تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : صورة البيت المسلم


khaled88
05-14-2009, 05:29 PM
وفاء مشهور تكتب: صورة البيت المسلم
http://www.ikhwanonline.com/Data/2009/4/26/ikh13.jpg




أولاً: دوافع العمل على تكوين البيت المسلم
إن دور المسلم في بيته من أوجب واجباته لاعتبارات كثيرة، منها:
1- تكليف الله إياه بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ (التحريم: من الآية 6)، وقوله: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ (الشعراء: 214)، وقوله: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ (طه: من الآية 132).

2- إلقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم المسئولية على عاتقه، بقوله: "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، والإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته"، وقوله "خيركم خيركم لأهله"، وقوله: "وإن لأهلك عليك حقًّا".

3- تكوين البيت المسلم خطوة مهمة في طريق الإصلاح الذي التقينا عليه؛ إذ هو الأساس الذي يقوم عليه بناء المجتمع المسلم المنشود.

4- تحقيق التوازن والتوازي في خطوط العلم المختلفة، فربما تعلو الأخت المسلمة المجاهدة في الدعوة وتتسع دائرة حركتها، وكثيرًا ما يقترن هذا للأسف بضعف تكوين بيت مسلم، ومن ثَمَّ اقتضى الأمر وقفة مراجعة وتصحيح حتى يتحقق التوازن المطلوب ويتجنب خطر التعويق من قبل البيت إن طال إهماله والتقصير في حقه.

ثانيًا: خصائص البيت المسلم
1- التنشئة على التوحيد:
فإنه يمثل الحقيقة الكبرى التي يقوم عليها الوجود كله، ولهذا أولاه الأولون عناية فائقة فتجعل السنة المطهرة كلماته أول ما يطرق مسامع الوافد الجديد بالأذان في الأذن اليمنى والإقامة في اليسرى ونجد الصحابة حريصين على تعليم أبنائهم النطق بالشهادتين، وهكذا كانت أم سليم بابنها أنس بن مالك حتى ضجَّ أبوه المشرك، وقال: لا تفسدي عليَّ ولدي ثم هجرها إلى الشام حين وجد إصرارها وحرصها.

2- الاعتناء بالطاعات والعبادات (الحرص على الطاعات والعبادات):
حيث كانت الصالحات يحرصن على اصطحاب صغارهن شهود صلاة الجماعة وربما يسمع صوت بكاء الطفل فيخفف الرسول صلى الله عليه وسلم: الصلاة شفقةً عليه وعلى أمه، وقد كان الصحابة يصومون أبناءهم ويحملونهم إلى المساجد بعيدًا عن البيوت ويلهونهم بلعب العهن عن الجوع والعطش حتى ينقضي يوم الصيام.

3- تمكن قيم الأمانة ومراقبة الله والصدق:
وقد كان هذا واضحاً في سلوك الأطفال ومواقفهم. وقد رأيناه في موقف الابنة التي رفضت غش اللبن قائلةً كلمة المراقبة: "إذا كان عمر لا يرانا، فإن ربَّ عمر يرانا"، فلا عجب إذن أن يخرج من نسلها حفيدها الصالح عمر بن عبد العزيز. ورأيناه أيضًا في موقف الأم التي كانت تنادي ابنها وقد أطبقت يدها قائلةً: تعال أعط.. فيراها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فيسأل "ماذا أردت تعطيه؟" فتنفرج عن تمرة فيقول- صلى الله عليه وسلم-: "لو لم أجد هذه لكُتبت كذبة".

4- سمو الاهتمامات:
حيث كان القول المأثور للزوجة الصالحة وهي تودع زوجها أول النهار: اتقِ الله ولا تطعمنا إلا من حلال فإنا نصبر على الجوع، ولا نصبر على النار، ثم تبادره عند استقبالها إياه آخر النهار بقولها ماذا نزل اليوم من الحق؟ يا الله أين واقع الناس الآن من هذه الآفاق المشرقة؟.

5- الحرص على المشاركة في كل متطلبات الدعوة والاعتزاز بذلك:
فهذه أم سليم لا تجد ما تنفقه في سبيل الله ولكنها مع ذلك تشبع رغبتها في البذل بوهبها ابنها أنسًا خادمًا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهذه أخرى تذهب بغلامها إلى ساحة القتال وتعطيه سيفًا فلا يقدر على حمله فتربطه في ساعده وتقدمه أمام الرسول- صلى الله عليه وسلم- ثم تقف ترقبه غير بعيد فتأتيه إصابة ينفجر على أثرها دمه. وهذه نسيبة بنت كعب الأنصارية تخرج إلى أُحد مع زوجها وابنها وتثبت إلى جوار رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين انكشف الأبطال وأثنى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على هذا الموقف الفذ بقوله: "ما التفت يمنة ولا يسرة إلا وجدتها تقاتل دوني" ويقول لابنها: "لمقام أمك اليوم خير من مقام فلان وفلان، ومقام ربيبك (زوج أمك) خير من مقام فلان وفلان.." رحمكم الله أهل بيت: فتبادر هذه الصداقة باغتنام الفرصة وتطلب من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لأن يدعو لهم بمرافقته في الجنة فيفعل فتقول: ما أبالي بعد ذلك ما أصابني في الدنيا.

6- مراعاة هدي الرسول في كل شئون الحياة المنزلية:
ومن ذلك الطعام والشراب والنوم والدخول والخروج والتحية واللغة والأثاث وغيرها. وللإسلام أدبه وهديه في كل أمر من هذه الأمور. على الزوجين أن يتعاونا على معرفته والتزامه حتى تكون بيوتنا نماذج يحتذى بها ومشاعل يستضاء بنورها.

7- مراعاة قيم الجمال والنظافة والنظام:
فإنها سمة ظاهرة في البيوت المسلمة بحق تتميز عن غيرها فقد قال- صلى الله عليه وسلم-: "إن الله طيب يحب الطيب جميل يحب الجمال نظيف يحب النظافة جواد يحب الجود فنظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود".

8- تحصين البيت ضد التلوث الخلقي:
فيجب على الزوجين أن يكونا على يقظة تامة وفي حالة التأهب القصوى لسد المنافذ أمام جراثيم العلل الخلقية والاجتماعية والإعلامية وذلك بمقتضيات المسئولية التي جملنا إياها رسول لله- صلى الله عليه وسلم- بقوله: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته"، وكذلك لصد غارات التخريب والإفساد التي يشنها الأعداء في الداخل والخارج.

9- مراعاة المقامات وحفظ الحقوق:
فالزوجان يحكم علاقتهما التوجيه الرباني الكريم ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ (الروم: من الآية 21)، والأبوان يحفظ حقهما مثل قولته- سبحانه- ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ (النساء:من الآية 36) والأخوة تقوم الصلة بينهم على أساس قوله- صلى الله عليه وسلم-: "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا"، والقربات والأرحام: ترد الوصية بهم في مثل قوله- صلى الله عليه وسلم-: "بر أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك وأدناك" قوله: "الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته".

10- الاقتصاد في المعيشة:
والتوسط في النفقة بلا تقتير ولا تبذير عملاً بقوله ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (الأعراف: من الآية 31) وقوله تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)﴾ (الإسراء). وهذه ميمونة رضي الله عنها ترى حبة رمان ملقاة على الأرض فتلتقطها وتقول: (والله لا يحب الفساد)، وما أحوج الأمة إلى هذه المعاني خصوصًا في هذه الأوقات العصيبة.

11- مراعاة حقوق الجيران ومن ذلك:
* دعوتهم إلى الخير والصلاح: امتثالاً لأمر الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "ليعلمن قومٌ جيرانهم وليعظنهم، وليأمرنهم، ولينهونهم، وليتعلمن قوم من جيرانهم ويتعظون ويتفقهون، أو لأعاجلنهم العقوبةَ في الدنيا".

* البر والإحسان: وصية الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".

* مراعاة المشاعر: بإتباع الآداب السامية الرائعة الواردة في قوله- صلى الله عليه وسلم-: "ولا تستطل عليه بالبناء لتحجب عنه الريح إلا بإذنه ولا تؤذه بقتار مدرك إلا تغترف له منه".

12- الكرم والشهامة والنجدة:
وقد كان هذا حال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى قبل بعثته وقد أخبرت السيدة خديجة عنه بقولها: (والله لن يخزيك الله أبدًا إنك لتصل الرحم وتقري الضيف وتكسب المعدوم وتحمل الكل وتعين على نوائب الحق)، وقد جعل الرسول- صلى الله عليه وسلم- الكرم عنوانًا على الإيمان فقال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه"، وهكذا يكون البيت المسلم كريمًا مضيافًا مسارعًا في النوازل والملمات بالنجدة والمواساة فيقدم بذلك الصورة المشرقة لهذا الدين، ويجيب القلوب فيه ويكسبها لصفه.

ثالثًا: وسائل للنهوض بالبيت المسلم عمليًّا:
1- تفريغ يوم في الأسبوع للبيت: ولنتواصى بهذا ولنتعاون عليه تحقيقًا للتوازن الواردة في توجيهات النبي- صلى الله عليه وسلم- لأبي الدرداء: "إن لربَّك عليك حقًّا، وإن لبدنك عليك حقًّا، وإن لزوجك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حقٍّ حقه"، وقد حكى أحدهم أنه دعا الأستاذ عمر التلمساني رحمه الله لعقد زواج ابنته فاعتذر متأسفًا محرجًا لأنه صادف يوم بيته، وهذا التواجد يحقق منافع جمة منها:
* إشباع حاجات نفسية فطرية للأبناء والأم.
* ملاحظة السلوك والتصرفات وإسداء النصح والتوجيهات.
* إصلاح ما يحتاج إلى إصلاح.
* شراء المتطلبات.
* مساعدة الأبناء في دراستهم ومتابعة أحوالهم وحل مشاكلهم ومشاركة الزوجة في أعمالها وهمومها.
* الخروج لصلة الأرحام أو الاستجمام.

2- الحرص على تقديم القدوة الصالحة لأهل البيت: في قوة الإيمان والتقوى والخشوع في العبادة ومتانة الخلق واستقامة السلوك والولاء الصادق لدين الله ودعوته.

3- الاطمئنان على التحاق كل فرد في البيت بفرقته في مدرسته الدعوة الكبرى: الزوجة مع الأخوات والأولاد مع الأشبال والبنات مع الزهرات أو الطالبات ثم متابعة أحوالهم وواجباتهم في هذه المجالات ومعاونتهم عليها وتشجيعهم.

4- استثمار وقت الطعام: لتحقيق هدفين أولهما إصابة السنة المباركة وثانيهما الخروج بالفائدة ويناسب وقت الطعام شيء مما يلي:

* تبادل الهدايا- والمقصود أن كل فرد يُعد موقفًا ينطوي على مغزى تربوي أو معنى طيب من سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم- أو صحابته أو الصالحين أو الدعاة أو المجاهدين قديمًا وحديثًا ويتولى الأب أو الأم التعليق والتعميق.

* موقف يعجب- يعرض كل فرد موقفًا أعجبه في البيت أو في الطريق أو المدرسة وسبب إعجابه يتولى الأبوان تصحيح النظرات وضبط الموازين.

* موقف مؤثر- استفادة كل فرد من آية أو حديث أو من سماعه أو من قراءته أو من دراسته ويتدخل الأبوان للتعليق والإضافة.

* خبر سار- قرأه الفرد في جريدة أو سمعه في إذاعة أو غيرهما وسبب سروره، ويقوم الأبوان بواجبهما كذلك.

* خبر محزن- على المنوال نفسه.

* مشكلة عارضة- صادفت أحد الأفراد وكيف تصرف إزاءها ثم يمده والده بالنصح والخبرة.

5- كراسة المتابعة: نظرًا لضيق الوقت وقلة التواجد والمتابعة يمكن عمل كراسة متابعة لكل فرد قادر على الكتابة يحرر فيها الوقت في خانة وتخصيصه في خانة أخرى وتكون بمثابة ديوان أعمال الفرد ثم يطلع عليها الأب ويسجل ملاحظاته وتعليقاته في خانة خاصة.

6- لقاء البيت: وهو يضارع سائر اللقاءات الأخرى إن لم يفقها ويتوافر له ما يتوافر لغيره من مظاهر الإعداد والاستعداد منها: تخصيص وقت وتخصيص مكان والتهيؤ بالملبس المعتاد وعند الخروج لإضفاء الجدية والأهمية ويمكن شغل اللقاء بمثل هذه الفقرات:

* القرآن: قراءة ما تيسر بخشوع وتدبر مع تصحيح القراءة وتبادل الخواطر والرجوع إلى تفسير ما أشكل إلى معانٍ.

* الحديث: قراءة باب مختار من رياض الصالحين مع الشرح الإجمالي ثم حفظ حديث واحد منه.

* السيرة: قراءة في تهذيب سيرة ابن هشام مع التعليقات المناسبة والخواطر المؤثرة.

* قصص النبيين للندوبي: يكلف من يستطيع من الأبناء بالتحضير منها.

* صورة من حياة الصحابة: رأفت الباشا: أو سلسلة القصص الديني (عبد الحميد جودة السحار).

* الفقه: دراسة فقه الطهارة والصلاة والصيام من فقه السنة.

* الحقوق والواجبات: ونقصد بها أن يعرف كل فرد في الأسرة حقوقه وواجباته وحبذا أن يكلف الفرد بتحضير واجباته فقط ليستشعر مسئوليته منها فيؤديها. أما حقوقه فيحضرها الطرف الآخر للتعامل ويمكن الاستعانة بمثل هذه الكتب: (سلسلة الحقوق التي أصدرتها دار الاعتصام لطه عفيفي- تربية الأولاد في الإسلام لعبد الله ناصح علوان- المرأة المسلمة وفقه الدعوة إلى الله للدكتور علي عبد الحليم الجزء الثاني منه).

* متابعة القضايا والأحداث وذلك من خلال (نشرة أخبار يكلف بإعدادها من يستطيع من أفراد الأسرة- بحث موجز في قضية من قضايا المسلمين.

* الإنشاد: يختار نشيد مناسب يؤديه الأبناء معًا للترويح والتذكر والتأثر.

* قراءة: في منهج التربية الإسلامية المقرر دراسيًّا على الأبناء لتحقيق فائدة مزدوجة ويمكن أن يغني هذا عن بعض الفقرات المذكورة.

* يراعى أن تكون مدة اللقاء في حدود ساعتين وأن يكون القرآن والحديث بندين ثابتين فيه ثم يختار من الفقرات الأخرى بالتناوب ما يكمله.

* يراعى إشراك الزوجة والأبناء في التحضير والإلقاء والحوار وغيرها.

7- الاستفادة من الجدة إن وُجدت: فلا زالت حكايات الجدة قبل النوم نسيجًا ثابتًا واضحًا في تكوين الناشئة، ولكن علينا أن نسعى للارتقاء بمستوى المحتوى المقدم للصغار، وذلك بمد الجدة بالكتب، والقصص المناسبة إن كانت قارئة أو توجيهها للاستماع النافع الهادف للمذياع أو الأشرطة إن كانت أمية.

8- مهمة الأسرة مجتمعة: ونعني بها تحديد مهمة يلتقي عليها أفراد الأسرة جميعًا بشكل دوري بما يحقق شغل الأوقات وبذل الطاقات وإذكاء روح التنافس بين الأسرة في الأعمال الصالحة النافعة ومن ذلك: (نظافة المسجد- تعهد أسرة فقيرة وزيارتها وتقديم العون لها وتوطيد العلاقة معها).

9- الأسرة مع الجيران: ويمكن أن تتعامل الأسرة مع جيرانها بما يلي:
* التزام الوصايا النبوية المذكورة في خصائص البيت المسلم وخصوصًا ما يتعلق بالمحافظة على مشاعرهم.
* المشاركة في الأفراح والأحزان.
* تبادل الزيارات عمومًا وفي المناسبات الإسلامية خصوصًا.
* الحرص على دعوتهم وتعليمهم كما جاء في الحديث مسبقًا.
* دعوتهم إلى طعامها أو الإهداء إليهم منه.
* الحرص على تقديم القدوة الحسنة في المواقف والتصرفات والمعاملات المختلفة.

10- الأخ المسلم في أسرته قبل الزواج: إن للأخ المسلم دورًا في أسرته قبل الزواج وإن لم يكن المسئول الأول عنها، كما هو الحال فبعد الزواج عليه مراعاة ما يلي:
* تقديم المثل الأعلى المؤثر بأدبه وخلقه وسلوكه.
* بر الوالدين والإحسان إليهما وطاعتهما في غير معصية وخدمتهما ومساعدتهما.
* توقير الكبير والعطف على الصغير.
* التواضع ونكران الذات وإيثار الغير بما في يده والزهد فيما في أيديهم.
* الحرص على التفوق الدراسي والعملي.

* عند الإقبال على الزواج عليه:
- أن يتحرر من اعتبارات أهل الدنيا عند اختيار شريكة حياته ويحرص صادقًا على الظفر بذات الدين ليوفر الأساس المتين لبناء البيت المسلم من ناحيته.

- وعليه أن يؤثر البساطة والتخفف من الماديات والكماليات عله بذلك ينعم بالبركة التي بشر بها- صلى الله عليه وسلم- بقوله: "إن من أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة".

11- حق البيت المسلم على الدعوة: فلا يكفي أن تسهم الدعوة في قضية البيت المسلم بمثل هذه الورقة فحسب بل يمكن تقديم المزيد بمثل ما يلي:

* متابعة أحوال البيوت في اللقاء الأسبوعي مع مراعاة الدقة والجدية والتذرع بالصبر والمثابرة حتى يتحقق المقصود.

* إعداد دورات في تربية الأبناء والاقتصاد المنزلي وحقوق وواجبات كل فرد في الأسرة.

* عقد لقاءات ومحاضرات للمقبلين على الزواج لتعليمهم الأحكام المتعلقة به وإسداء النصح ونقل التجارب والخبرات.

* القيام برحلات أسرية لكل وحدة جغرافية على أن تكون مقصورة علينا في مرة ومشتركة مع غيرنا من (جيران ومعارف وأقارب) في مرة أخرى وهكذا.

12- تبادل الزيارات بين أسرنا: وذلك لتعميق الصلات الاجتماعية، وكم نحن بحاجة إلى مثل هذه الزيارات السعيدة للارتقاء بمستوى الإخوان وتوطيد دعائم بيوتنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.

ساره ابراهيم
05-15-2009, 09:55 PM
أساسيات اقتصاد البيت المسلم
فى ضوء الشريعة الاسلامية
•مفهوم وخصائص اقتصاد البيت المسلم :
يقصد باقتصاد البيت المسلم بأنه مجموعة المبادئ والأحكام الشرعية التى تحكم المعاملات الاقتصادية للبيت المسلم من كسب وإنفاق وادخار واستثمار وزكاة وصدقات وهبات ووصايا وميراث ونحو ذلك وذلك لتوفير الحاجات الروحية والمادية لأفراده، وغايته أن يحيى هؤلاء حياة طيبة فى الدنيا والفوز برضاء الله فى الآخرة.
ومن الخصائص المميزة لاقتصاد البيت المسلم أنه يقوم على قيم إيمانية وأخلاقية وسلوكيات سوية رشيدة، ويلتزم بفقه المعاملات المالية، وحماية حقوق المرأة المالية وتجنب كافة المعاملات التى تتضمن الربا والغرر والجهالة والغش والتدليس والسرف والتبذير والمظهرية والخيلاء.
ويحكم اقتصاديات البيت المسلم مجموعة من الضوابط الشرعية من أهمها المشروعية (الحلال)، والطيبات، والأولويات الإسلامية، والاعتدال والوسطية، والموازنة بين الكسب والإنفاق، والادخار لنوائب الدهر، ولا اقتراض إلاّ لضرورة معتبرة شرعاً، وحق الأجيال القادمة فى أموال الأجيال الحاضرة، وفصل الذمة المالية للزوج عن الزوجة.
ويشمل اقتصاد البيت المسلم الضوابط الشرعية التى تحكم : الكسب والإنفاق والادخار والاستثمار والتملك والزكاة والصدقات والهبات والوصايا والصدقة الجارية والصدقة التطوعية والإقراض والاقتراض، وضبط العلاقات المالية بين الزوج والزوجة والأولاد، وكذلك بيان الحقوق المالية عند الطلاق أو الخلع.



ـــــــــــــــــ
المصدر :
دكتور حسين شحاتة( " البيت المسلم فى ضوء الشريعة الإسلامية") مكتبة التقوى ، 1990
ت : 2872819 - 2609028 ف : 2632633 - 2879657

ساره ابراهيم
05-15-2009, 10:27 PM
أصول منهج التربية الاقتصادية
فى الإسلام
إعـــــــــــــــداد
•دكتور/ حسين حسين شحاتة
الأستاذ بجامعة الأزهر
خبير استشاري فى المعاملات المالية الشرعية

أصول منهج التربية الاقتصادية
فى الإسلام

- تمهيد
لقد اهتم الإسلام بالإنسان عقيدة وأخلاقاً, وسلوكاً ومنهجاً, وفكراً وتطبيقاً, ووضع علماؤه مناهج تربوية لتكوين الشخصية الإسلامية التى تستطيع حمل الرسالة, وأداء الأمانة, وتقديم النموذج التطبيقي للإسلام فى كافة نواحى الحياة.
ولقد أهتم الرسول صلى الله عليه وسلم أولاً بتربية الصحابة على القيم الإيمانية والأخلاقية والسلوكية, ثم بعد ذلك بنى لهم سوقاً للمعاملات, وَسنّ (وضع) لهم الدستور الاقتصادي الإسلامي, ومن النماذج العملية لذلك التجار المسلمين الذين حملوا معهم رسالة الإسلام فى تجارتهم فى كثير من دول شرق آسيا وأفرقيا, فكانوا سبيلاً لدخول الكثير من الناس فى دين الإسلام أفواجا, ويستنبط من ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: اهتم بالتربية الروحية والأخلاقية والنفسية والاجتماعية والبدنية, وكذلك بالتربية الاقتصادية, وكان من ثمار ذلك تكوين الشخصية الإسلامية ذات السلوك القويم.
وعندما انحرف المسلمون عن السلوك الاقتصادي الإسلامي القويم فى معاملاتهم ظهرت العديد من المخالفات الشرعية , والخلافات الشخصية, والمشكلات الاقتصادية, ومُحقت البركات, وعلاج هذا كله الرجوع إلى أصول المعاملات الاقتصادية كما وردت فى مصادر الشريعة الإسلامية وتربية المسلمين عليها.
وتختص هذه الدراسة ببيان: المقصود بالتربية الاقتصادية فى الإسلام, ووجوبها وخصائصها وأسسها وعناصرها وآلياتها ومقومات تفعيلها, وذلك فى ضوء ما ورد بشأنها فى مصادر الشريعة الإسلامية.
وتعتبر هذه الدراسة بمثابة المدخل التأصيلى لمنهج التربية الاقتصادية فى الإسلام, وسوف تتلوها دراسات تتعلق بالجوانب التطبيقية لهذا المنهج على مستوى الفرد والبيت والوحدات الاقتصادية والمدنية والخيرية ثم على مستوى الدولة.
- معنى التربية فى الإسلام
هناك معانى مختلفة لمدلول التربية , وبصفه عامة هى تشكيل الإنسان إيمانياً وخلقياً ونفسياً وسلوكياً فى إطار منظومة من المعارف والخبرات ليكون صالحاً لأداء عمل نافع منتج لتحقيق مقاصد وغايات معينة.
أما معنى التربية فى الإسلام كما يعرفها علماء التربية الإسلامية, هى تشكيل شخصية المسلم إيمانياً وخلقياً وفكرياً ونفسياً ووجدانياً وجسدياً, وتزويده بالمعارف والثقافات الإسلامية, وبالخبرات العلمية اللازمة لتنميته تنمية متوازنة وسليمة طبقاً لمقاصد الشريعة الإسلامية الغراء, ولينجم عن ذلك الفرد المستقيم سلوكياً , ليكون لبنه صالحة فى بناء المجتمع المسلم, ولتحقيق رسالة الإسلام فى شتى مجالات الحياة .
ويتضمن هذا المعنى المعالم الأساسية للتربية الإسلامية وهى:
التركيز على الإنسان فهو مناط التربية, فإذا صلح الفرد صلحت الأسرة والمجتمع والدولة والأمة, ويُصبح قوة فعالة قائدة ورائدة ومقدامة فى كافة جوانب الحياة.
•شمولية التربية لتغطى كافة جوانب تكوين الشخصية الإسلامية , عقائدياً وخلقياً ونفسياً وفكرياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً ...... ونحو ذلك.
•ارتباط عملية التربية بمقاصد وأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية لتحقيق الغايات من خلق الإنسان وهى عبادة الله وتطبيق شريعته فى هذه الحياة الدنيا .
•المعاصرة فى استخدام سبل ووسائل وأدوات التربية متى كانت لا تتعارض مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية .
•غاية التربية: تكوين السلوك المستقيم للإنسان وفق شرع الله, أى إصلاح الفرد والبيت والمجتمع والدولة .
- معنى التربية الاقتصادية فى الإسلام
فى ضوء ما سبق يمكن بيان معنى التربية الاقتصادية فى الإسلام بأنها:
تشكيل السلوك الاقتصادي للمسلم المنبثق من تكوينه الشخصي: إيمانياً وخلقياً ونفسياً وثقافياً, وفنياً ومن خلال تزويده بالثقافة الفكرية وبالخبرات العملية الاقتصادية وبما يتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية, لتحقيق الحياة الرغدة الكريمة لتعينه على عمارة الأرض وعبادة الله عز وجل.
ويتضمن هذا المعنى المعالم الأساسية للتربية الاقتصادية في الإسلام والتى تتمثل فى الآتى:
•وجود الشخصية التى تربت تربية إسلامية شاملة وفعالة: إيمانياً وخلقياً ونفسياً وفكرياً وفنياً وما فى حكم ذلك (فقه التربية الشاملة)
•تزويد هذه الشخصية بالثقافة الاقتصادية الإسلامية (فقه الاقتصاد الإسلامي).
•تنمية كفاءة هذه الشخصية بالخبرات العملية فى ممارسة المعاملات الاقتصادية باستخدام السبل والأساليب والأدوات الاقتصادية المعاصرة المشروعة (الجوانب العملية للمعاملات الاقتصادية).
•من ثمرات التربية الاقتصادية الإسلامية وجود السلوك الاقتصادي السليم المنضبط بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية (السلوك الاقتصادي الإسلامي) .
•من غايات السلوك الاقتصادي الإسلامي تعمير الأرض وعبادة الله سبحانه وتعالى وفقاً لمقاصد الشريعة الإسلامية (غاية التربية الاقتصادية الإسلامية).
- الربط بين التربية الإسلامية والتربية الاقتصادية
تعتبر التربية الاقتصادية جزءاً من منظومة التربية الإسلامية لا ينفصم عنها طبقاً للفهم الصحيح للإسلام الذى يشمل كل نواحى الحياة (شمولية الإسلام) , وهذا عكس الفهم العلمانى الذى يفصل الدين عن الاقتصاد.
فالتربية الشاملة للمسلم تبدأ من تكوين شخصيته الإسلامية عقيدة وشريعة, ومشاعر وشرائع, ووجدان, وموضوعية , ويتخذ من الدين سنداً له فى كافة معاملاته ومنها الاقتصادية , وينجم عن هذا السلوك الاقتصادي السليم المنضبط بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية .
فإذا إستقر الإيمان فى القلب فإنه يقود الإنسان إلى الالتزام بالحلال الطيب وتفاعلت النفس معه , وكان من ثمرة ذلك انقياد الجوارح لتسلك السلوك السليم الرشيد لتحقيق ما اطمأن إليه القلب , فالتربية موجه أولا إلى القلوب والنفوس والأفئدة ثم إلى الجوارح, ومن حصادها السلوك الاقتصادي الإسلامي .
وتأسيساً على ما سبق لا يمكن الفصل بين التربية الإسلامية والتربية الاقتصادية والسلوك الاقتصادي السليم الرشيد.
وفى الصفحة التالية تصوير بياني بسيط يبين العلاقة السببية بين التربية الإسلامية والتربية الاقتصادية:
- وجوب التربية الاقتصادية الإسلامية
يعتبر الالتزام بالقواعد الفقهية والضوابط الشرعية فى المعاملات الاقتصادية ضرورة شرعية وواجب دينى لتحقيق سلوك اقتصادي رشيد لتوظيف عوامل الإنتاج المختلفة توظيفاً رشيداً ونافعاً, وفى هذا خير وبركة, ونماء واطمئنان, ودعوة إلى الله سبحانه وتعالى , ولا يتحقق ذلك إلا إذا اكتملت جوانب التربية عند المسلم لتشمل فيما تشمل الـتـربـيـة الاقتصادية, والتى تحقق له البركات فى ماله وفى أهله وولده, ولقـد قال الفقهاء : " من لا يتم الواجب إلا به فهو واجب", ولذلك فهي واجب, ومن ثمارها الطيبة ما يلى:
•الاستشعار الإيماني بزينة الالتزام بشرع الله عز وجل وهذا من مسائل الإيمانيات التى فيها تحقيق رضا الله عز وجل .
•إن معرفة المعاملات الاقتصادية المشروعة والالتزام بها يحقق البركة والنماء فى المال والكسب فى الربح.
•إن تجنب المعاملات الاقتصادية المنهى عنها شرعاً وقاية من المحق والحياة الضنك, لأن الوقوع فى الذنوب والمعاصى فيه حرمان للمسلم من الرزق الذى كان قد هيئ له.
•حماية المعاملات الاقتصادية بين المسلم وأخيه, وبين المسلم وغير المسلم, من الشك والريبة والخلافات التى تسبب خللاً فى المعاملات.
•تساعد التربية الاقتصادية كذلك فى الدعوة الإسلامية على بصيرة وعلم, والربط بين المفاهيم والأفعال, والمبادئ والأعمال .
•كما تمكن التربية الاقتصادية من تقديم النموذج السلوكى الاقتصادي الإسلامي للناس (غير المسلمين) والذى يؤكد على أن الإسلام دين شامل, ومنهج حياه, وليس دين رهبانية, عبادات وطقوس فقط, بل دين ودولة عبادات ومعاملات .
والتربية الاقتصادية الإسلامية واجبة فى كل مراحل الحياة منذ الطفولة وحتى الشيخوخة وتتزامن مع محاور التربية الأخرى وفق مقررات معينة تناسب كل مرحلة على النحو الذى سوف نفصله فيما بعد.
كما يجب على رجال التربية والتعليم والتدريب والتطوير أن يأخذوا البعد الاقتصادي فى المناهج والمقررات التى تقدم للإنسان فى مراحل تربية تعليمه المختلفة.
- خصائص التربية فى الاقتصادية فى الإسلام
تتسم التربية الاقتصادية الإسلامية بمجموعة من الخصائص المميزة والتى تبرز معالمها الأساسية, كما توضح الفروق بينها وبين التربية الاقتصادية التقليدية الوضعية والعلمانية.
فهى جزء من التربية الشاملة للمسلم من الجوانب الروحية والأخلاقية والسلوكية والاجتماعية والثقافية ..., ونحو ذلك, فكل جانب يتفاعل مع الجوانب الأخرى كمثل الجسد الواحد والنظام الواحد الذي يتكون من عدة نظم فرعية بينها تفاعل وتكامل .
تُستقى مرجعية هذه التربية من مصادر الشريعة الإسلامية المتعارف عليها فى كتب أصول الفقه الإسلامي, (القرآن والسنة, الإجماع والقياس والمصالح المرسلة وعرف من سبقنا), وكذلك من تراكم الثقافات والحضارات متى كانت لا تتنافى مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية .
وسوف نعرض فى هذا البند أهم هذه الخصائص بشيء من الإيجاز والاختصار بأسلوب مبسط, ونوصى من يريد المعرفة الرجوع إلى المراجع المذكورة فى نهاية الدراسة.
وتتمثل هذه الخصائص فى الآتى:
أولاً : البعد الإيماني للتربية الاقتصادية
تقوم التربية الاقتصادية فى الإسلام على قيم إيمانية من أهمها ما يلى :-
•الإيمان أن المال الذى نتعامل به ملك لله ، لأنه سبحانه وتعالى هو الذى رزقنا إياه ، لذلك يجب أن تلتزم بشرع صاحب هذا المال, أى تطبيق تعاليمه المتمثلة فى أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية .
•الإيمان بأن هناك ملائكة تراقب تصرفاتنا ومنها الاقتصادية والمالية ، ولذلك يجب أن نتجنب أن تسجل الملائكة فى سجلاتنا شئ لا يرضاه الله عز وجل .
•الإيمان باليوم الآخر حيث نقف فيه أمام الله سبحانه وتعالى ليحاسبنا عن هذا المال من أين اكتسب وفيم أنفق ؟
هذه المفاهيم الإيمانية الاقتصادية تنمى عند المسلم منذ الصغر : الرقابة الذاتية ، والخشية من الله والخوف من المساءلة فى الآخرة, والالتزام بالحلال والبعد عن الحرام, فإذا شَبَّ الولد على هذه القيم وطبقها فى جوانب حياته كان فرداً مستقيماً منضبطاً بشرع الله فى كل معاملاته ومنها الاقتصادية ويعتمد عليه فيما بعد لإدارة اقتصاد بيته واقتصاد بلده على أسس إيمانية .
ثانياً: البعد الأخلاقي للتربية الاقتصادية
يجب أن ينمو عند المسلم منذ الصغر وطوال حياته الأخلاق الفاضلة ،وتوضح له آثارها الاقتصادية على سلوكه ، ومن هذه القيم : الصدق والأمانة ، والاعتدال والقناعة ، والوفاء وحسن المعاملة ، والسماحة والبشاشة وطلاقه الوجه ، كما يجب تحذيره من السلوكيات المنهى عنها شرعاً ومنها : الإسراف والتبذير ، والإنفاق الترفى والبذخى، وتقليد الغير فيما نهى الله عنه ، والغش والتدليس ، وكل صور الاعتداء على أموال الناس .
كما يجب أن نشرح لأولادنا وشبابنا ورجالنا وشيوخنا, الذكر منهم والأنثى أن الالتزام بهذه القيم جزءاً من الدين ، وعبادة لله سبحانه وتعالى وطاعة له تبارك وتعالى، وأن من يلتزم بالأوامر ويتجنب النواهي يكون له ثواب ، ومن لم يلتزم بها فعلية ذنب.
كما يجب أن يفهم المسلم بأن الالتزام بالأخلاق الفاضلة له أثر مباشر فى تحقيق البركة فى الأرزاق وتحقيق الأمن النفسي ، والرضاء الذاتي ، بالإضافة إلى الثواب العظيم المدخر له يوم القيامة ، كما يجب أن يؤمن إيماناً راسخاً أنه لا يمكن الفصل بين الأخلاق والاقتصاد فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الدين المعاملة " .
ثالثاً: البعد السلوكى للتربية الاقتصادية
سوف ينجم عن التربية الإيمانية والأخلاقية سلوكيات اقتصادية سليمة تحقق البركة والرضا والإشباع المادي والمعنوي وزيادة الأرزاق، وتتلخص أهم هذه السلوكيات على سبيل المثال فى الآتى :
•الرضا التام والقناعة الصادقة بما قسمه الله له من رزق.
•إتقان الأخذ بالأسباب والتوكل على الله .
•الإنفاق حسب السعة والمقدرة .
•الاعتدال والقصد فى الإنفاق حسب الأولويات الإسلامية .
•التوازن بين الكسب والإنفاق .
•تجنب التقتير خشية الفقر.
•الادخار ليوم الفقر والحاجة.
•المحافظة على حقوق الأجيال القادمة .
•المحافظة على حقوق المجتمع.
ولنا عودة لمناقشة هذه السلوكيات الاقتصادية الإسلامية بشئ من التفصيل فيما بعد .
رابعاً: البعد الفقهى للتربية الاقتصادية
يجب أن يفهم المسلم أساسيات بنود الدستور الاقتصادي الإسلامي التى تمثل المرجعية الفقهية الشرعية لكافة معاملاته بالقدر الذى يمكنه من معرفة الحلال فيتبعه والحرام فيجتنبه, والمشتبهات فيتقيها, وهذا فرض عين, وفى هذا المقام يقول الإمام ابن القيم: "إنه فرض عين على كل مسلم أن يعرف فقه المعاشرة وفقه المعاملة", أما التخصص الدقيق فى فقه المعاملات الاقتصادية فيدخل فى نطاق فرض الكفاية الذى يتولاه علماء الفقه .
ولقد استطاع الفقهاء استنباط القواعد الفقهية والضوابط الشرعية للمعاملات الاقتصادية بأسلوب معاصر بسيط يستطيع غير الفقهاء فهمه وتطبيقه, من أهمها ما يلى :
•الأصل فى المعاملات الحل ما لم يرد بشأنه نص صريح من القرآن والسنة والإجماع.
•أكل المال بالباطل حرام.
•وجوب التراضى التام بين المتعاملين.
•المؤمنين عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً.
•المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً فى لم يرد به نص من القرآن والسنة والإجماع .
•اليسير معفو عنه.
•حرمة وبطلان المعاملات التى تفتح الباب إلى المفاسد .
•درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
•لا تحايل على شرع الله والعبرة بالمقاصد وليس بالسبل والوسائل.
•الالتزام بشرع الله عبادة توجب إخلاص النية, فالأعمال بالنيات.
•لا ضرر ولا ضرار والأصل فى المضار الحظر والتحريم.
•الضرر يدفع بقدر الإمكان, ودفع ضرر أكبر بضرر أقل.
•يُتحمل الضرر الخاص لتجنب الضرر العام.
•الضرورات تبيح المحظورات, والضرورة تقاس بقدرها.
•الحاجة تنزل منزلة الضرورة.
•الأصل براءة الذمة.
•المشقة توجب التيسير.
•يأخذ اليسير (القليل) حكم الكثير .
•وجوب تخليص الأموال من المال الحرام.
•الأعمال بالنيات والأمور بالمقاصد.
خامساً: البعد الفني للتربية الاقتصادية: الإتقان والمعاصرة
تقوم المعاملات الاقتصادية أيضاً على جوانب فنية عن ما تفنقت عنه عقول وتجارب البشر خلال الأزمنة ولا تتعارض مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية, يجب على المسلم معرفتها وفهمها وإتقان استخدامها, فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها.
ومن ناحية أخرى يجب أن يكون المسلم مبدعاً ومبتكرا لنظم وطرق وأساليب وأدوات وإجراءات اقتصادية تتفق مع تطورات العصر, وهذا فى إطار عدم مخالفتها لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية, فالأصل فى المعاملات (الأشياء) الحل (الإباحة) إلاّ ما حُرم بنص من الكتاب والسنة .
ولقد أكد فقهاء الإسلام على أن الشريعة الإسلامية بصفة عامة تجمع بين الأصالة والمعاصرة, وبين الثبات والمرونة, وبين المحلية والعالمية, وتسمح بالإجهاد فيما ليس فيه نص بضوابط شرعية, وفى إطار ذلك ينطلق أهل الحل والعقد والشورة والخبرة من علماء المسلمين للوفاء باحتياجات الأمكنة والأزمنة بما يسير على الناس ومعاملاتهم الاقتصادية .
ومن المعالم الأساسية لرفع كفاءة أداء المعاملات الاقتصادية الإسلامية على سبيل المثال ما يلى:
•المعاصرة فى استخدام الأساليب والطرق والسبل المتوافقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية .
•الإبداع والابتكار فى البحث عن أساليب جديدة أكثر نفعاً تكون موافقة للشرع.
•الإتقان فى مباشرة المعاملات الاقتصادية .
•تطوير جودة مباشرة المعاملات الاقتصادية.
•الرشد فى اتخاذ القرارات الاقتصادية .
- مقومات تطبيق منهج التربية الاقتصادية فى الإسلام
حتى يتمكن تحويل مفاهيم ومبادئ ومقررات ومنهج التربية الاقتصادية فى الإسلام إلى أفعال بطريقة سليمة تحقق الغاية المنشودة والتى تتمثل فى سلوك اقتصادي قويم, يجب توافر مجموعة من المقومات الأساسية من أهمها ما يلى:-
- وجود منهج متكامل للتربية الاقتصادية فى الإسلام محللاً حسب مراحل السن المختلفة, موضحاً به الموضوعات ومصادر معرفتها.
- التدرج فى مقررات هذا المنهج وفق مراحل التربية والتعليم المختلفة من مستوي البيت والحضانات حتى المستوى القومى حسب ما يناسب كل مرحلة, بمعنى أن تتضمن المناهج التربوية والتعليمية فى المراحل المختلفة موضوعات اقتصادية لإسلامية .
- إعداد الأمهات والمربيات بالحضانات ومن فى حكمهن بأساسيات منهج التربية الاقتصادي فى الإسلام من خلال الدورات التثقيفية والتدريبية العملية حتى يستطعن تربية النشء تربية شاملة تتضمن السلوك الاقتصادي الإسلامي .
- إعداد المعلمين والمدرسين والأساتذة ومن فى حكمهم علمياً وعملياً بمقررات وموضوعات التربية الاقتصادية فى الإسلام من خلال دورات تثقيفية وعملية.
- إصدار القوانين والتعليمات والتعميمات من الجهات الحكومية المعنية بالتربية والتعليم بإقرار مناهج ومقررات التربية الاقتصادية فى الإسلام, حتى نأخذ الصفة الالزامية.
- تهيئة المجتمه من خلال وسائل وسبل الإعلام المختلفة نحو التربية الاقتصادية فى الإسلام, وأن تتضمن تلك الوسائل والسبل والرسائل الهادفة الفعالة, وبيان المردود الإيجابي لها على البيت والمجتمع والدولة .
- إنشاء مجلس أعلى للتربية الاقتصادية فى الإسلام يتبع وزارتي التربية والتعليم والأوقاف والشئون الإسلامية ومشيخة الأزهر لرعاية هذا المنهج فكراً ونظاماً وتطبيقاً.