعزيز معناه العزيز الذي لا يغالب ، بل قد غلب كل شيء، والرحيم الذي له الرحمة الواسعة - سبحانه وتعالى - ، والحكيم له الحكمة، لا يفعل شيئا عبثا ولا سدى ، بل كل شيء عن حكمة، ليس عبثا، وهكذا هو العليم الذي يعلم كل شيء ، ولا يخفى عليه شيء - سبحانه وتعالى - إلى غير ذلك ، هذه أقسام التوحيد الثلاثة.

taleb 3elm
07-11-2009, 08:47 PM
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

هشام حلمي شلبي
03-17-2010, 07:16 PM
أمثال محرمة

للأسف الشديد أغلبنا يستعملها
رزق الهبل على المجانين!!


فالرزق هو لله وحدة ولا أحد يملك لنفسه
ولا لغيره رزقاً ولا نفعاً ولاموتاً ولا نشوراً،
قال الله فى كتابه العزيز:{ إنَّ اْللهَ هُوَ الرَّزَّاقٌ ذُو القُوَّةِ المَتيِنُ } الذاريات:5
فالرزق بيد الله سبحانه وتعالى يقسمه لحكمة لا يعلمها إلا هو...

لا بيرحم ولا يخلى رحمة ربنا تنزل !!


كلمة لا ينبغي لنا أن نقولها على الإطلاق...
فالله تعالى لا يؤوده شئ ولا ينازعه فى سلطانه منازع
قال الله جل و علا: { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا
وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } فاطر:2
فمن هذا المخلوق الذي يستطيع أن يمنع رحمة الله ، فهذا القول لا يجوز

ثور الله في برسيمه!!



كلمة عجيبة، هل هناك ثور لله !! وثيران أخرى للناس !!،
و لماذا ثور الله يرمز له بالغباء والبلاهة من دون الثيران الأخرى ؟!!
كلام محرم.. غير أنه سوء أدب مع الله تعالى....
قال تعالى: { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } نوح:13
أنا عبد المأمور !!



هذه كلمة خاطئة لأننا كلنا عبيد لله الواحد الأحد القهار،
هي توحي أن قائلها ليس عليه أي ذنب إذا أمره رئيسه بفعل ما يغضب الله،
والحقيقة غير ذلك ، فكل إنسان مسئول عن أفعاله مسئولية كاملة،
فعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال:
'على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره،
إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة '
مُتَّفَقٌ عَلَيهِ
يا مستعجل عطلك الله !!


وطبعا الغلط واضح فالله جل شأنه لا يعطل أحدا.
ولكن العجلة (الاستعجال) هي خطأ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه،
عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
( التأني من الله والعجلة من الشيطان.. )
الحديث رواه أبو يعلى و رجاله رجال الصحيح/

انظر صحيح الترغيب و الترهيب للألباني المجلد الثاني (برقم-1572).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت
فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه،
وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت
فيكتب الله له بها سخطه إلى يوم القيامة )
رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه
وروى الترمذي والحاكم المرفوع منه وصححاه
وانظر صحيح الترغيب و الترهيب للألباني المجلد الثاني (برقم-2247).

البقية في حيا تك !! ما هذه البقية


لا حول ولا قوه إلا بالله هل يموت إنسان قبل انقضاء عمره
بحيث تكون البقية يرثها أحد أوليائه،
سبحان الله هذا بهتان عظيم.
لن يموت إنسان قبل أن يستكمل آخر لحظة في عمره قال تعالى:
{ فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون }

لا حول الله



وهنا يريد الاختصار .. ولكن المعنى نفي أن يكون لله حول أو قوة..
الباقي على الله


هذه الكلمة دائما ما تتردد على لسان الأطباء ومن أنجز عملا..
وهي مذمومة شرعا .....
والواجب علينا التأدب مع الله..
والأحرى أن يقال: أديت ماعلي والتوفيق من الله

شاء القدر


لأن القدر أمر معنوي والله هو الذي يشاء (سبحانه) ...
فلان شكله غلط


وهو من أعظم الأغلاط الجارية على ألسنة الناس .....
لأن فيه تسخط من خلق الله وسخرية به ..
قال تعالى: ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )

الله يلعن السنة، اليوم، الساعة اللي شفتك فيها


اللعن (( الطرد من رحمة الله ))
وهذي من مشيئته وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
قال الله تعالى:
( يؤذيني ابن آدم , يسب الدهر , وأنا الدهر , أقلب الليل والنهار )
وفي رواية أُخرى.. لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر ..

زرع شيطاني أو طالع شيطاني


هذا قول خاطئ
فإن الشيطان، عليه لعنه الله، لا زرع له ولا خلق له
قال تعالى:
( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض
ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه )
والصواب نقول زرع رباني أو نبت رباني .....

((امسك الخشب))
((خمسه في عينك)) (( خمسه وخميسه))


أمسك الخشب ومثل هذه الاقوال لن تدفع حسدا ولن تغير من قدر الله شيئا،
بل هو من الشرك. ولا بأس من التحرز من العين
والخوف مما قد تسببه من الاذى فإن العين حق ولها تأثير
ولكن لا تأثير لها الا بإذن الله والتحرز من العين يكون بالرقية

وكانت رقية النبى صلى الله عليه وسلم:
(( اللهم رب الناس ، مذهب الباس ، اشف أنت الشافي
لا شافي إلا أنت شفاء لا يغادر سقما ))

والذي يجب عند الخوف من العين قوله تعالى:
(( مـا شـاء الله لا قوه الا بالله ))
فإن كان يعتقد أن الخشب بذاته أو الخمسة وخميسة تدفع الضر
من دون الله أو مع الله فهو شـرك أكبـر
وإن كان يعتقد أنها سبب والله هو النافع الضار
فهذا كذب على الشرع والقدر وهو ذريع للشرك فهو شرك أصغر
وغير ذلك الكثير الكثير، فالحذر الحذر أيها المسلمون يرحمكم الله