المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الضريبة العقارية فى الميزان


على أحمد على
03-21-2010, 01:21 PM
[email protected]

الضريبة العقارية فى الميزان
د محمود ابوالوفا
خبير مالي واداري

بدأ تطبيق الضريبة العقارية في مصر عام 1842 ابان عهد محمد علي باشا ‏,‏ حيث بدأ تطبيقها علي العقارات المبنية بالقاهرة‏ ,‏ والعقارات التي يقيم بها الأجانب بالإسكندرية‏ , وكانت الضريبه السنويه تقدر بقيمة شهر من إيجار المبني‏ ,‏ ثم صدر أمر بفرض الضريبة علي عقارات الإسكندرية ورشيد ودمياط , وبحلول عام‏1867‏ تم فرض الضريبة علي كل الأملاك الواقعة بمصر.
وطبقا لقانون الضرائب العقاريه الجديد تحتسب الضريبة العقارية بواقع 10% من صافي القيمة الإيجارية التي يتم الوصول اليها من خلال القيمه الرأسماليه للعقار والذي يمثل نسبة 60% من القيمة السوقية للوحدة مضروبا في 3% مخصوما منها 30% مقابل التكاليف اللازمه للصيانة ' بالاضافه الي خصم مبلغ 6000ج لكل وحده' إذا كان العقار سكنيا و32% إذا كان العقار تجاريا , وهذا يعني ان الضريبه المفروضه علي العقار السكني تمثل نسبة 1.26% 'قبل خصم مبلغ 6000ج' من القيمه السوقيه , بينما تمثل الضريبه علي العقار التجاري نسبة 1.224 % من القيمه السوقيه , ويتم اعادة التقدير لقيم العقارات كل خمس سنوات بناء علي القيمه السوقيه للعقار والتي سيتم تقديرها بمعرفة مصلحة الضرائب , وتقدير القيمه بمعرفة المصلحه يثور حوله الكثير من الشك حيث يري الخبراء اسباب كثيره لذلك منها عدم وجود عدد كافي من خبراء التقييم العقاري في مصر ' وهذه قصه طويله من قصص الانانيه وتعنت القائمبن علي الامور في كثير من الاشياء بمصرنا الغاليه واسألوا كل من التحق بدورة التاهيل للمقيمين العقاريين لتكتشفوا العجب العجاب ولك ان تعرف ان عدد المقيمين العقاريين المعتمدين لايزيد عن 200 خبير بمصر ذات الثمانين مليون مواطن , ليس لعدم وجود خبراء ولكن لرغبة القائمين علي التراخيص بعدم السماح بوجود خبراء تقييم ' فمن اين ستأتي مصلحة الضرائب بمقيمين مؤهلين , ام ستعتمد المصلحه علي رأي مأمور الضرائب العقاريه الغير مؤهل للتقييم العقاري والذي سيلجأ بطبيعة الحال الي التقدير الجزافي - او الخرافي اذا صح التعبير - ويفتح الباب علي مصرعيه للبزنس علي حساب الحصيله.
ان المشاكل التي تحيط بالضريبه العقاريه وتطبيقها كثيره جدا فعلي سبيل المثال هناك صعوبة في تطبيق الضريبة علي أرض الواقع حيث ستكون تكلفة التحصيل مرتفعه جدا , وذلك لكون هذه الضريبه مباشره اي تقوم المصلحه بتحصيلها من الملاك مياشرة , ولن يكون هناك وسيط مثلما هو الحال في تحصيل ضريبة المبيعات وضريبة كسب العمل او ضريبة الدمغه , وادل شيء علي ذلك فشل مأموريات الضرائب العقارية في مجرد استقبال المواطنين الراغبين في الحصول علي الإقرارات في نهاية عام 2009 علي الرغم من صدور القانون في منتصف 2008 , بل ان تكاليف اخطارات المصلحه بالضريبه المفروضه ستكون مرتفعه حيث سيتم ارسال ثلاثين مليون اخطار كل عام , مع احتمال ان يخطر البعض مرتين اوثلاث مرات.
ويزيد الامر صعوبه وتعقيد ان اعادة التقييم كما جاء بالقانون ستكون كل خمس سنوات , واذا اخذنا عدد الاقرارات المقدمه وعدد المأموريات وعدد العاملين بها سنجد ان فترة الخمس سنوات لاتكفي لوضع بيانات تلك الاقرارات بالسجلات , ونقول لمن يشك في هذا الرأي ارجع الي موقف ضريبة الدخل المفروضه بالقانون 91 لسنة 2005 وانظر الي موقف الاربع سنوات التي تم تقديم اقراراتها حتي الان , كم عدد الاقرارات التي تم مراجعتها وفحصها كعينه عشوائيه , اعتقد انها لاتزيد عن 7% من عدد الاقرارات المقدمه خلال الاربع سنوات ' 2005 و2006 و2007 و2008 ' علي الرغم من اختلاف الجهاز الضريبي المسئول عن ضرائب الدخل عن نظيره في الضرائب العقاريه من حيث الكفائه وعدد المأموريات او عدد العاملين المؤهلين .

وعلي الرغم من اختلاف المعطيات بين مصر ونظيراتها من الدول الاخري الا اننا في مصر لانراعي عند فرض الضرائب المعطيات المختلفه التي تحيط بالمواطن كمتوسط دخل الفرد او اليات الاقتصاد , فعلي الرغم من ان الضرائب المفروضة علي الاملاك العقاريه بالولايات المتحده الامريكيه تعد أكبر مصدر للدخل لحكومات الولايات المختلفه ، ولا تفرض هذه الضريبه من قبل الاداره المركزيه للدوله ولكن تحدد من جانب كل ولايه , ويقتصر دور الدولة علي تحديد الحد الأقصي المعدل للقيمة السوقية للعقار أو نسبة مئوية منها , حيث تختلف قيمة العقارات وكذلك الضريبه المفروضه من ولايه لاخري .
ويتمتع المواطن في ظل ضريبة الدخل الامريكيه بكثير من الاعفاءات , منها اعفاءات التقدم في السن او اعفاءات الدخل المنخفض , فمعظم الولايات تعطي السكان الذين تجاوزوا سنا معينه اعفاءا من الضرائب علي ممتلكاتهم ، وايضا الذين يحصلون علي دخل منخفض نسبيا , وهناك أربعون ولايه من الولايات تقدم إما ائتمانات ضريبية أو بعض الإعفاءات من ضرائب الاملاك او تيسرات تؤدي الي التخفيف من القيمة المقررة للممتلكات الخاضعة للضريبة.
وهناك اعفاءات ضريبية اخري متاحة للمواطن ، حسب قوانين كل ولايه , اغلب الولايات تقدم حوالي 50 نوعا من برامج الاعفاءات من الضريبة علي العقارات ، مثل تجميد القيمة المقدرة للعقارات الخاصة بالفرد بمجرد أن يصل إلي سن معينة ، فيتم غلق ملفه الضريبي أو تأجيل الضريبه ، بالإضافة إلي ذلك فان بعض المقاطعات والبلديات في كثير من الأحيان لديها خطط لتخفيف عبء ضريبة العقارات.
كما ان المتقاعدين من ذوي الدخول المنخفضة يؤخذ في الحسبان ارتفاع تكاليف المعيشه وارتفاع قيمة العقارات مقارنة برواتب التقاعد التي لاتزيد في غالب الاحيان بنفس الزيادة في قيم العقارات لذلك دائما يوجد توجه للتغيير في مشاريع قوانين ضريبة العقارات .
ولاية لويزيانا تضع إعفاء كبير للعقارات وتمثل الضريبه العقاريه بها أدني معدلات الضرائب العقارية في امريكا ،حيث تبلغ نسبة الضريبه 172. 0 % من القيمة السوقيه العقار ' قارن بالضريبه في مصر 1.26%' , بينما تمثل ولاية تكساس أعلي المعدلات الفعلية لقيم الضرائب العقاريه حيث تبلغ 1.8% من القيمه السوقيه للعقار ومن المعروف ان تكساس من الولايات ذات الدخل المرتفع .
ويتم اعادة التقدير للقيم السوقيه للعقارات - بناء علي توجيهات الحكومه المركزيه - بواسطة مصلحة الضرائب كل عشر سنوات , حيث يتم تعديل القيم الخاضعه للضريبه طبقا لهذا التقدير. كما ان بعض البلدان - كما الحال في اوربا - تستنزل من قيم العقارات الخاضعه للضريبه الفوائد السنويه المستحقه علي العقار نتيجة شراءاه عن طريق التمويل العقاري لتخفيف العبء علي ملاك العقارات.
ومن الجدير بالذكر ان القيمه الايجاريه للعقارات تتأثر 'باتجاه الزياده' بعد اعادة التقدير لان اصحاب الممتلكات الخاضعه للضريبه يعملون علي نقل عبء الضريبه الي المستأجرين , اي ان هذه الضريبه سيتولد منها مشكله اخري قد يتأثر بها سوق العقار علي اختلاف طبقاته.
لذلك فأن الضريبه العقاريه بمصر تحتاج الي الكثير من المراجعات واعادة النظر في الظروف الاقتصاديه والاحوال المعيشيه للمواطنين والمقدره علي السداد وطبيعة السوق العقاري وكفاءة وقدرة الجهاز الضريبي , حتي يمكن ان تكون محققه لامال الدوله وفي نفس الوقت غير مجحفه بالمواطنين , وحتي لاياتي زمن يجبر فيه المواطن علي استبدال مسكنه لعدم قدرته علي دفع الضريبه وتصبح الدوله وضرائبها سيفا مسلطا علي رقاب الشعب يطاردهم في يقظتهم ومنامهم.