إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 10-20-2014, 10:39 AM
  #1
على أحمد على
 الصورة الرمزية على أحمد على
 
تاريخ التسجيل: Jun 2006
العمر: 77
المشاركات: 3,965
Icon28 تعرف على أحكام بعدم الدستورية ....(ضرائب دخل - مبيعات)

حكم بعدم دستورية نصوص بقانون ضريبة مبيعات
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثالث عشر من نوفمبر سنة 2011م ، الموافق السابع عشر من ذى الحجة سنة 1432 ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عدلى محمود منصور ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 113 لسنة 28 قضائية "دستورية "
المقامة من
السيد / نسيم جوزيف فرنسيس
ضد
1 السيد رئيس الجمهورية
2 السيد رئيس مجلس الوزراء
3 السيد وزير المالية
4 السيد رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات
الإجراءات
بتاريخ الثانى والعشرين من يونيو سنة 2006 ، أقام المدعى هذه الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، طلبًا للحكم بعدم دستورية نص المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، فيما تضمنه من تفويض وزير المالية مد ميعاد تعديل الإقرار الضريبى ، وسقوط قرارى وزير المالية رقمى 231 لسنة 1991 و143 لسنة 1992 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة أربع مذكرات بدفاعها ، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين ثلاثة تقارير برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى كان قد تم تسجيله لدى مصلحة الضرائب على المبيعات بالإسكندرية عن نشاطه فى بيع الذهب ، وقام بتقديم إقراراته الضريبية عن المدة من شهر سبتمبر سنة 2002 إلى شهر ديسمبر سنة 2004 ، وسدد ضريبة المبيعات المستحقة من واقع تلك الإقرارات . وبتاريخ 21/11/2005 ، أخطرته مصلحة الضرائب بالنموذج ( 15 ضرائب عامة مبيعات ) ، وطالبته بسداد مبلغ (44ر7110) جنيه ، فروق ضريبة المبيعات المستحقة على نشاطه خلال المدة المشار إليها ، بعد التعديلات التى أدخلتها المصلحة على إقراراته الضريبية ، كما طالبته بسداد الضريبة الإضافية على النحو المقرر قانونًا . فتظلم المدعى من تلك المطالبة ، ثم طلب إحالة الأمر إلى لجان التوفيق بالمصلحة ، والتى أصدرت قرارها بتاريخ 19/3/2006 بعدم اختصاصها بنظر الطلب ، فأقام المدعى الدعوى رقم 91 لسنة 2006 مدنى جزئى ، أمام محكمة العطارين بالإسكندرية ، بطلب الحكم ببراءة ذمته من المبلغ المالى محل المطالبة ، وبطلان إخطاره بالنماذج الضريبية . وحال نظر الدعوى ، دفع بعدم دستورية المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع ، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن نص المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، مقروءًا فى ضوء الحكم الصادر من هذه المحكمة بجلسة 6/1/2001 فى القضية رقم 65 لسنة 18 قضائية " دستورية " كان يقضى بأن " للمصلحة تعديل الإقرار المنصوص عليه فى المادة السابقة ، ويخطر المسجل بذلك بخطاب موصى عليه مصحوبًا بعلم الوصول خلال ستين يومًا من تاريخ تسليمه الإقرار للمصلحة .
وللمسجل أن يتظلم لرئيس المصلحة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تسليم الإخطار .
وفى جميع الأحوال يجوز مد هذه المدد بقرار من الوزير .
ويعتبر تقدير المصلحة نهائيًا إذا لم يقدم التظلم خلال المواعيد المشار إليها " .
واستنادًا لنص الفقرة الثالثة من النص المتقدم ، فقد أصدر وزير المالية قراره رقم 231 لسنة 1991 ، بمد مدة الستين يومًا التى يجوز فيها للمصلحة تعديل الإقرار المقدم من المسجل ، إلى مدة سنة ، ثم أصدر قراره رقم 143 لسنة 1992 بمد هذه المدة إلى ثلاث سنوات .
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية ، وهى شرط لقبولها ، مناطها – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع . ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع شرطين ، أولهما : أن يقيم المدعى – فى الحدود التى اختصم فيها النص المطعون عليه – الدليل على أن ضررًا واقعيًا قد لحق به ، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًا أو مجهلاً ، ثانيهما : أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه .
متى كان ما تقدم ، وكانت رحى النزاع فى الدعوى الموضوعية تدور حول مدى أحقية المدعى فى طلب الحكم ببراءة ذمته من فروق مبلغ ضريبة المبيعات ، وما يستحق من ضريبة إضافية ، التى تطالبه مصلحة الضرائب بسدادها عن نشاطه فى بيع الذهب ، خلال المدة من سبتمبر سنة 2002 إلى ديسمبر سنة 2004 ، وفقًا للتعديلات التى أجرتها على إقراراته ، بعد انقضاء مدة الستين يومًا المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة (17) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، تأسيسًا على أن تلك المدة ، تم مدها إلى ثلاث سنوات بموجب قرار وزير المالية رقم 143 لسنة 1992 ، الذى صدر استنادًا للفقرة الثالثة من النص ذاته . وترتيبًا على ذلك فإن الفصل فى دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة المذكورة ، سوف يرتب انعكاسًا على الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع ، ومن ثم تتوافر للمدعى مصلحة شخصية ومباشرة فى الطعن بعدم دستوريته . ويتحدد نطاق الدعوى الماثلة فيما تضمنه هذا النص من تخويل وزير المالية سلطة مد المدة التى يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار المقدم من المسجل ، ولا يمتد إلى باقى أجزاء المادة المذكورة .
وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون عليه – محددًا نطاقًا على النحو المتقدم – أنه إذ ناط بوزير المالية مد المدة التى يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار الضريبى المقدم من المسجل ، فإنه يكون قد خوله سلطة تعديل ميعاد يتعلق بقواعد ربط الضريبة ، التى لا يجوز تنظيمها إلا بقانون ، وذلك بالمخالفة لأحكام المواد 38 و86 و119 و120 من دستور سنة 1971.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن " حماية هذه المحكمة للدستور ، إنما تنصرف إلى الدستور القائم ، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس ذا أثر رجعى ، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذى صدر القانون المطعون عليه فى ظل العمل بأحكامه ، طالما أن هذا القانون قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدال نص آخر به خلال مدة سريان ذلك الدستور " . متى كان ذلك ، وكان نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ( النص المطعون عليه ) ، قد تم تعديله بموجب القانون رقم 9 لسنة 2005 ، قبل نفاذ الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30 مارس سنة 2011 بعدة سنوات ، ومن ثم فإنه لا يمكن الاحتكام إلى ما ورد بأحكام ذلك الإعلان الدستورى فيما يتعلق بالنص المطعون عليه ، وإنما يتعين الاحتكام بشأنه إلى ما ورد بدستور سنة 1971 ، الذى صدر القانون المشتمل على النص المطعون عليه فى ظل العمل بأحكامه ، وتم العمل بذلك النص إلى أن تم استبدال نص آخر به ، خلال مدة سريان ذلك الدستور .
وحيث إن المادة (86) من دستور سنة 1971 نصت على أن " يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع .... " ، ونص فى المادة (119) منه على أن
" إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون ، ولا يعفى أحد من أدائها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون . ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا فى حدود القانون " . وكان هذا النص ترديدًا لذات الأحكام التى تبنتها الدساتير المصرية السابقة .
ومؤدى هذا النص الأخير – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أنه مايز بين الضريبة العامة وغيرها من الفرائض المالية من حيث أداة إنشاء كل منها ، فنص على أن أولاهما لا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ، وأن ثانيتهما يجوز إنشاؤها فى الحدود التى يبينها القانون . بما مفاده أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها ، متضمنًا تحديد نطاقها ، وعلى الأخص من خلال تحديد وعائها وأسس تقديره ، وبيان مبلغها ، والملتزمين أصلاً بأدائها ، والمسئولين عنها ، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها ، وكيفية أدائها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة ، عدا الإعفاء منها ، إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون .
وحيث إن المشرع ، بموجب أحكام القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، بعد أن ألزم المسجل بتقديم إقرار شهرى عن الضريبة المستحقة ، نص فى الفقرة الأولى من المادة (17) من ذلك القانون – قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 – على أنه " للمصلحة تعديل الإقرار المنصوص عليه فى المادة السابقة ويخطر المسجل بذلك ...... خلال ستين يومًا من تاريخ تسليمه الإقرار للمصلحة " ، وأجازت الفقرة الثانية من تلك المادة للمسجل التظلم من ذلك التعديل لرئيس المصلحة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ استلامه الإخطار ، ورتبت الفقرة الرابعة منها جزاء مخالفة المواعيد المشار إليها ، بنصها على أن " ويعتبر تقدير المصلحة نهائيًا إذا لم يقدم التظلم خلال المواعيد المشار إليها " . ولازم ذلك أن الميعاد الذى يجوز لمصلحة الضرائب خلاله تعديل إقرار المسجل وإخطاره بذلك التعديل ، إنما يتعلق بقواعد ربط الضريبة ، خاصة وأن عدم التظلم من التعديل الذى يتم خلاله ، يترتب عليه حتمًا – وبنص القانون – اعتبار تقدير المصلحة نهائيًا . متى كان ذلك ، وكانت الفقرة الثالثة من المادة (17) من القانون ذاته قد أجازت لوزير المالية إصدار قرار بمد هذا الميعاد ( مدة الستين يومًا ) ، دون تحديد سقف زمنى لهذه الرخصة ، بما مؤداه أن هذا المد قد صار طليقًا بيد القائمين على تنفيذ القانون ، وهو ما حدا بوزير المالية لإصدار قراريه رقمى 231 لسنة 1991 و143 لسنة 1992 بمد مدة الستين يومًا إلى سنة ، ثم إلى ثلاث سنوات . وإذ كان هذا الميعاد يتعلق – وعلى ما سلف – بقواعد ربط الضريبة ، وهو الأمر المحجوز للسلطة التشريعية ، ولا يجوز تنظيمه إلا بقانون يصدر منها ، وليس بأداة أدنى ، وإلا عد ذلك إعراضًا من جانبها عن مباشرة ولايتها التشريعية فى هذا الشأن ، فإن ما ورد بالنص المطعون عليه من تخويل الوزير سلطة مد هذا الميعاد بقرار يصدر منه ، يكون قد وقع فى حمأة مخالفة نص المادة (119) من دستور سنة 1971 ، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
وحيث إنه لا يقيل النص المطعون عليه من عثرته ، التحدى بأنه لا يخول وزير المالية غير إصدار اللوائح التنفيذية اللازمة لتنفيذ هذا القانون ، فذلك مردود بأن الأصل فى هذه اللوائح التنفيذية التى تصدر وفقًا لنص المادة (144) من دستور سنة 1971 ، أنها تفصل ما ورد إجمالاً فى النصوص القانونية ، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها ، ولا كذلك النص المطعون عليه ، إذ خول وزير المالية سلطة مد الميعاد الذى حدده القانون على نحو ما سلف بيانه.
وحيث إن القضاء بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، يستتبع بحكم اللزوم سقوط قرارى وزير المالية رقم 231 لسنة 1991 و143 لسنة 1992 الصادرين استنادًا إليه .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً – بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، فيما تضمنه من تخويل وزير المالية سلطة مد المدة التى يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار المقدم من المسجل .
ثانيًا – بسقوط قرارى وزير المالية رقمى 231 لسنة 1991 و143 لسنة 1992 .
ثالثًا – إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه .

حكم المحكمة الدستورية العليا القاضى : بعدم دستورية نص المادة 17 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991
القضية رقم 65 لسنة 18 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب ؛
المحكمة الدستورية العليا ؛
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 6 يناير سنة 2001 الموافق 11 شوال سنة 1421هـ
برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلال رئيس المحكمة .
وعضوية السادة المستشارين : حمدي محمد على وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور.
وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتي فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 65 لسنة 18 قضائية ( دستورية )
المقامة من السيد / عبد الحي محمد صالح .
ضد :
1 - السيد رئيس مجلس الوزراء.
2 - السيد وزير المالية.
3 - السيد رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات.
الإجراءات
بتاريخ العشرين من يونيو سنة 1996، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبا الحكم بعدم دستورية المادتين 17 و35 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة ؛
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 1488 لسنة 1994 أمام محكمة المنصورة الابتدائية ضد المدعى عليهما الثاني والثالث، طالباً الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 5268 جنيهاً الذى قدرته مصلحة الضرائب على المبيعات جزافياً عن إنتاج مصنع الطوب الذى يملكه، وذلك فى الفترة من1-4-1993 حتى 30/9/1993 قولاً منه بأنه يقوم بسداد الضريبة المستحقة عليه شهرياً وفقاً لإنتاجه الفعلي من تاريخ العمل بقانون تلك الضريبة وأنه تظلم من هذا التقدير، إلا أن تظلمه رفض .
وبتاريخ 26/1/1995 قضت تلك المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذى حددته المادة 17 من القانون رقم 11 لسنة 1991.
فطعن المدعى على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 834 لسنة 47 قضائية المنصورة .
وأثناء نظره دفع بعدم دستورية المادتين 17 و35 من قانون الضريبة العامة على المبيعات .
وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع ، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة 17 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون
رقم 11 لسنة 1991 تنص على أن " للمصلحة تعديل الإقرار المنصوص عليه فى المادة السابقة، ويخطر المسجل بذلك بخطاب موصى عليه مصحوباً بعلم الوصول خلال ستين يوماً من تاريخ تسليمه الإقرار للمصلحة. وللمسجل أن يتظلم لرئيس المصلحة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسليم الإخطار، فإذا رفض التظلم أولم يبت فيه خلال خمسة عشر يوماً، فلصاحب الشأن أن يطلب إحالة النزاع إلى التحكيم المنصوص عليه فى هذا القانون خلال الخمسة عشر يوماً التالية. وفى جميع الأحوال يجوز مد هذه المدد بقرار من الوزير. ويعتبر تقدير المصلحة نهائياً إذا لم يقدم التظلم أو يطلب إحالة النزاع للتحكيم خلال المواعيد المشار إليها". كما تنص المادة 35 من ذلك القانون على أنه "إذا قام نزاع مع المصلحة حول قيمة السلعة أو الخدمة أو نوعها، أو كميتها، أو مقدار الضريبة المستحقة عليها.
وطلب صاحب الشأن إحالة النزاع إلى التحكيم فى المواعيد المقررة وفقاً للمادة (17) من هذا القانون، فعلى رئيس المصلحة أومن ينيبه خلال الخمسة عشر يوما التالية لتاريخ إخطاره بطلب التحكيم أن يحيل النزاع كمرحلة ابتدائية للتحكيم إلى حكمين تعين المصلحة أحدهما ويعين صاحب الشأن الآخر• وفى حالة اتفاق الحكمين يكون رأيهما نهائياً. فإذا لم تتم المرحلة السابقة بسبب عدم تعيين صاحب الشأن للحكم أو إذا أختلف الحكمان المنصوص عليهما فى الفقرة السابقة رفع النزاع إلى لجنة مؤلفة من مفوض دائم يعينه الوزير رئيساً، وعضوية كل من : ممثل عن المصلحة يختاره رئيسها، وصاحب الشأن أومن يمثله، ومندوب عن التنظيم المهني أو الحرفي أو الغرفة التى ينتمي إليها المسجل يختاره رئيس هذه الجهة، ومندوب عن هيئة الرقابة الصناعية يختاره رئيسها، وتصدر اللجنة قرارها بأغلبية الأصوات بعد أن تستمع إلى الحكمين عند توافر المرحلة الابتدائية ومن ترى الاستعانة بهم من الخبراء والفنيين. ويعلن قرار اللجنة إلى كل من صاحب الشأن والمصلحة خلال خمسة عشر يوماً
من تاريخ صدوره بكتاب موصى عليه مصحوباً بعلم الوصول.
ويكون القرار الصادر من اللجنة واجب النفاذ ويشتمل على بيان من يتحمل نفقات التحكيم. ويحدد الوزير إجراءات التحكيم بالمراعاة للقواعد المنصوص عليها فى قانون المرافعات كما يحدد نفقاته وعدد اللجان ومراكزها ودوائر اختصاصها والمكافآت التى تصرف لأعضائها ".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية مؤثراً فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع، لما كان ذلك، وكان فصل محكمة الموضوع فى النزاع المردد بين المدعى ومصلحة الضرائب يتوقف على الفصل فى دستورية نظام التحكيم المنصوص عليه فى قانون الضريبة العامة على المبيعات ؛ فإن نطاق هذه الدعوى ينحصر فيما تضمنته المادة 17 من ذلك القانون من تخويل صاحب الشأن - إذا رفض تظلمه أو لم يبت فيه - الحق فى طلب إحالة النزاع إلى التحكيم وإلا اعتبر تقدير المصلحة نهائياً ؛ وكذلك فى نص المادة 35 منه الذى اشتمل على الأحكام المنظمة لذلك التحكيم.
وحيث إن المدعى ينعى على النصين المطعون فيهما - محددين نطاقاً على النحو المتقدم - أنهما قد جعلا اللجوء إلى التحكيم إجبارياً على خلاف الأصل فيه • وحالا بذلك دون خضوع قرارات تقدير الضريبة لرقابة القضاء بما يخل بحق التقاضى المنصوص عليه فى المادة 68 من الدستور.
وحيث إن الدستور قد كفل لكل مواطن بنص مادته الثامنة والستين حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي مخولا إياه بذلك أن يسعى بدعواه إلى قاض يكون بالنظر إلى طبيعتها، وعلى ضوء مختلف العناصر التى لابستها، مهيئا دون غيره للفصل فيها، كذلك فإن لحق التقاضى غاية نهائية يتوخاها تمثلها الترضية القضائية، التى يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التى أصابتهم من جراء العدوان على الحقوق التى يطلبونها، فإذا أرهقها المشرع بقيود تعسر الحصول عليها أو تحول دونها كان ذلك إخلالا بالحماية التى كفلها الدستور لهذا الحق وإنكارا لحقائق العدل فى جوهر ملامحها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة مطرد على أن الأصل في التحكيم هو عرض نزاع معين بين طرفين علي مُحَكَّم من الأغيار يُعيَّن باختيارهما أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط يحددانها، ليفصل هذا المحكم فى ذلك النزاع بقرار يكون نائيا عن شبهة الممالأة، مجرداً من التحامل، وقاطعا لدابر الخصومة فى جوانبها التى أحالها الطرفان إليه، بعد أن يدلى كل منهما بوجهة نظره تفصيلا من خلال ضمانات التقاضي الرئيسية. ولا يجوز بحال أن يكون التحكيم إجباريا يُذعن إليه أحد الطرفين إنفاذا لقاعدة قانونية آمرة لا يجوز الاتفاق علي خلافها، وذلك سواء كان موضوع التحكيم نزاعا قائما أو محتملا، ذلك أن التحكيم مصدره الاتفاق، إذ يحدد طرفاه -وفقا لأحكامه- نطاق الحقوق المتنازع عليها بينهما، أو المسائل الخلافيه التي يمكن أن تَعْرِض لهما، وإليه ترتد السلطة الكاملة التي يباشرها المحكمون عند البت فيها، ويلتزم المحتكمون بالنزول على القرار الصادر فيه، وتنفيذه تنفيذاً كاملا وفقا لفحواه، ليؤول التحكيم إلى وسيلة فنية لها طبيعة قضائية غايتها الفصل فى نزاع مبناه علاقة محل اهتمام من أطرافها وركيزته اتفاق خاص يستمد المحكمون منه سلطاتهم، ولايتولون مهامهم بالتالي بإسناد من الدولة •وبهذه المثابة فإن التحكيم يعتبر نظاماً بديلاً عن القضاء، فلا يجتمعان، ذلك أن مقتضى الاتفاق عليه عزل المحاكم جميعها عن نظر المسائل التى انصب عليها استثناء من أصل خضوعها لولايتها.
ومؤدى ما تقدم جميعه أنه إذا ما فرض المشرّع التحكيم قسراً بقاعدة قانونية آمرة، فإن ذلك يعد انتهاكاً لحق التقاضى الذى كفله الدستور.
وحيث إن البين من استقراء المادة 17 الطعينة أنه متى أخطرت مصلحة الضرائب على المبيعات المسجل، بتعديل الإقرار المقدم منه بخطاب موصى عليه مصحوباً بعلم الوصول خلال ستين يوماً من تسلمها الإقرار، فإن الأمر لا يخرج عن إحدى حالتين ، فإما أن يقبل المسجل - صراحة أو ضمناً - ما أجرته المصلحة من تعديل، وإما أن يتقدم - خلال الميعاد المحدد- متظلماً منه، فإن رفضت المصلحة تظلمه أو لم تبت فيه، كان عليه إن أراد المضي فى المنازعة فى التعديل الذى أجرته المصلحة أن يطلب إحالة الأمر إلى التحكيم وإلا صار تقدير المصلحة نهائياً.
ثم تناولت المادة 35 تنظيم التحكيم وجعلته على مرحلتين أولاهما ابتدائية تعين فيها المصلحة محكماً ويعين صاحب الشأن المحكم الآخر، فإن لم يعينه أو اختلف الحكمان، رُفعَ النزاع إلى لجنة يستأثر وزير المالية بتحديد إجراءات التحكيم أمامها، يرأسها مفوض دائم يعينه الوزير وتضم صاحب الشأن أو من يمثله، وممثلاً عن المصلحة ومندوباً عن التنظيم المهني أو الحرفي أو الغرفة التى ينتمى إليها المسجل يختاره رئيس هذه الجهة، ومندوباً عن هيئة الرقابة الصناعية يختاره رئيسها، وتصدر هذه اللجنة قرارها بالأغلبية ويعلن لكل من المصلحة وصاحب الشأن ويكون واجب النفاذ مشتملاً على تحديد من يتحمل نفقات التحكيم •ولازم ذلك كله، أن المسجل إذا تلمس طريقاً إلى المنازعة فى مقدار الضريبة أو قيمة السلعة أو الخدمة أو نوعها أو كميتها، فليس أمامه سوى طلب إحالة النزاع إلى التحكيم ؛ وإلا كان تقدير المصلحة - مهما شابه من عسف أو مبالغة - ملزماً له ونافذاً فى حقه . و لا ينال من النتيجة المتقدمة قالة أن هذا التحكيم لا يمنع صاحب الشأن من أن يعزف عنه ويلجأ بظلامته من ذلك التقدير مباشرة إلى المحكمة، أو أن يختاره ثم يطعن على قرار اللجنة أمام القضاء ؛ لأن الأصل فى النصوص القانونية ألا تُحمل على غير مقاصدها وألا تفسر عباراتها بما يخرجها عن معناهـا ويفصلهـا عن سياقها أو يحرفها عما
اتجهت إليه إرادة مشرعها .
متى كان ذلك وكان اصطلاح " التحكيم " إنما يقصد به نظام للفصل فى منازعات معينة يكون مانعاً من ولوج طريق التقاضى أمام المحاكم بشأنها، وكان قانون الضريبة العامة على المبيعات قد أورد النص على التحكيم وما يرتبط به من إجراءات فى المواد 17 و35 و36 منه، فإن إرادة المشرّع تكون قد انصرفت بيقين إلى إنشاء نظام للتحكيم - بديلاً عن القضاء - فى منازعات انفرد وحده بتعيينها وتحديد كيفية تشكيل اللجان التى تفصل فيها، وبيان الإجراءات التى تتبعها ؛ مع أن التحكيم لا يكون إلا وليد إرادة طرفيه.
وحيث إنه متى كان ما تقدم ، فإن المادتين الطعينتين تكونان قد فرضتا التحكيم قهرا على أصحاب الشأن، وخلعتا قوة تنفيذية على القرارات التى تصدرها لجان التحكيم فى حقهم عند وقوع الخلاف بينهم وبين مصلحة الضرائب على المبيعات، وبهذه المثابة فإن هذا النوع من التحكيم - الذى يبسط مظلته على جل منازعات هذه الضريبة - يكون منافيا للأصل فيه، باعتبار أن التحكيم لا يتولد إلا عن الإرادة الحرة ولا يجوز إجراؤه تسلطا وكرها، بما مؤداه أن اختصاص جهة التحكيم التى أنشأها قانون الضريبة العامة على المبيعات- بالمادتين الطعينتين - لنظر المنازعات التى أدخلها جبرا فى ولايتها يكون منتحلا، ومنطويا بالضرورة على إخلال بحق التقاضى بحرمان المتداعين من اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي بالمخالفة للمادة 68 من الدستور، ومنعدماً بالتالي من زاوية دستورية.
وحيث إن المادة 36 من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه ترتبط ارتباطاً لا يقبل التجزئة بالمادتين 17 و35 منه، فإنها تسقط لزوماً تبعاً للحكم
بعدم دستوريتهما، إذ لا يتصور وجودها بدون هذين النصين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولا : بعدم دستورية نص المادة 17 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 فيما تضمنه من أن لصاحب الشأن أن يطلب إحالة النزاع إلى التحكيم المنصوص عليه فى هذا القانون إذا رفض تظلمه أو لم يبت فيه، وإلا اعتبر تقدير المصلحة نهائياً.

ثانيا: بعدم دستورية نص المادة 35 من ذلك القانون.
ثالثا: بسقوط نص المادة 36 من القانون المشار إليه.
رابعا: بإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
أمين السر رئيس المحكمة


عدم دستورية المادة 38 من القانون 157 لسنة 81 وأثره علي المنازعات الضريبية القائمة.
(23-03-2006)
نصر ابوالعباس أحمد
أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكماً بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 38 من قانون الضرائب لسنة 1981 والتي كانت تنص علي ان "تربط الضريبة علي الارباح الحقيقية الثابتة من واقع الاقرار المقدم من الممول اذ قبلته مصلحة الضرائب. وللمصلحة تصحيح الاقرار وتعديله كما يكون لها عدم الاعتداد بالاقرار وتحديد الارباح بطريق التقدير".
واسست المحكمة هذا الحكم القاضي بعدم دستورية هذه الفقرة علي سند من ان الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرا وبصفة نهائية من المكلفين بها ويتعين بالتالي ان تكون عادلة في جميع صورها وان تكون شروطها موضوعية دون ان تميز بين المكلفين بها وان تكون مقاييسها موحدة وان تكون العدالة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الضريبي متوافرة في تحديد وعائها واساس تقديره وان تحديد دين الضريبة ينبغي ان يبني علي تقدير حقيقي لقيمة المال الخاضع لها باعتبار ان ذلك الامر شرط لازم لعدالتها ولحماية مصلحة الممول والخزانة العامة وان تكون محددة علي اسس واقعية وان النص في المادة 38 من القانون 157 لسنة 81 بشأن أحقية المصلحة في اهدار اقرار الممول وتحديد وعاء الضريبة باتباع اسلوب التقدير دون ضوابط محددة في التشريع تحكم هذا الاجراء بمثابة عدم توازن بين حق الدولة في تحصيل الضريبة وبين حق الممول في تحديد حقيقي لوعاء الضريبة وهو شرط اساسي في العدالة الضريبية المنصوص عليها في الدستور حيث يمكن ان يتم التقدير الجزافي الذي تقوم به مصلحة الضرائب بغير ضمانات تكفل تحديد المقدرة التكليفية للممولين تقديراً حقيقياً بالاضافة الي التفرقة بين صغار الممولين ممن لا يمسكون دفاتر منتظمة وبين من لديهم هذه الدفاتر ويعتمدون اقرار تم من المحاسبين القانونيين فالطائفة الاولي من حق المصلحة اهدار اقرارتهم وتقدير وعاء الضريبة جزافيا دون شروط او ضوابط والطائفة الاخري يلزم ان تقوم المصلحة باثبات عدم صحة ما ورد بالدفاتر حتي يمكن لها اللجوء لاسلوب التقدير وهو مايعد تفرقة بين الممولين الخاضعين لذات الضريبة الواحدة دون مبررمعقول مما يعد مخالفة لاحكام الدستور بشأن العدالة الاجتماعية التي يجب ان تتوافر في النظام الضريبي.
ونري ان بهذا الحكم فإنه يمتنع علي المصلحة تطبيق اسلوب التقدير لوعاء الضريبة حيث قضي بعدم دستورية نص المادة 38 من القانون 157 لسنة 81 وهنا يثور التساؤل عن مدي امتداد هذا الحكم الي المنازعات المنظورة امام لجان الطعن الضريبي والمحاكم علي اختلاف درجاتها في ظل سريان احكام القانون 157 لسنة 81 وحيث ان احكام المحكمة الدستورية تطبق بصفة فورية علي الجميع وليس علي من صدر الحكم لصالحهم.
فإن المنازعات سالفة الذكر يطبق عليها الحكم بعدم دستورية نص المادة 38 من القانون 157 لسنة 81.
ويثور تساؤل اخر وهو ان القانون 187 لسنة 1993 قد عدل احكام القانون 157 لسنة 81 ومنها المادة المحكوم بعدم دستوريتها الا انه يلاحظ ان المادة 103 من القانون 187 لسنة 93 هي بذاتها نفس المادة 38 من القانون 157 لسنة 81 وكل ما تم تعديله وهو تغيير رقم المادة فقط.
ولذلك نري ان عدم الدستورية ايضا يلاحق المادة 103 من القانون 187 لسنة 93 وعلي ذلك فإن تقديرات المصلحة التي تمت تحت مظلة المادة 38 من القانون 157 لسنة 81 او المادة 103 من القانون 187 لسنة 93 سوف يتم الغاؤها بالكامل ويكتفي بما ورد بإقرارات الممولين دون تعديل لان حق المصلحة في التقدير قد سقط دستورياً.
ونحن نهيب بالسيد الدكتور/ وزير المالية ان يبادر بإجراء تعديل لاحكام التصالح الضريبي الواردة بالقانون 91 لسنة 2005 حتي يسمح لجميع الممولين بالاستفادة من احكام التصالح سواء كانت لهم منازعات امام المحاكم او لجان الطعن قبل سريان احكام القانون الضريبي الجديد 91 لسنة 2005 والايقتصر التصالح علي من اقام الدعوي امام المحكمة قبل 1/10/2004 وبذلك يستفيد كل من الخزانة العامة والممول.
حيث ان الخزانة تستفيد من تحصيل نسبة من الضريبة المتنازع عليها بصفة فورية بدلاً من الدفع بعدم الدستورية السالف الذكر وضياع جميع هده الضرائب والممول يستفيد من عدم الخوض في منازعات امام المحاكم وتكاليفها الادارية مقابل سداد الضريبة المخفضة وفق اسلوب التصالح الواردة بالقانون 91 لسنة 2005 وبذلك نقضي علي التفرقة بين الممولين الذين اقاموا دعاوي قضائية قبل 1/10/2004 او بعدها لتوافر شبهة عدم الدستورية علي النحو الوارد في حكم المحكمة الدستورية سالفة الذكر.
ومما هو جدير بالذكر ان المادة 90 من قانون ضرائب الدخل الجديد رقم 91 لسنة 2005 قد نصت علي الحالات التي يمكن للمصلحة ان تقوم بإجراء تقديرات للضريبة او تعديل الربط في ضوء بعض الضوابط وتنص هذه المادة علي الآتي:ت
للمصلحة ان تعدل الربط من واقع البيانات الواردة بالاقرار والمستندات المؤيدة له كما يكون للمصلحة اجراء ربط تقديري للضريبة من واقع اية بيانات متاحة في حالة عدم تقديم الممول لاقراره الضريبي او عدم تقديمه للبيانات والمستندات المؤيدة للاقرار واذا توافرت لدي المصلحة مستندات تثبت عدم مطابقة الاقرار للحقيقة فعليها اخطار الممول واجراء الفحص وتصحيح الاقرار او تعديله وتحديد الايرادات الخاضعة للضريبة، ونري انه من الاهمية بمكان اصدار تعليمات ملزمة للمصلحة بعدم التعسف عند تطبيق هذه المادة بشأن اجراء التقديرات السابقة وان تكون هذه التقديرات في حدود المستندات المتاحة للمصلحة فقط دون غيرها وعدم المغالاة في تقديراتها حتي لا يطعن عليها بعدم الدستورية ايضا.


عدم دستورية الفقرة الأولي من المادة 43 من قانون ضريبة المبيعات " التعويضات "
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقـدة يوم الأحد 4 من نوفمبر سـنة 2007 م ، الموافق 23 من شوال سنة 1428 هـ .
برئاسة السيد المستشار /ماهر البحيرى نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : محمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنـور رشـاد العاصى وإلهام نجيب نوار
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 28 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / عمرو أمين حسن تاج الدين أبو الدهب
ضـــــــــــــد
1 ـ السيد رئيس مجلس الوزارء
2 ـ السيد وزير المالية
الإجــراءات
بتاريخ الثامن عشر من يناير سنة 2006 ، أقام المدعى هذه الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين طلبت فى ختامهما الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع ـ حسبما يتبين من صحيفة الدعوى ، وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح فى القضية رقم 52 لسنة 2005 جنح – تهرب ضريبى – لأنه فى غضون الفترة من شهر يناير سنة 1994 حتى شهر ديسمبر سنة 2000 ـ بدائرة قسم الدقى ـ محافظة الجيزة ـ بصفته مسجلاً وخاضعاً لأحكام الضريبة العامة على المبيعات تهرب من أداء الضريبة المستحقة ، عن نشاطه فى بيع وتجارة مستلزمات الحاسب الآلى ـ خلال الفترة المشار إليها ـ وذلك بأن باع السلعة دون الإقرار عنها أو سداد الضريبة المستحقة عليها ، وطلبت عقابه بالمواد 2/1 ، 3/1 ، 5 ، 43/1 و2 ، 44/2 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 ، وأثناء نظر الدعوى بجلسة 8/11/2005 ، دفع المدعى بعدم دستورية المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع ، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 تنص على أنه " مع عدم الإخـلال بأى عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر ، يعاقب على التهـرب من الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، ويحكم على الفاعلين متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة " .
وحيث إن نطاق الدعوى وفقاً لطلبات المدعى وما دفع به أمام محكمة الموضوع وصرحت به يكون مقصوراً على العقوبات الواردة بالنص المطعون عليه ومداها دون أن يتعداه إلى غيره من أحكام خاصة بتجريم الفعل المعاقب عليه إذ بهذا النطاق وحده تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الدعوى الراهنة .
وحيث إن الطاعـن ينعى على النص المطعـون عليه مخالفته لنص المادة (38) من الدستور لأسباب حاصلها أن العقوبات المتعددة التى وردت به قد جاءت مفرطة ومبالغاً فيها ، ومناهضة لروح العدالة التى يقوم عليها النظام الضريبى ، كما يؤدى إلى الانتقاص من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممول مما قد يترتب عليه مصادرة وعاء الضريبة بالكامل بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور .
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها متضمناً تحديد وعائها وأسس تقديره ، وبيان مبلغها ، والملتزمين بأدائها ، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها ، وكيفية أدائها ، وضوابط تقادمها ، وما يجوز أن يتناولها من الطعون اعتراضاً عليها ، ونظم خصم بعض المبالغ أو إضافتها لحسابها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة عدا الإعفاء منها إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون . وإلى هذه العناصر جميعها يمتد النظام الضريبى فى جمهورية مصر العربية ، ليحيط بها فى إطار من قواعد القانون العام ، متخذاً من العدالة الاجتماعية ـ وعلى ما تنص عليه المـادة (38) من الدستور ـ مضموناً وإطاراً ، وهو ما يعنى بالضرورة أن حق الدولة فى اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها ، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية ، ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين بها وفق أسس موضوعية ، يكون إنصافها نافياً لتحقيقها ، وحيدتها ضماناً لاعتدالها ، بما مؤداه أن قانون الضريبة العامة ، وإن توخى حماية المصلحة الضريبية للدولة باعتبار أن الحصول على إيرادها هدف مقصود منه ابتداء ، إلا أن مصلحتها هذه ينبغى موازنتها بالعدالة الاجتماعية بوصفها مفهوماً وإطاراً مقيداً لنصوص هذا القانون فلا يكون دين الضريبة ـ بالنسبة إلى من يلزمون بها ـ متمخضاً عقاباً بما يخرجها عن بواعثها الأصلية والعرضية ، ويفقدها مقوماتها . ولا يجوز أن تعمد الدولة كذلك ـ استيفاء لمصلحتها فى اقتضاء دين الضريبة ـ إلى تقرير جزاء على الإخلال بها ، يكون مجاوزاً ـ بمداه أو تعدده ـ الحدود المنطقية التى يقتضيها صون مصلحتها الضريبية وإلا كان هذا الجزاء غلواً وإفراطاً ، منافياً بصورة ظاهرة لضوابط الاعتدال ، واقعاً عملاً ـ وبالضرورة ـ وراء نطاق العدالة الاجتماعية ، ليختل مضمونها بما ينافى القيود التى فرضها الدستور فى مجال النظام الضريبى .
وحيث إن الدستور قرن العدل بكثير من النصوص التى تضمنها ، ليكون قيداً على السلطة التشريعية فى المسائل التى تناولتها هذه النصوص ، وإنه وإن خلا من تحديد لمعنى العدالة فى تلك النصوص إلا أن المقصود بها ينبغى أن يتمثل فيما يكون حقاً وواجباً سواء فى علائق الأفراد فيما بينهم ، أم فى نطاق صلاتهم بمجتمعهم ، بحيث يتم دوماً تحديدها من منظور اجتماعى ، ذلك أن العدالة تتوخى ـ بمضمونها ـ التعبير عن القيم الاجتماعية السائدة فى مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة .
وحيث إنه من المقرر فى قضـاء هذه المحكمـة أن النصوص القانونية لا تؤخذ إلا على ضوء ما يتحقق فيه معناها ويكفل ربط مقوماتها بنتائجها ، وكان الأصل فى صور الجزاء ألا تتزاحم جميعها على محل واحد بما يخرجها عن موازين الاعتدال ، وألا يتعلق جزاء منها بغير الأفعال التى تتحد خواصها وصفاتها ، بما يلائمها ، فلا يكون من أثره العدوان دون مقتض على حقوق الملكية الثابتة لأصحابها مما يتعين معه أن يوازن المشرع قبل تقريره للجزاء بين الأفعال التى يجوز أن يتصل بها ، وأن يقدر لكل حال لبوسها ، فلا يتخذ من النصوص القانونية ما تظهر فيه مكامن مثالبها ، بل يبتغيها أسلوباً لتقويم أوضاع خاطئة.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم وإذ كانت الجزاءات الواردة فى النص المطعون عليه تنقسم إلى قسمين رئيسيين فى ضوء الأغراض التى توخاها المشرع من تقريرها :-
أولهما :ـ عقوبات جنائية بحتة هى الحبس والغرامة وقد استهدف المشرع من تقريرها تحقيق الردع العام والخاص ، والأخير يتحقق بحرمان الجانى من حريته أو من جزء من ملكه ، وهو الإيلام المقصود من العقوبة بوجه عام ، فهما عقوبتان جاءت كل عقوبة منها ذات حدين أدنى وأقصى يعمل القاضى سلطته فى إيقاع القدر المناسب منها فى كل حالة على حدة ، ومن ثم تكون هاتان العقوبتان قد جاءتا متناسبتين مع الفعل المنهى عنه ، وفقاً لما رآه المشرع محققاً للفائدة الاجتماعية المبتغاة ، وفى إطار سلطته التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق ، كما جاءت العقوبتان بالقدر اللازم لحمل المدين بدين الضريبة على الإقرار عن مبيعاته والوفاء بالضريبة المستحقة فى مواعيدها ، من غير غلو أو إسراف ، ومن ثم فإن هاتين العقوبتين لا مخالفة فيهما لحكم المادة (38) من الدستور .
وثانى تلك الجزاءات التى أوردها النص المطعون عليه هى العقوبات التى تجمع بين فكرتى الجزاء والتعويض ، وهى التى أوجب النص المطعون عليه الحكم بها وتتمثل فى إلزام المحكوم عليه بأداء الضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة .
وحيث إن الشق الأول من العقوبة والمتعلق بأداء الضريبة أمر لا مطعن عليه إذ إن هذه الضريبة هى محور النزاع وأساسه وهى أصل جريمة التهرب وبنيانها ، لذا كان الإلزام بأدائها واجباً فى كل الأحوال باعتباره من قبيل الرد العينى ، ذلك أن الأصل فى الالتزام أن ينفذ عيناً ، فإذا صار ذلك مستحيلاً بخطأ المدين آل الأمر إلى التنفيذ بطريق التعويض ، ولما كان أداء الضريبة المتهرب منها هو أمر ممكن عملاً ودائماً فإن النص على وجوب الحكم بها لا يشكل مخالفة لأحكام الدستور .
أما الضريبة الإضافية فقد استهدف بها المشرع أمرين " أولهما " تعويض الخزانة العامة عن التأخير فى تحصيل الضريبة عن الآجال المحددة لها قانوناً ، و" ثانيهما " ردع المكلفين بتحصيل الضريبة عن التقاعس فى توريدها للمصلحة، وحثهم على المبادرة إلى إيفائها ، ومن ثم فإن هذا الجزاء يكون قد برئ من شبهة العسف والغلو ، وجاء متناسباً مع جسامة الفعل المنهى عنه وبعد منح الممول مهلة سداد كافية ـ وأن مناط استحقاق ضريبة المبيعات هو بيع السلعة أو أداء الخدمة بما مؤداه أن تلك الضريبة تندمج فى ثمن السلعة وتعد جزءاً منه، ولا يتصور بالتالى بيع هذه أو أداء تلك دون تحصيل الضريبة من مشترى السلعة أو متلقى الخدمة ، وإلا كان المكلف متراخياً فى أدائها بمحض إرادته واختياره وسواء أكانت الأولى أم الثانية فإنه يلتزم بتوريد الضريبة فى الميعاد ، وإلا كان عدلاً ومنطقياً تحمله بالجزاء المقرر على عدم توريدها فى الميعاد المحدد قانوناً وبما لا مخالفة فيه لحكم المادتين (13 ، 38) من الدستور .
وإذ كانت هذه المحكمة قد سبق لها القضاء برفض الدعوى طعناً على الضريبة الإضافية حال التراخى فى توريد الضريبة الأصلية فى المواعيد المقررة فى المادة (16) من قانون الضريبة العامة على المبيعات وهى أعمال لا ترقى إلى جريمة التهرب من الضريبة فإن الوصول إلى النتيجة ذاتها فى حال التهرب منها ـ النص المطعون عليه ـ يكون أوجب .
وحيث إن المشرع أوجب بالنص المطعون فيه الحكم على الممول المتهرب بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة إذ ورد النص بعبارة " ويحكم على الفاعلين متضامنين " ولا يملك القاضى إزاء هذا الوجوب إلا أن يقضى بهذا التعويض فى جميع الحالات بالإضافة إلى الجزاءات الجنائية المحددة بالنص المطعون عليه والتى تتمثل فى الحبس أو الغرامة أو هما معاً لتتعامد هذه الجزاءات جميعها على فعل واحد هو مخالفة أى بند من البنود الواردة بنص المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 ، والتى ورد من بينها نص البند (2) والمنسوب للمدعى مخالفته والذى يتمثل فى بيع السلعة أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة عنها ، وكان مبدأ خضوع الدولة للقانون مؤداه ألا تُخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضاً أولياً لقيام الدولة القانونية ، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته ، ويندرج تحتها طائفة الحقوق الوثيقة الصلة بالحرية الشخصية ومن بينها ألا تكون العقوبة متضمنة معاقبة الشخص أكثر من مرة عن فعل واحد ، وألا يكون الجزاء مدنياً كان أو جنائياً مفرطاً بل يتعين أن يكون متناسباً مع الفعل المؤثم ومتدرجاً بقدر خطورته .
متى كان ذلك ، وكان التعويض المقرر بالنص المطعون فيه على سبيل الوجوب ، إضافة إلى تعامده مع الجزاءات الجنائية التى تضمنها النص ذاته على فعل واحد وهو التهرب من أداء الضريبة العامة على المبيعات سواء كان هذا التهرب ناتجاً عن سلوك إيجابى أم سلبى ، ناشئاً عن عمد أم إهمال ، متصلاً بغش أم تحايل ، أم مجرداً منهما ، فإنه يعد منافياً لضوابط العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى فى الدولة ومنتقصاً بالتالى ـ دون مقتض ـ من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممول الخاضع لأحكام القانون المشار إليه مما يعد مخالفة لحكم المادتين (34 و38) من الدستور .
فلهـــذه الأسبـــاب
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 فيما تضمنه من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .


عدم دستورية المادة 38 من القانون 157 لسنة 81 وأثره علي المنازعات الضريبية القائمة.
(23-03-2006)
نصر ابوالعباس أحمد
أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكماً بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 38 من قانون الضرائب لسنة 1981 والتي كانت تنص علي ان "تربط الضريبة علي الارباح الحقيقية الثابتة من واقع الاقرار المقدم من الممول اذ قبلته مصلحة الضرائب. وللمصلحة تصحيح الاقرار وتعديله كما يكون لها عدم الاعتداد بالاقرار وتحديد الارباح بطريق التقدير".
واسست المحكمة هذا الحكم القاضي بعدم دستورية هذه الفقرة علي سند من ان الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرا وبصفة نهائية من المكلفين بها ويتعين بالتالي ان تكون عادلة في جميع صورها وان تكون شروطها موضوعية دون ان تميز بين المكلفين بها وان تكون مقاييسها موحدة وان تكون العدالة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الضريبي متوافرة في تحديد وعائها واساس تقديره وان تحديد دين الضريبة ينبغي ان يبني علي تقدير حقيقي لقيمة المال الخاضع لها باعتبار ان ذلك الامر شرط لازم لعدالتها ولحماية مصلحة الممول والخزانة العامة وان تكون محددة علي اسس واقعية وان النص في المادة 38 من القانون 157 لسنة 81 بشأن أحقية المصلحة في اهدار اقرار الممول وتحديد وعاء الضريبة باتباع اسلوب التقدير دون ضوابط محددة في التشريع تحكم هذا الاجراء بمثابة عدم توازن بين حق الدولة في تحصيل الضريبة وبين حق الممول في تحديد حقيقي لوعاء الضريبة وهو شرط اساسي في العدالة الضريبية المنصوص عليها في الدستور حيث يمكن ان يتم التقدير الجزافي الذي تقوم به مصلحة الضرائب بغير ضمانات تكفل تحديد المقدرة التكليفية للممولين تقديراً حقيقياً بالاضافة الي التفرقة بين صغار الممولين ممن لا يمسكون دفاتر منتظمة وبين من لديهم هذه الدفاتر ويعتمدون اقرار تم من المحاسبين القانونيين فالطائفة الاولي من حق المصلحة اهدار اقرارتهم وتقدير وعاء الضريبة جزافيا دون شروط او ضوابط والطائفة الاخري يلزم ان تقوم المصلحة باثبات عدم صحة ما ورد بالدفاتر حتي يمكن لها اللجوء لاسلوب التقدير وهو مايعد تفرقة بين الممولين الخاضعين لذات الضريبة الواحدة دون مبررمعقول مما يعد مخالفة لاحكام الدستور بشأن العدالة الاجتماعية التي يجب ان تتوافر في النظام الضريبي.
ونري ان بهذا الحكم فإنه يمتنع علي المصلحة تطبيق اسلوب التقدير لوعاء الضريبة حيث قضي بعدم دستورية نص المادة 38 من القانون 157 لسنة 81 وهنا يثور التساؤل عن مدي امتداد هذا الحكم الي المنازعات المنظورة امام لجان الطعن الضريبي والمحاكم علي اختلاف درجاتها في ظل سريان احكام القانون 157 لسنة 81 وحيث ان احكام المحكمة الدستورية تطبق بصفة فورية علي الجميع وليس علي من صدر الحكم لصالحهم.
فإن المنازعات سالفة الذكر يطبق عليها الحكم بعدم دستورية نص المادة 38 من القانون 157 لسنة 81.
ويثور تساؤل اخر وهو ان القانون 187 لسنة 1993 قد عدل احكام القانون 157 لسنة 81 ومنها المادة المحكوم بعدم دستوريتها الا انه يلاحظ ان المادة 103 من القانون 187 لسنة 93 هي بذاتها نفس المادة 38 من القانون 157 لسنة 81 وكل ما تم تعديله وهو تغيير رقم المادة فقط.
ولذلك نري ان عدم الدستورية ايضا يلاحق المادة 103 من القانون 187 لسنة 93 وعلي ذلك فإن تقديرات المصلحة التي تمت تحت مظلة المادة 38 من القانون 157 لسنة 81 او المادة 103 من القانون 187 لسنة 93 سوف يتم الغاؤها بالكامل ويكتفي بما ورد بإقرارات الممولين دون تعديل لان حق المصلحة في التقدير قد سقط دستورياً.
ونحن نهيب بالسيد الدكتور/ وزير المالية ان يبادر بإجراء تعديل لاحكام التصالح الضريبي الواردة بالقانون 91 لسنة 2005 حتي يسمح لجميع الممولين بالاستفادة من احكام التصالح سواء كانت لهم منازعات امام المحاكم او لجان الطعن قبل سريان احكام القانون الضريبي الجديد 91 لسنة 2005 والايقتصر التصالح علي من اقام الدعوي امام المحكمة قبل 1/10/2004 وبذلك يستفيد كل من الخزانة العامة والممول.
حيث ان الخزانة تستفيد من تحصيل نسبة من الضريبة المتنازع عليها بصفة فورية بدلاً من الدفع بعدم الدستورية السالف الذكر وضياع جميع هده الضرائب والممول يستفيد من عدم الخوض في منازعات امام المحاكم وتكاليفها الادارية مقابل سداد الضريبة المخفضة وفق اسلوب التصالح الواردة بالقانون 91 لسنة 2005 وبذلك نقضي علي التفرقة بين الممولين الذين اقاموا دعاوي قضائية قبل 1/10/2004 او بعدها لتوافر شبهة عدم الدستورية علي النحو الوارد في حكم المحكمة الدستورية سالفة الذكر.
ومما هو جدير بالذكر ان المادة 90 من قانون ضرائب الدخل الجديد رقم 91 لسنة 2005 قد نصت علي الحالات التي يمكن للمصلحة ان تقوم بإجراء تقديرات للضريبة او تعديل الربط في ضوء بعض الضوابط وتنص هذه المادة علي الآتي:ت
للمصلحة ان تعدل الربط من واقع البيانات الواردة بالاقرار والمستندات المؤيدة له كما يكون للمصلحة اجراء ربط تقديري للضريبة من واقع اية بيانات متاحة في حالة عدم تقديم الممول لاقراره الضريبي او عدم تقديمه للبيانات والمستندات المؤيدة للاقرار واذا توافرت لدي المصلحة مستندات تثبت عدم مطابقة الاقرار للحقيقة فعليها اخطار الممول واجراء الفحص وتصحيح الاقرار او تعديله وتحديد الايرادات الخاضعة للضريبة، ونري انه من الاهمية بمكان اصدار تعليمات ملزمة للمصلحة بعدم التعسف عند تطبيق هذه المادة بشأن اجراء التقديرات السابقة وان تكون هذه التقديرات في حدود المستندات المتاحة للمصلحة فقط دون غيرها وعدم المغالاة في تقديراتها حتي لا يطعن عليها بعدم الدستورية ايضا.
عضو مجلس ادارة جمعية الضرائب المصرية.

عدم دستورية الفقرة الأولي من المادة 43 من قانون ضريبة المبيعات " التعويضات "
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقـدة يوم الأحد 4 من نوفمبر سـنة 2007 م ، الموافق 23 من شوال سنة 1428 هـ .
برئاسة السيد المستشار /ماهر البحيرى نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : محمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنـور رشـاد العاصى وإلهام نجيب نوار
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 28 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / عمرو أمين حسن تاج الدين أبو الدهب
ضـــــــــــــد
1 ـ السيد رئيس مجلس الوزارء
2 ـ السيد وزير المالية
الإجــراءات
بتاريخ الثامن عشر من يناير سنة 2006 ، أقام المدعى هذه الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين طلبت فى ختامهما الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع ـ حسبما يتبين من صحيفة الدعوى ، وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح فى القضية رقم 52 لسنة 2005 جنح – تهرب ضريبى – لأنه فى غضون الفترة من شهر يناير سنة 1994 حتى شهر ديسمبر سنة 2000 ـ بدائرة قسم الدقى ـ محافظة الجيزة ـ بصفته مسجلاً وخاضعاً لأحكام الضريبة العامة على المبيعات تهرب من أداء الضريبة المستحقة ، عن نشاطه فى بيع وتجارة مستلزمات الحاسب الآلى ـ خلال الفترة المشار إليها ـ وذلك بأن باع السلعة دون الإقرار عنها أو سداد الضريبة المستحقة عليها ، وطلبت عقابه بالمواد 2/1 ، 3/1 ، 5 ، 43/1 و2 ، 44/2 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 ، وأثناء نظر الدعوى بجلسة 8/11/2005 ، دفع المدعى بعدم دستورية المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع ، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 تنص على أنه " مع عدم الإخـلال بأى عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر ، يعاقب على التهـرب من الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، ويحكم على الفاعلين متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة " .
وحيث إن نطاق الدعوى وفقاً لطلبات المدعى وما دفع به أمام محكمة الموضوع وصرحت به يكون مقصوراً على العقوبات الواردة بالنص المطعون عليه ومداها دون أن يتعداه إلى غيره من أحكام خاصة بتجريم الفعل المعاقب عليه إذ بهذا النطاق وحده تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى فى الدعوى الراهنة .
وحيث إن الطاعـن ينعى على النص المطعـون عليه مخالفته لنص المادة (38) من الدستور لأسباب حاصلها أن العقوبات المتعددة التى وردت به قد جاءت مفرطة ومبالغاً فيها ، ومناهضة لروح العدالة التى يقوم عليها النظام الضريبى ، كما يؤدى إلى الانتقاص من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممول مما قد يترتب عليه مصادرة وعاء الضريبة بالكامل بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور .
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها متضمناً تحديد وعائها وأسس تقديره ، وبيان مبلغها ، والملتزمين بأدائها ، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها ، وكيفية أدائها ، وضوابط تقادمها ، وما يجوز أن يتناولها من الطعون اعتراضاً عليها ، ونظم خصم بعض المبالغ أو إضافتها لحسابها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة عدا الإعفاء منها إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون . وإلى هذه العناصر جميعها يمتد النظام الضريبى فى جمهورية مصر العربية ، ليحيط بها فى إطار من قواعد القانون العام ، متخذاً من العدالة الاجتماعية ـ وعلى ما تنص عليه المـادة (38) من الدستور ـ مضموناً وإطاراً ، وهو ما يعنى بالضرورة أن حق الدولة فى اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها ، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية ، ينبغى أن يقابل بحق الملتزمين بها وفق أسس موضوعية ، يكون إنصافها نافياً لتحقيقها ، وحيدتها ضماناً لاعتدالها ، بما مؤداه أن قانون الضريبة العامة ، وإن توخى حماية المصلحة الضريبية للدولة باعتبار أن الحصول على إيرادها هدف مقصود منه ابتداء ، إلا أن مصلحتها هذه ينبغى موازنتها بالعدالة الاجتماعية بوصفها مفهوماً وإطاراً مقيداً لنصوص هذا القانون فلا يكون دين الضريبة ـ بالنسبة إلى من يلزمون بها ـ متمخضاً عقاباً بما يخرجها عن بواعثها الأصلية والعرضية ، ويفقدها مقوماتها . ولا يجوز أن تعمد الدولة كذلك ـ استيفاء لمصلحتها فى اقتضاء دين الضريبة ـ إلى تقرير جزاء على الإخلال بها ، يكون مجاوزاً ـ بمداه أو تعدده ـ الحدود المنطقية التى يقتضيها صون مصلحتها الضريبية وإلا كان هذا الجزاء غلواً وإفراطاً ، منافياً بصورة ظاهرة لضوابط الاعتدال ، واقعاً عملاً ـ وبالضرورة ـ وراء نطاق العدالة الاجتماعية ، ليختل مضمونها بما ينافى القيود التى فرضها الدستور فى مجال النظام الضريبى .
وحيث إن الدستور قرن العدل بكثير من النصوص التى تضمنها ، ليكون قيداً على السلطة التشريعية فى المسائل التى تناولتها هذه النصوص ، وإنه وإن خلا من تحديد لمعنى العدالة فى تلك النصوص إلا أن المقصود بها ينبغى أن يتمثل فيما يكون حقاً وواجباً سواء فى علائق الأفراد فيما بينهم ، أم فى نطاق صلاتهم بمجتمعهم ، بحيث يتم دوماً تحديدها من منظور اجتماعى ، ذلك أن العدالة تتوخى ـ بمضمونها ـ التعبير عن القيم الاجتماعية السائدة فى مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة .
وحيث إنه من المقرر فى قضـاء هذه المحكمـة أن النصوص القانونية لا تؤخذ إلا على ضوء ما يتحقق فيه معناها ويكفل ربط مقوماتها بنتائجها ، وكان الأصل فى صور الجزاء ألا تتزاحم جميعها على محل واحد بما يخرجها عن موازين الاعتدال ، وألا يتعلق جزاء منها بغير الأفعال التى تتحد خواصها وصفاتها ، بما يلائمها ، فلا يكون من أثره العدوان دون مقتض على حقوق الملكية الثابتة لأصحابها مما يتعين معه أن يوازن المشرع قبل تقريره للجزاء بين الأفعال التى يجوز أن يتصل بها ، وأن يقدر لكل حال لبوسها ، فلا يتخذ من النصوص القانونية ما تظهر فيه مكامن مثالبها ، بل يبتغيها أسلوباً لتقويم أوضاع خاطئة.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم وإذ كانت الجزاءات الواردة فى النص المطعون عليه تنقسم إلى قسمين رئيسيين فى ضوء الأغراض التى توخاها المشرع من تقريرها :-
أولهما :ـ عقوبات جنائية بحتة هى الحبس والغرامة وقد استهدف المشرع من تقريرها تحقيق الردع العام والخاص ، والأخير يتحقق بحرمان الجانى من حريته أو من جزء من ملكه ، وهو الإيلام المقصود من العقوبة بوجه عام ، فهما عقوبتان جاءت كل عقوبة منها ذات حدين أدنى وأقصى يعمل القاضى سلطته فى إيقاع القدر المناسب منها فى كل حالة على حدة ، ومن ثم تكون هاتان العقوبتان قد جاءتا متناسبتين مع الفعل المنهى عنه ، وفقاً لما رآه المشرع محققاً للفائدة الاجتماعية المبتغاة ، وفى إطار سلطته التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق ، كما جاءت العقوبتان بالقدر اللازم لحمل المدين بدين الضريبة على الإقرار عن مبيعاته والوفاء بالضريبة المستحقة فى مواعيدها ، من غير غلو أو إسراف ، ومن ثم فإن هاتين العقوبتين لا مخالفة فيهما لحكم المادة (38) من الدستور .
وثانى تلك الجزاءات التى أوردها النص المطعون عليه هى العقوبات التى تجمع بين فكرتى الجزاء والتعويض ، وهى التى أوجب النص المطعون عليه الحكم بها وتتمثل فى إلزام المحكوم عليه بأداء الضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة .
وحيث إن الشق الأول من العقوبة والمتعلق بأداء الضريبة أمر لا مطعن عليه إذ إن هذه الضريبة هى محور النزاع وأساسه وهى أصل جريمة التهرب وبنيانها ، لذا كان الإلزام بأدائها واجباً فى كل الأحوال باعتباره من قبيل الرد العينى ، ذلك أن الأصل فى الالتزام أن ينفذ عيناً ، فإذا صار ذلك مستحيلاً بخطأ المدين آل الأمر إلى التنفيذ بطريق التعويض ، ولما كان أداء الضريبة المتهرب منها هو أمر ممكن عملاً ودائماً فإن النص على وجوب الحكم بها لا يشكل مخالفة لأحكام الدستور .
أما الضريبة الإضافية فقد استهدف بها المشرع أمرين " أولهما " تعويض الخزانة العامة عن التأخير فى تحصيل الضريبة عن الآجال المحددة لها قانوناً ، و" ثانيهما " ردع المكلفين بتحصيل الضريبة عن التقاعس فى توريدها للمصلحة، وحثهم على المبادرة إلى إيفائها ، ومن ثم فإن هذا الجزاء يكون قد برئ من شبهة العسف والغلو ، وجاء متناسباً مع جسامة الفعل المنهى عنه وبعد منح الممول مهلة سداد كافية ـ وأن مناط استحقاق ضريبة المبيعات هو بيع السلعة أو أداء الخدمة بما مؤداه أن تلك الضريبة تندمج فى ثمن السلعة وتعد جزءاً منه، ولا يتصور بالتالى بيع هذه أو أداء تلك دون تحصيل الضريبة من مشترى السلعة أو متلقى الخدمة ، وإلا كان المكلف متراخياً فى أدائها بمحض إرادته واختياره وسواء أكانت الأولى أم الثانية فإنه يلتزم بتوريد الضريبة فى الميعاد ، وإلا كان عدلاً ومنطقياً تحمله بالجزاء المقرر على عدم توريدها فى الميعاد المحدد قانوناً وبما لا مخالفة فيه لحكم المادتين (13 ، 38) من الدستور .
وإذ كانت هذه المحكمة قد سبق لها القضاء برفض الدعوى طعناً على الضريبة الإضافية حال التراخى فى توريد الضريبة الأصلية فى المواعيد المقررة فى المادة (16) من قانون الضريبة العامة على المبيعات وهى أعمال لا ترقى إلى جريمة التهرب من الضريبة فإن الوصول إلى النتيجة ذاتها فى حال التهرب منها ـ النص المطعون عليه ـ يكون أوجب .
وحيث إن المشرع أوجب بالنص المطعون فيه الحكم على الممول المتهرب بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة إذ ورد النص بعبارة " ويحكم على الفاعلين متضامنين " ولا يملك القاضى إزاء هذا الوجوب إلا أن يقضى بهذا التعويض فى جميع الحالات بالإضافة إلى الجزاءات الجنائية المحددة بالنص المطعون عليه والتى تتمثل فى الحبس أو الغرامة أو هما معاً لتتعامد هذه الجزاءات جميعها على فعل واحد هو مخالفة أى بند من البنود الواردة بنص المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 ، والتى ورد من بينها نص البند (2) والمنسوب للمدعى مخالفته والذى يتمثل فى بيع السلعة أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة عنها ، وكان مبدأ خضوع الدولة للقانون مؤداه ألا تُخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها فى الدول الديمقراطية مفترضاً أولياً لقيام الدولة القانونية ، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته ، ويندرج تحتها طائفة الحقوق الوثيقة الصلة بالحرية الشخصية ومن بينها ألا تكون العقوبة متضمنة معاقبة الشخص أكثر من مرة عن فعل واحد ، وألا يكون الجزاء مدنياً كان أو جنائياً مفرطاً بل يتعين أن يكون متناسباً مع الفعل المؤثم ومتدرجاً بقدر خطورته .
متى كان ذلك ، وكان التعويض المقرر بالنص المطعون فيه على سبيل الوجوب ، إضافة إلى تعامده مع الجزاءات الجنائية التى تضمنها النص ذاته على فعل واحد وهو التهرب من أداء الضريبة العامة على المبيعات سواء كان هذا التهرب ناتجاً عن سلوك إيجابى أم سلبى ، ناشئاً عن عمد أم إهمال ، متصلاً بغش أم تحايل ، أم مجرداً منهما ، فإنه يعد منافياً لضوابط العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى فى الدولة ومنتقصاً بالتالى ـ دون مقتض ـ من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممول الخاضع لأحكام القانون المشار إليه مما يعد مخالفة لحكم المادتين (34 و38) من الدستور .
فلهـــذه الأسبـــاب
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 فيما تضمنه من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

القضية 162 لسنة 31 قضائية ( دستورية )
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الاحد , السابع من ابريل سنة 2013 الموافق السادس والعشرين من جماد الاول سنة 1434 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيري رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر الشريف نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع امين السر
اصدرت الحكم الآتي
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 162 لسنة 31 قضائية ( دستورية ) , بعد ان احالت المحكمة الادارية العليا دائرة توحيد المبادئ ملف الطعن رقم 14678لسنة 52 قضائية عليا.
المقام من
السيد / عبد الله بن ثنيان الثنيان
ضد
1- السيد وزير المالية
2- رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات
3- رئيس مصلحة الجمارك
الاجراءات
بتاريخ 28 يوليه سنة 2009 ورد الى قلم كتاب المحكمة ملف الطعن رقم 14678لسنة 52 قضائية عليا , بعد ان قضت المحكمة الادارية العليا دائرة توحيد المبادئ بجلسة 11/4/2009 بوقف الطعن واحالة الاوراق الى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية نصى الفقرتين الاخيرتين من المادتين ( 17 , 35 ) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيهما الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى , اودعت هيئة المفوضين تقريرا برايها .
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة , وقررت المحكمة اصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق , والمداولة .
حيث ان الوقائع - على ما يتبين من حكم الاحالة وسائر الاوراق – تتحصل في ان الشركة العربية للثروة الحيوانية كانت قد اقامت بتاريخ 2/4/2002 الدعوى رقم 9884 لسنة 56 قضائية , امام محكمة القضاء الاداري , ضد وزير المالية واخرين , بطلب الحكم بإلغاء قرار مصلحة الضرائب على المبيعات برفض اعفاء الخامات والمعدات والادوات والآلات التي تستوردها الشركة , واللازمة لتحقيق اغراضها , من الضريبة العامة على المبيعات , والقضاء بأحقيتها في الاعفاء من هذه الضريبة , على سند من ان الاتفاقية الدولية المؤسسة للشركة والصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 412 لسنة 1975 وملحقاتها وعقد تأسيسها , تقضى بإعمال هذا الاعفاء , الا ان مصلحة الضرائب على المبيعات رفضت اعفاء الرسائل التي تستوردها الشركة من هذه الضريبة , مما حدا بها الى اقامة الدعوى المشار اليها. وبجلسة 28 /2/2006 قضت المحكمة برفض الدعوى , تأسيسا على الاتفاقية سالفة الذكر لم تنص الا على الاعفاء من تلك الضريبة , على نحو ما اوجبته المادة ( 30 ) من قانون الضريبة العامة على المبيعات, كما لم تشر الشركة الى ان جميع السلع المستوردة رأسمالية . وقد طعنت الشركة على هذا الحكم بالطعن رقم 14678لسنة 52 قضائية عليا , ونظر الطعن امام الدائرة الاولى بالمحكمة الادارية العليا التي قضت بجلسة 15/3/2008 بإحالته الى دائرة توحيد المبادئ للفصل فيما اذا كان نشاط الشركة في مجال الثروة الحيوانية يخضع للضريبة العامة على المبيعات من عدمه , وبجلسة 11/4/2009 قضت المحكمة بوقف الطعن واحالة الاوراق الى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرتين الاخيرتين من المادتين ( 17 , 35 ) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005 , وذلك لما ارتأته من ان هذين النصين قد منحا الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات للمحكمة الابتدائية بالرغم من طبيعتها الادارية البحتة , ودون مبرر تقتضيه الضرورة او المصلحة العامة , بالمخالفة لنص المادة ( 172 ) من دستور 1971 , والبندين السادس والرابع عشر من المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشان مجلس الدولة .
وحيث ان المادة ( 17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2005 قد نصت في فقرتها الاخيرة على ان ...... وللمسجل الطعن في تقدير المصلحة امام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صيرورته نهائيا .
وتنص المادة ( 35 ) من القانون ذاته بعد تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005 في فقرتها السادسة على انه ( .... وفى جميع الاحوال يحق لصاحب الشأن الطعن على القرار الصادر من لجنة التظلمات امام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوما من تاريخ الاخطار ) .
وحيث ان المصلحة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها ان يكون الفصل فى المسالة الدستورية لازما للفصل في مسالة كلية او فرعية تدور حول الخصومة بأكملها او شق منها في الدعوى الموضوعية . وكان حقيقة ما قصدت اليه محكمة الموضوع من الاحالة هو الفصل في مدى دستورية نص الفقرة الاخيرة من المادة ( 17) ونص الفقرة السادسة من المادة ( 35 ) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، بعد تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005 والتي عقدت الاختصاص للمحكمة الابتدائية بالفصل في المنازعات التي عددتها , متى كان ذلك , وكان الفصل في اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الامورالمتعلقة بالنظام العام بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة في نظرها والفصل فيها , ومن اجل ذلك كان التصدي له سابق بالضرورة على البحث في موضوعها , وكانت المسالة المثارة امام محكمة الموضوع انما تتصل بتحديد المحكمة المختصة بالفصل في النزاع الموضوعي الذى يدور حول مدى خضوع الخامات والمعدات والادوات والآلات التي تستوردها الشركة العربية للثروة الحيوانية للضريبة العامة على المبيعات , واذ كان النصان المشار اليهما يتضمنان التنظيم القانوني الحاكم لتلك المسالة , ويسريان على الدعوى الموضوعية المقامة في 2/4/2002 قبل العمل بالقانون رقم 9 لسنة 2005, وذلك اعمالا لنص المادة الاولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية التي تنص على ان :- تسرى قوانين المرافعات على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها ، ويستثنى من ذلك :- 1- القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى...., ومن ثم فان المصلحة في الطعن على هذين النصين تكون متحققة , بحسبان القضاء في دستوريتهما سيكون له اثره وانعكاسه الاكيد على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها , وولاية محكمة الموضوع في الفصل فيها .
وحيث انه بالنسبة لما ينعاه حكم الاحالة على النصين المطعون فيهما من مخالفة البندين السادس والرابع عشر من المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشان مجلس الدولة , فهو مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من ان مناط اختصاصها بالفصل فى دستورية القوانين واللوائح هو مخالفة التشريع المطعون فيه لنص في الدستور , ولا تمتد رقابتها – تبعا لذلك – لحالات التعارض بين القوانين واللوائح وبين التشريعات ذات المرتبة الواحدة , ومن ثم فان النعي المتقدم لا يعدو ان يكون نعيا بمخالفة قانون لقانون اخر , ولا يشكل مخالفة لأحكام الدستور, ويخرج النظر فيه عن الاختصاص المحدد للمحكمة الدستورية العليا .
وحيث انه من المقرر ان الرقابة على دستورية القوانين واللوائح من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية الذى تضمنها الدستور , انما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره , اذ ان هذه الرقابة انما تستهدف اصلا صون الدستور المعمول به وحمايته من الخروج على احكامه , وان نصوص هذا الدستور تمثل دائما القواعد والاصول التي يقوم عليها نظام الحكم , ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام , التي يتعين التزامها ومراعاتها واهدار ما يخالفها من التشريعات , باعتبارها اسمى القواعد الامرة , وعلى ذلك فان هذه المحكمة تباشر رقابتها على النصين المطعون فيهما من خلال احكام الدستور الحالي الصادر بتاريخ 25/12/2012 , باعتباره الوثيقة الدستورية الحاكمة للنزاع المعروض .
وحيث ان المشرع الدستوري , بدءا من دستور سنة 1971 قد حرص على دعم مجلس الدولة , الذى اصبح منذ استحداثه نص المادة ( 172 ) منه جهة قضاء قائمة بذاتها , محصنة ضد اى عدوان عليها او على اختصاصها المقرر دستوريا عن طريق المشرع العادي , وهو ما اكده الاعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011 الذى اورد ذات الحكم في المادة ( 48 ) منه , والمادة ( 174 ) من الدستور الحالي الصادر بتاريخ 25/12/2012 التي تنص على ان ( مجلس الدولة , جهة قضاء مستقلة , يختص دون غيره من جهات القضاء بالفصل في كافة المنازعات الادارية ......) ولم يقف دعم المشرع الدستوري لمجلس الدولة عند هذا الحد , بل جاوزه الى الغاء القيود التي كانت تقف حائلا بينه وبين ممارسته لاختصاصاته , فاستحدث بالمادة ( 68 ) من دستور سنة 1971 نصا يقضى بان التقاضي حق مكفول للناس كافة , وان لكل مواطن حق الالتجاء لقاضيه الطبيعي , وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا , ويحظر النص على تحصين اى عمل او قرار ادارى من رقابة القضاء , وقد سار الدستور الحالي على ذات النهج فردد في المادة ( 75 ) منه الاحكام ذاتها , كما حظر فيها بنص صريح انشاء المحاكم الاستثنائية , وبذلك سقطت جميع النصوص القانونية التي كانت تحظر الطعن في القرارات الادارية , و ازيلت جميع العوائق التي كانت تحول بين المواطنين والالتجاء الى مجلس الدولة بوصفه القاضي الطبيعي للمنازعات الادارية واذ كان المشرع الدستوري بنصه على ان لكل مواطن حق الالتجاء لقاضيه الطبيعي قد دل على ان هذا الحق في اصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافا فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم وقائما على مصالحهم الذاتية , وان الناس جميعا لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ الى قاضيهم الطبيعي , ولا في نطاق القواعد الاجرائية او الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية , ولا في مجال التداعي بشان الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها , اذ ينبغي دائما ان يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سؤاء في مجال اقتضائها او الدفاع عنها او الطعن في الاحكام التي تصدر فيها , وكان مجلس الدولة قد غدا في ضوء الاحكام المتقدمة قاضى القانون العام , وصاحب الولاية العامة دون غيره من جهات القضاء بالفصل في كافة المنازعات الادارية الا ما يتعلق منها بشئون اعضاء الجهات القضائية المستقلة الاخرى التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لتلك الجهات , سواء ورد النص على ذلك صراحة في الدستور او تركه للقانون , كذلك يخرج عن نطاق الولاية العامة لمجلس الدولة الفصل في كافة المنازعات الادارية الخاصة بالقرارات الصادرة في شان ضباط وافراد القوات المسلحة , وينعقد الاختصاص به للجان القضائية الخاصة بهم طبقا لنص المادة ( 196 ) من الدستور الحالي .
وحيث انه من المقرر في قضاء هذه المحكمة ان الاصل في الضريبة العامة انها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرا بما لها من ولاية على اقليمها لتنمية مواردها , باعتبار ان حصيلتها تعد ايرادا عاما يؤول الى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التي يتم تدبيرها لتشكل جميعها نهرا واحدا لإيراداتها الكلية , وان نص القانون هو الذى ينظم رابطتها محيطا بها , مبينا حدود العلاقة بين الملتزم بيها من ناحية , وبين الدولة التي تفرضها من ناحية اخرى , سواء في مجال تحديد الاشخاص الخاضعين لها , او الاموال التي تسرى عليها , وشروط سريانها وسعر الضريبة , وكيفية تحديد وعائها وقواعد تحصيلها , واحوال الاعفاء منها , والجزاء على مخالفة احكامها .
وكان قانون الضريبة اذ يصدر على هذا النحو فانه ينظم رابطتها تنظيما شاملا يدخل في مجال القانون العام , ويبرز ما للخزانة العامة من حقوق قبل الممول وامتيازاتها عند مباشرتها , وبوجه خاص في مجال توكيده حق الادارة المالية في المبادأة بتنفيذ دين الضريبة على الممول , وتأثيم محاولة التخلص منه . واذ كان حق الخزانة العامة في جباية الضرائب يقابله حق الممول في فرضها وتحصيلها على اسس عادلة , الا ان المحقق ان الالتزام بالضريبة ليس التزاما تعاقديا ناشئا عن التعبير المتبادل عن ارادتين متطابقتين , بل مرد هذا الالتزام الى نص القانون وحده فهو مصدره المباشر , واذ تتدخل الدولة لتقرير الضريبة وتحصيلها , فليس باعتبارها طرفا في رابطة تعاقدية أيا كان مضمونها , ولكنها تفرض – في اطار قواعد من القانون العام – الاسس الكاملة لعلاقة قانونية ضريبية لا يجوز التبديل او التعديل فيها او الاتفاق على خلافها .
وحيث ان المشرع قد اقر بالطبيعة الادارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الادارية في منازعات الضرائب والرسوم , بدءا من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شان تنظيم مجلس الدولة , الذى اسند بنص البند سابعا من المادة ( 8 ) منه لمجلس الدولة كهيئة قضاء ادارى الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات , واوضحت المذكرة الايضاحية لهذا القانون ان الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار انها ذات طبيعة ادارية بحتة , وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شان تنظيم مجلس الدولة على النهج ذاته نص في البند سابعا من مادته رقم ( 8 ) على الحكم ذاته , واكدت هذا الاختصاص المادة ( 10 ) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشان مجلس الدولة , التي عقدت في البند السادس منها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الادارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقا للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات امام مجلس الدولة .
وحيث انه متى كان ذلك , وكان المرجع في تحديد بنيان الضريبة العامة على المبيعات وعناصرها ومقوماتها واوضاعها واحكامها المختلفة , بما في ذلك السلع والخدمات الخاضعة للضريبة , والمكلفين بها والملتزمين بعبئها وقيمة الضريبة المستحقة ومدى الخضوع لها والاعفاء منها الى قانون هذه الضريبة , والى القرار الصادر من الجهة الادارية المختصة تنفيذا لأحكامه , فان المنازعة في هذا القرار تعد منازعة ادارية بحسب طبيعتها , تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقا لنص المادة ( 174 ) من الدستور الحالي الصادر بتاريخ 25/12/2012. واذ اسند النصان المطعون فيهما الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات الى المحكمة الابتدائية التابعة لجهة القضاء العادي فان مسلك المشرع على هذا النحو يكون مصادما لأحكام الدستور الذى اضحى بمقتضاه مجلس الدولة , دون غيره من جهات القضاء – وفى حدود النطاق المتقدم ذكره - هو صاحب الولاية العامة في الفصل في كافة المنازعات الادارية وقاضيها الطبيعي , والتي تدخل ضمنها الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الادارية في منازعات الضرائب . ولا وجه للاحتجاج في هذا الشأن بان البند السادس من المادة ( 10 ) من القانون الحالي بشان مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 , جعل مباشرة المجلس لهذا الاختصاص رهنا بصدور القانون المنظم لكيفية نظر منازعات الضرائب امام محاكمه – اذ لم يخص المشرع الدستوري – سواء في ظل دستور سنة 1971 او الدستور الحالي – نظر تلك المنازعات والفصل فيها بقواعد اجرائية استلزم صدور قانون بها , استثناء من القواعد التي تخضع لها سائر المنازعات الادارية الاخرى , التي عهد لمجلس الدولة بالفصل فيها , كما ان التراخي في سن القانون المنظم لكيفية نظر هذه المنازعات امامه اعمالا للنص المذكور – والذى طال اهماله من تاريخ العمل بالقانون رقم 47 لسنة 1972 المشار اليه في 5/10/1972 – او تضمين قانون الضريبة تلك القواعد , لا يعد مبررا ولا مسوغا لإهدار الاختصاص الذى احتفظ به الدستور لمجلس الدولة , بل يناهض ما انتهجه المشرع في شان الضريبة على العقارات المبنية , اذ نصت المادة ( 7 ) من قانون هذه الضريبة الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008 على ان :- يختص القضاء الإداري دون غيره بالفصل في المنازعات التي تنشا عن تطبيق احكام هذا القانون كما يتصادم مع الالتزام الدستوري الذى يفرضه نص المادة ( 75) من الدستور بكفالة الحق لكل مواطن في الالتجاء الى قاضيه الطبيعي , والذى يقتضى ان يوفر لكل فرد نفاذا ميسرا اليه , وازالة العوائق خاصة الاجرائية منها التي تحول دون حصوله على الترضية القضائية التي يطلبها لمواجهة الاخلال بالحقوق التي يدعيها
, والقول بغير ذلك مؤداه ولازمه استتار المشرع وراء سلطته في هذا الشأن ليصرفها في غير وجهها , فلا يكون عملها الا انحرافا عنها .
وحيث انه لما كان ذلك , وكان النصان المطعون فيهما يمثلان اخلالا باستقلال السلطة القضائية , وينتقصان من اختصاص مجلس الدولة , باعتباره صاحب الولاية العامة دون غيره بالفصل في كافة المنازعات الادارية وقاضيها الطبيعي , بالمخالفة لنصوص المواد ( 74 , 75 , 168 , 174 ) من الدستور الحالي الصادر بتاريخ 25/12/2012 , مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريتهما .
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الاخيرة من المادة ( 17 ) ونص الفقرة السادسة من المادة ( 35 ) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديلها بالقانون رقم 9 لسنة 2005.
امين السر رئيس المحكمة

حكم بعدم دستورية نصوص بقانون ضريبة مبيعات
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثالث عشر من نوفمبر سنة 2011م ، الموافق السابع عشر من ذى الحجة سنة 1432 ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عدلى محمود منصور ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 113 لسنة 28 قضائية "دستورية "
المقامة من
السيد / نسيم جوزيف فرنسيس
ضد
1 السيد رئيس الجمهورية
2 السيد رئيس مجلس الوزراء
3 السيد وزير المالية
4 السيد رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات
الإجراءات
بتاريخ الثانى والعشرين من يونيو سنة 2006 ، أقام المدعى هذه الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، طلبًا للحكم بعدم دستورية نص المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، فيما تضمنه من تفويض وزير المالية مد ميعاد تعديل الإقرار الضريبى ، وسقوط قرارى وزير المالية رقمى 231 لسنة 1991 و143 لسنة 1992 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة أربع مذكرات بدفاعها ، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين ثلاثة تقارير برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى كان قد تم تسجيله لدى مصلحة الضرائب على المبيعات بالإسكندرية عن نشاطه فى بيع الذهب ، وقام بتقديم إقراراته الضريبية عن المدة من شهر سبتمبر سنة 2002 إلى شهر ديسمبر سنة 2004 ، وسدد ضريبة المبيعات المستحقة من واقع تلك الإقرارات . وبتاريخ 21/11/2005 ، أخطرته مصلحة الضرائب بالنموذج ( 15 ضرائب عامة مبيعات ) ، وطالبته بسداد مبلغ (44ر7110) جنيه ، فروق ضريبة المبيعات المستحقة على نشاطه خلال المدة المشار إليها ، بعد التعديلات التى أدخلتها المصلحة على إقراراته الضريبية ، كما طالبته بسداد الضريبة الإضافية على النحو المقرر قانونًا . فتظلم المدعى من تلك المطالبة ، ثم طلب إحالة الأمر إلى لجان التوفيق بالمصلحة ، والتى أصدرت قرارها بتاريخ 19/3/2006 بعدم اختصاصها بنظر الطلب ، فأقام المدعى الدعوى رقم 91 لسنة 2006 مدنى جزئى ، أمام محكمة العطارين بالإسكندرية ، بطلب الحكم ببراءة ذمته من المبلغ المالى محل المطالبة ، وبطلان إخطاره بالنماذج الضريبية . وحال نظر الدعوى ، دفع بعدم دستورية المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع ، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن نص المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، مقروءًا فى ضوء الحكم الصادر من هذه المحكمة بجلسة 6/1/2001 فى القضية رقم 65 لسنة 18 قضائية " دستورية " كان يقضى بأن " للمصلحة تعديل الإقرار المنصوص عليه فى المادة السابقة ، ويخطر المسجل بذلك بخطاب موصى عليه مصحوبًا بعلم الوصول خلال ستين يومًا من تاريخ تسليمه الإقرار للمصلحة .
وللمسجل أن يتظلم لرئيس المصلحة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تسليم الإخطار .
وفى جميع الأحوال يجوز مد هذه المدد بقرار من الوزير .
ويعتبر تقدير المصلحة نهائيًا إذا لم يقدم التظلم خلال المواعيد المشار إليها " .
واستنادًا لنص الفقرة الثالثة من النص المتقدم ، فقد أصدر وزير المالية قراره رقم 231 لسنة 1991 ، بمد مدة الستين يومًا التى يجوز فيها للمصلحة تعديل الإقرار المقدم من المسجل ، إلى مدة سنة ، ثم أصدر قراره رقم 143 لسنة 1992 بمد هذه المدة إلى ثلاث سنوات .
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية ، وهى شرط لقبولها ، مناطها – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع . ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع شرطين ، أولهما : أن يقيم المدعى – فى الحدود التى اختصم فيها النص المطعون عليه – الدليل على أن ضررًا واقعيًا قد لحق به ، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًا أو مجهلاً ، ثانيهما : أن يكون مرد الأمر فى هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه .
متى كان ما تقدم ، وكانت رحى النزاع فى الدعوى الموضوعية تدور حول مدى أحقية المدعى فى طلب الحكم ببراءة ذمته من فروق مبلغ ضريبة المبيعات ، وما يستحق من ضريبة إضافية ، التى تطالبه مصلحة الضرائب بسدادها عن نشاطه فى بيع الذهب ، خلال المدة من سبتمبر سنة 2002 إلى ديسمبر سنة 2004 ، وفقًا للتعديلات التى أجرتها على إقراراته ، بعد انقضاء مدة الستين يومًا المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة (17) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، تأسيسًا على أن تلك المدة ، تم مدها إلى ثلاث سنوات بموجب قرار وزير المالية رقم 143 لسنة 1992 ، الذى صدر استنادًا للفقرة الثالثة من النص ذاته . وترتيبًا على ذلك فإن الفصل فى دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة المذكورة ، سوف يرتب انعكاسًا على الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع ، ومن ثم تتوافر للمدعى مصلحة شخصية ومباشرة فى الطعن بعدم دستوريته . ويتحدد نطاق الدعوى الماثلة فيما تضمنه هذا النص من تخويل وزير المالية سلطة مد المدة التى يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار المقدم من المسجل ، ولا يمتد إلى باقى أجزاء المادة المذكورة .
وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون عليه – محددًا نطاقًا على النحو المتقدم – أنه إذ ناط بوزير المالية مد المدة التى يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار الضريبى المقدم من المسجل ، فإنه يكون قد خوله سلطة تعديل ميعاد يتعلق بقواعد ربط الضريبة ، التى لا يجوز تنظيمها إلا بقانون ، وذلك بالمخالفة لأحكام المواد 38 و86 و119 و120 من دستور سنة 1971.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن " حماية هذه المحكمة للدستور ، إنما تنصرف إلى الدستور القائم ، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس ذا أثر رجعى ، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذى صدر القانون المطعون عليه فى ظل العمل بأحكامه ، طالما أن هذا القانون قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدال نص آخر به خلال مدة سريان ذلك الدستور " . متى كان ذلك ، وكان نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ( النص المطعون عليه ) ، قد تم تعديله بموجب القانون رقم 9 لسنة 2005 ، قبل نفاذ الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30 مارس سنة 2011 بعدة سنوات ، ومن ثم فإنه لا يمكن الاحتكام إلى ما ورد بأحكام ذلك الإعلان الدستورى فيما يتعلق بالنص المطعون عليه ، وإنما يتعين الاحتكام بشأنه إلى ما ورد بدستور سنة 1971 ، الذى صدر القانون المشتمل على النص المطعون عليه فى ظل العمل بأحكامه ، وتم العمل بذلك النص إلى أن تم استبدال نص آخر به ، خلال مدة سريان ذلك الدستور .
وحيث إن المادة (86) من دستور سنة 1971 نصت على أن " يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع .... " ، ونص فى المادة (119) منه على أن
" إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون ، ولا يعفى أحد من أدائها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون . ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا فى حدود القانون " . وكان هذا النص ترديدًا لذات الأحكام التى تبنتها الدساتير المصرية السابقة .
ومؤدى هذا النص الأخير – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أنه مايز بين الضريبة العامة وغيرها من الفرائض المالية من حيث أداة إنشاء كل منها ، فنص على أن أولاهما لا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ، وأن ثانيتهما يجوز إنشاؤها فى الحدود التى يبينها القانون . بما مفاده أن السلطة التشريعية هى التى تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة ، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها ، متضمنًا تحديد نطاقها ، وعلى الأخص من خلال تحديد وعائها وأسس تقديره ، وبيان مبلغها ، والملتزمين أصلاً بأدائها ، والمسئولين عنها ، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها ، وكيفية أدائها ، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة ، عدا الإعفاء منها ، إذ يجوز أن يتقرر فى الأحوال التى يبينها القانون .
وحيث إن المشرع ، بموجب أحكام القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، بعد أن ألزم المسجل بتقديم إقرار شهرى عن الضريبة المستحقة ، نص فى الفقرة الأولى من المادة (17) من ذلك القانون – قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 – على أنه " للمصلحة تعديل الإقرار المنصوص عليه فى المادة السابقة ويخطر المسجل بذلك ...... خلال ستين يومًا من تاريخ تسليمه الإقرار للمصلحة " ، وأجازت الفقرة الثانية من تلك المادة للمسجل التظلم من ذلك التعديل لرئيس المصلحة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ استلامه الإخطار ، ورتبت الفقرة الرابعة منها جزاء مخالفة المواعيد المشار إليها ، بنصها على أن " ويعتبر تقدير المصلحة نهائيًا إذا لم يقدم التظلم خلال المواعيد المشار إليها " . ولازم ذلك أن الميعاد الذى يجوز لمصلحة الضرائب خلاله تعديل إقرار المسجل وإخطاره بذلك التعديل ، إنما يتعلق بقواعد ربط الضريبة ، خاصة وأن عدم التظلم من التعديل الذى يتم خلاله ، يترتب عليه حتمًا – وبنص القانون – اعتبار تقدير المصلحة نهائيًا . متى كان ذلك ، وكانت الفقرة الثالثة من المادة (17) من القانون ذاته قد أجازت لوزير المالية إصدار قرار بمد هذا الميعاد ( مدة الستين يومًا ) ، دون تحديد سقف زمنى لهذه الرخصة ، بما مؤداه أن هذا المد قد صار طليقًا بيد القائمين على تنفيذ القانون ، وهو ما حدا بوزير المالية لإصدار قراريه رقمى 231 لسنة 1991 و143 لسنة 1992 بمد مدة الستين يومًا إلى سنة ، ثم إلى ثلاث سنوات . وإذ كان هذا الميعاد يتعلق – وعلى ما سلف – بقواعد ربط الضريبة ، وهو الأمر المحجوز للسلطة التشريعية ، ولا يجوز تنظيمه إلا بقانون يصدر منها ، وليس بأداة أدنى ، وإلا عد ذلك إعراضًا من جانبها عن مباشرة ولايتها التشريعية فى هذا الشأن ، فإن ما ورد بالنص المطعون عليه من تخويل الوزير سلطة مد هذا الميعاد بقرار يصدر منه ، يكون قد وقع فى حمأة مخالفة نص المادة (119) من دستور سنة 1971 ، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
وحيث إنه لا يقيل النص المطعون عليه من عثرته ، التحدى بأنه لا يخول وزير المالية غير إصدار اللوائح التنفيذية اللازمة لتنفيذ هذا القانون ، فذلك مردود بأن الأصل فى هذه اللوائح التنفيذية التى تصدر وفقًا لنص المادة (144) من دستور سنة 1971 ، أنها تفصل ما ورد إجمالاً فى النصوص القانونية ، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها ، ولا كذلك النص المطعون عليه ، إذ خول وزير المالية سلطة مد الميعاد الذى حدده القانون على نحو ما سلف بيانه.
وحيث إن القضاء بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه ، يستتبع بحكم اللزوم سقوط قرارى وزير المالية رقم 231 لسنة 1991 و143 لسنة 1992 الصادرين استنادًا إليه .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً – بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005 ، فيما تضمنه من تخويل وزير المالية سلطة مد المدة التى يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار المقدم من المسجل .
ثانيًا – بسقوط قرارى وزير المالية رقمى 231 لسنة 1991 و143 لسنة 1992 .
ثالثًا – إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه .

عدم دستورية نص المادة (96) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 15 أبريل سنة 2007م، الموافق 27 ربيع الأول سنة 1428ه.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين :ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح والدكتور حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف والدكتور عادل عمر شريف
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 178 لسنة 19 قضائية "دستورية"
المقامة من
السيد/ حمدى محمد محمد الشرقاوى
ضد
1– السيد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب
2- السيد رئيس مجلس الوزراء
الإجراءات
بتاريخ السادس عشر من سبتمر سنة 1997، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادتين 96 و172 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانونين رقمى 87 لسنة 1983 و187 لسنة 1993، وكذا نص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتان طلبت فيهما الحكم أولاً:- بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 تأسيساً على سبق صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا برفض الطعن على هذه المادة، وثانياً رفض الدعوى، ثم قدمت مذكرة أخيرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى برمتها واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أنه سبق أن ثار خلاف بين المدعى وبين مصلحة الضرائب حول تقدير أرباحه عن نشاطه فى تجارة الحديد عن السنوات من 1980 حتى 1987 تم حسمه بالحكم الصادر من محكمة بنها الابتدائية فى الدعوى رقم 536 لسنة 1993 ضرائب بنها، والمؤيد استئنافياً بالاستئناف رقم 267 لسنة 27 قضائية، قامت على أثره مصلحة الضرائب بتقدير ضرائب أرباح تجارية، وإيراد عام ورسم تنمية الموارد المالية للدولة المستحقة عليه عن السنوات من 1980 حتى 1986، إلا أن المدعى اعترض على هذا التقدير وما أضيف إليه من غرامات تأخير، ومن ثم فقد أقام الدعوى رقم 362 لسنة 1997 مدنى كلى ضرائب بنها ضد وزير المالية طالباً الحكم بإعادة حساب الضرائب المستحقة بعد استنزال جميع المبالغ التى لم تستنزل وقصر المطالبة على المبلغ الذى يسفر عنه الحساب النهائى وإلغاء مقابل التأخير، واحتياطياً ندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق أوجه اعتراضاته وإعادة حساب الضرائب المستحقة على التفصيل الوارد بصحيفة دعواه. وأثناء نظر الدعوى دفع بعدم دستورية نص المادتين 96 و172 من القانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانونين رقمى 87 لسنة 1983 و187 لسنة 1993 وكذا نص البند (1) أولاً من القانون رقم 147 لسنة 1984، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث يبين من الوقائع أن الضرائب محل النزاع فى الدعوى الموضوعية مستحقة عن السنوات من سنة 1980 حتى سنة 1986، كما أن مصلحة الضرائب تطالب المدعى بفوائد تأخير عن قيمة الضرائب التى لم يسددها حتى سنة 1997، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد فى المادة (96) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، وكذا نص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، بالاضافة إلى نص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984.
ولا ينال من ذلك إلغاء النصوص المذكورة بالمادة الثانية من قانون إصدار قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005، وذلك فى ضوء ما هو مقرر من أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل ممن طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة فى الطعن عليها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة فى الدعوى الماثلة بالنسبة لنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993، وذلك بحكمها الصادر فى الدعوى رقم 26 لسنة 16 قضائية "دستورية" بجلسة 16/11/1996، والقاضى برفض الدعوى. وقد نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية، العدد رقم 47 بتاريخ 28/11/1996. وإذ كان مقتضى المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً فى المسألة المقضى فيها، وهى حجية تحول دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، الأمر الذى يتعين معه عدم قبول هذا الشق من الدعوى.
وحيث إنه عن الدفع المقدم من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى برمتها على سند من أن تقدير الضرائب المستحقة على المدعى عن السنوات من سنة 1980 حتى سنة 1986 صار نهائياً بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 536 لسنة 1993 ضرائب كلى بنها والمؤيد استئنافياً فى الدعوى رقم 267 لسنة 27 قضائية، بما تنتفى معه مصلحة المدعى فى الطعن على النصوص المتعلقة بفرض هذه الضرائب، فإن هذا الدفع مردود بأن ما قضى به الحكمان المذكوران يقتصر على تحديد الأرباح التى حققها المذكور خلال السنوات المشار إليها، أما تقدير الضرائب المختلفة المستحقة على هذه الأرباح فمازال محل نزاع متداول أمام محكمة الموضوع والتى ثار أمامها الدفع بعدم دستورية النصوص المقررة لهذه الضرائب على النحو سالف البيان.
وحيث إن المادة (96) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 تنص على أن "يحدد سعر الضريبة سنوياً على الوجه الآتى:-
الشريحة الأولى: حتى 2000 جنيه معفاه.
الشريحة الثانية: أكثر من 2000 جنيه حتى 10000 يكون السعر 8% عن الألف جنيه الأولى ويزاد بواقع 1% عن كل ألف جنيه تالية.
الشريحة الثالثة: أكثر من 10 آلاف جنيه حتى 50 ألف جنيه يكون السعر 8% عن العشرة آلاف جنيه الأولى ويزاد بواقع 2% عن كل خمسة آلاف جنيه تالية.
الشريحة الرابعة: أكثر من 50 ألف جنيه يكون السعر 22% عن العشرة آلاف جنيه الأولى ويزاد بواقع 5% عن كل خمسة آلاف جنيه تالية.
الشريحة الخامسة: أكثر من 75 ألف جنيه يكون السعر 50%
وتنص المادة المذكورة بعد تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 بشأن تعديل قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 على أن: "يحدد سعر الضريبة سنوياً على الوجه الآتى:
الشريحة الأولى: حتى 2000 جنيه معفاه.
الشريحة الثانية: أكثر من 2000 – 3000 جنيه 8%.
الشريحة الثالثة: أكثر من 3000 – 4000 جنيه 9%.
الشريحة الرابعة: أكثر من 4000 – 5000 جنيه 10%.
الشريحة الخامسة: أكثر من 5000 – 6000 جنيه 11%.
الشريحة السادسة: أكثر من 6000 – 7000 جنيه 12%.
الشريحة السابعة: أكثر من 7000 – 8000 جنيه 13%.
الشريحة الثامنة: أكثر من 8000 – 9000 جنيه 14%.
الشريحة التاسعة: أكثر من 9000 – 10000 جنيه 15%.
الشريحة العاشرة: أكثر من 10000 – 20000 جنيه 18%.
الشريحة الحادية عشر: أكثر من 20000 – 25000 جنيه 22%.
الشريحة الثانية عشر: أكثر من 25000 – 30000 جنيه 24%.
الشريحة الثالثة عشر: أكثر من 30000 – 35000 جنيه 26%
الشريحة الرابعة عشر: أكثر من 35000 – 40000 جنيه 28%.
الشريحة الخامسة عشر: أكثر من 40000 – 45000 جنيه 30%.
الشريحة السادسة عشر: أكثر من 45000– 50000 جنيه 32%.
الشريحة السابعة عشر: أكثر من 50000 – 60000 جنيه 35%.
الشريحة الثامنة عشر: أكثر من 60000 – 65000 جنيه 40%.
الشريحة التاسعة عشر: أكثر من 65000 – 70000 جنيه 45%.
الشريحة العشرون: أكثر من 70000 جنيه – 75000 جنيه 50%.
الشريحة الواحد والعشرون: أكثر من 75000 جنيه – 100000 جنيه 55%
الشريحة الثانية والعشرون: أكثر من 100000 جنيه – 200000 جنيه 60%
الشريحة الثالثة والعشرون: أكثر من 200000 جنيه 65%".
وتنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 بعد تعديلها بالقانون رقم 187 لسنة 1993 على أن "يستحق مقابل تأخير على:
1- ما يجاوز مائتى جنيه ما لم يورد من الضرائب الواجبة الأداء من واقع الإقرار أو الربط حتى لو صدر قرار بتقسيطها.
ويسرى مقابل التأخير إعتباراً من الشهر التالى لإنتهاء مدة شهر على تاريخ إخطار الممول بالتنبيه بصدور الورد أو من نهاية الميعاد المحدد لأداء الضريبة من واقع الإقرار.
2- ما لم يورد من المبالغ أو الضرائب التى ينص القانون على حجزها من المنبع............
وفى جميع الأحوال المبينة فى هذه المادة يحسب مقابل التأحير بواقع 1% عن كل شهر تأخير حتى تاريخ السداد مع جبر كسور الشهر والجنيه إلى شهر أو جنيه كامل".
وتنص المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة على أن " يفرض رسم يسمى" رسم تنمية الموارد المالية للدولة " على ما يأتى:
1 – الإيرادات التى تزيد على 18000 جنيه سنوياً:
أولاً : 2 % على ما يزيد على 18000 جنيه من صافى الأرباح الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية.
2 % على ما يزيد على ....."
وينعى المدعى على النصوص الطعينة فيما تضمنته من فرض ضريبة على الإيراد العام فضلاً عن الضريبة المقررة أصلاً على الأرباح التجارية وحساب مقابل تأخير عما لم يسدد منها، ثم إضافة ضريبة أخرى تحت مسمى "رسم تنمية الموارد المالية للدولة" بما يجاوز مجموعها – على حد قوله – صافى أرباحه المحققة عن نشاطه التجارى بالمخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية وقواعد العدالة ويشكل إعتداءً صارخاً على ملكيته الخاصة، وهو ما يتعارض مع المادتين (2 و 34 ) من الدستور.
وحيث إن هذا النعى مردود فيما يتعلق بنص المادة (172) من القانون رقم 157 لسنة 1981 معدلاً بالقانون رقم 187 لسنة 1993، ذلك أن النص المذكور لايناقض حكماً شرعياً قطعى الثبوت والدلالة، وإنما يقع فى إطار الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معاً وهى التى يجوز الإجتهاد فيها لأنها بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان لضمان مرونتها وحيويتها ولمواجهة النوازل على اختلافها تنظيماً لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً ولا يعطل بالتالى حركتهم فى الحياة. كما أن مقابل التأخير الوارد بالنص المذكور لا يعتبر من قبيل ربا الديون المحرم شرعاً فى صورته المتفق عليها، والتى تفترض اتفاق طرفيه على زيادة فى الأجل يمنحها الدائن للمدين لتقابلها وتعوضه عنها زيادة فى أصل الدين يقبلها المدين، وإنما يعتبر المقابل المذكور جزاءً يتمثل فى تعويض مقدر وفق الأسس التى بينها، بقصد حمل الملتزمين بدين الضريبة على الوفاء بها فى الآجال المحددة قانوناً ضماناً لحصول الدولة على الموارد اللازمة لمواجهة نفقاتها، فلا يعنيها غير استئدائها فى المواعيد المقررة لها، وكان ايقاع هذا الجزاء غير مرتبط بمهلة جديدة تمنحها الدولة لمدينها بالضريبة، لتحصل مقابل هذا الأجل على زيادة فى مبلغها، بل متوخياً ردع المدين إذا ماطل فى أدائها، فلا يكون متباطئاً أو متخاذلاً، بل مبادراً إلى إيفائها تلافياً للجزاء المقرر للتراخى فى دفعها، فإن النص المطعون فيه لا يكون منطوياً على ربا بالمعنى المتقدم، يؤيد ذلك أن الجزاء المقرر بهذا النص ليس وليد الإرادة بل يرتد فى مصدره المباشر إلى نص القانون، باعتباره محدداً – فى نطاق علائق القانون العام، وعلى ضوء قواعد آمرة لايجوز الاتفاق على خلافها- لخصائص الضريبة ومقوماتها وقواعد تحصيلها.
وحيث إنه فيما يتعلق بنص البند (1) أولاً من المادة الأولى من القانون رقم 147 لسنة 1984 سالف الإشارة إليه بفرض رسم مقداره 2% على ما يزيد على 18000 ج من صافى الأرباح الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية، فإن هذا الرسم، وإن كان فى حقيقته ضريبة جديدة تضاف إلى الضرائب المفروضة على صافى الأرباح التجارية والصناعية، إلا أنه ورد بنسبة معقولة لا تصادر فرص رأس المال فى النمو ولا ترهق بأعبائها المكلفين بها فتصدهم عن مباشرة نشاطهم المشروع، أو تبهظ هذا النشاط بقيود لا مبرر لها، كما أنها جاءت موائمة للهدف من تقريرها – حسبما أفصحت الأعمال التحضيرية للنص المطعون عليه – والمتمثل فى تحقيق العدالة الاجتماعية والتضامن الاجتماعى وتدعيم المقومات الاقتصادية بإنماء الموارد المالية للدولة حتى تتمكن من تنفيذ خطة التنمية الشاملة دون زيادة أعباء القاعدة العريضة عن الشعب وذوى الدخول المحدودة أو الانتقاص من الاعتمادات المالية المخصصة لهذه الفئات، ومن ثم فإن النص المذكور لايخالف حكماً شرعياً ولا يشكل اعتداءً على حق الملكية.
وحيث إن إقرار السلطة التشريعية لقانون الضريبة العامة، لا يحول دون مباشرة هذه المحكمة لرقابتها فى شأن توافر الشروط الموضوعية لعناصر بنيانها، وذلك بالنظر إلى خطورة الآثار التى تحدثها هذه الضريبة، وعلى الأخص من زاوية اتصالها بمظاهر الانكماش أو الانتعاش، وتأثيرها على فرص الاستثمار والإدخار والعمل وحدود الانفاق، فلا تنحسر رقابتها بالتالى فى شأن الضريبة التى فرضها المشرع عن الواقعة القانونية التى أنشأتها، وقوامها صلة منطقية بين شخص محدد يعتبر ملتزماً بها، والمال المتخذ وعاء لها متحملاً بعبئها. وهذه الصلة هى التى لاتنهض الضريبة بتخلفها سوية على قدميها، وتتحراها هذه المحكمة لضمان أن يظل إطارها مرتبطاً بما ينبغى أن يقيمها على حقائق العدل الاجتماعى محِّدد مضمونها وغاياتها على ضوء القيم التى احتضنها الدستور، ويندرج تحتها أن تكون صور الدخل على اختلافها- أيا كان مصدرها- وباعتباره إيراداً مضافاً إلى رؤوس الأموال التى أنتجتها، وعاءً أساسياً للضريبة، كافلاً عدالتها وموضوعيتها، ومرتبطاً بالمقدرة التكليفية لمموليها، فلا ينال اتخاذ الدخل قاعدة لها، من رؤوس الأموال فى ذاتها بما يؤول إلى تآكلها أو يحول دون تراكمها، بل تظل قدراتها فى مجال التنمية، باقية مصادرها، متجددة روافدها.
كذلك فإن المشرع وإن توخى أصلاً بالضريبة التى يفرضها، أن يدبر من خلالها موارد مالية لأشخاص القانون العام يقتضيها لنفقاتها، إلا أن تحديده لهذه الموارد لا يجوز أن يكون توجهاً نهماً مؤثراً فى بنيان الضريبة، عاصفاً بحقوق الملكية التى تتصل بها بما ينال من أصلها، أو يفقدها مقوماتها، أو يفصل عنها بعض أجزائها، أو يقيد من نطاق الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. وهو ما يعنى أن أغراض الجباية وحدها لا تعتبر هدفاً يحدد للضريبة مسارها، ولايجوز أن تهيمن على تشكيل ملامحها، فذلك مما لا يحميه الدستور، وعلى الأخص كلما كان عبؤها فادحاً يحيل أمرها عسراً.
وحيث إن الضريبة العامة على الدخل المفروضة بنص المادة (96) من القانون رقم 157 لسنة 1981 محل الطعن الماثل يبين أنها فرضت – سواء قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 أو بعد تعديلها بالقانون المذكور– بنسب عالية رغم أن وعاءها المتمثل فى الأرباح الناتجة عن نشاط تجارى أو صناعى أوغيره من مصادر الدخل الأخرى سبق أن فرضت عليه ضرائب مباشرة فى ذات القانون، الأمر الذى يشكل عبئاً ثقيلاً على الممول يتعارض من زاوية مع الحماية الدستورية المقررة لحق الملكية، ويؤدى من زاوية أخرى إلى احجامه عن التوسع فى نشاطه طالما لن يجنى من الأرباح الاضافية التى يحققها إلا الفتات بما يؤثر بالسلب على فرص الاستثمار والادخار والعمل، ومن ثم يكون النص الطعين مخالفاً لأحكام المواد (13 و 23 و 34) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (96) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 قبل تعديلها بالقانون رقم 87 لسنة 1983 وبعد تعديلها بالقانون المذكور، ورفض ماعدا ذلك من طلبات، وألزمت المدعى والحكومة المصروفات مناصفة ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

عدم دستورية احتساب الضريبة لسنة كاملة
المصدر: الأهرام الإقتصادى
بقلم: نهلة أبوالعز
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة 23 من قانون الضرائب علي الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 معدلا بالقانون رقم 187 لسنة 1993 فيما نصت عليه والا حسبت الارباح عن سنة ضريبة كاملة , وكانت الوقائع أن مأمورية ضرائب الاسماعيلية قامت بمحاسبة المدعين عن نشاط استغلال مزرعة دواجن فاعترضوا عليها بدعوي توقف نشاط المزرعة وازالتها بالكامل فقررت لجنة الطعن بضرائب الاسماعيلية قبول هذا الاعتراض وقد رأت المحكمة أن المادة (32) من القانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993, وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت للمدعين باقامة الدعوي الدستورية , فقد اقاموا الدعوي الماثلة.
وحيث إن المادة (32) من قانون الضرائب علي الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993 تنص علي أنه إذا توقفت المنشأة عن العمل توقفا كليا أو جزئيا تدخل في وعاء الضريبة الارباح الفعلية حتي التاريخ الذي توقف فيه العمل.
ويقصد بالتوقف الجزئي انهاء الممول لبعض اوجه النشاط أو لفرع أو أكثر من الفروع التي يزاول فيها نشاطه.
وعلي الممول أن يخطر مأمورية الضرائب المختصة خلال ثلاثين يوما من التاريخ الذي توقف فيه العمل وإلا حسبت الارباح عن سنة ضريبية كاملة, وعليه أيضا خلال ستين يوما من تاريخ التوقف أن يتقدم باقرار مستقل مبينا به نتيجة العمليات بالمنشأة حتي تاريخ التوقف مرفقا به المستندات والبيانات اللازمة لتحديد الارباح علي أن يتضمن الاقرار السنوي بيانات هذا الاقرار.
واذا توقفت المنشأة بسبب وفاة صاحبها, أو إذا توفي صاحبها خلال مدة الثلاثين يوما المحددة لقيامه بالاخطار عن التوقف.
وحيث إنه من المقرر أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتطلب أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية وهو كذلك يقيد تدخلها في هذه الخصومة, فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها علي النزاع الموضوعي, ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين: أولهما: أن يقيم المدعي ـ وفي حدود الصفة التي اختصم بها النص المطعون فيه ـ الدليل علي أن ضررا واقعيا ـ اقتصاديا أو غيره ـ قد لحق به . ثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائدا الي النص المطعون فيه.
وحيث إنه متي كان ما تقدم , وكان الثابت من الاوراق أن جوهر النزاع بين المدعين ومصلحة الضرائب يتمثل في قيام الاخيرة بمطالبتهم سداد ضرائب عن الارباح التي قدرتها المصلحة عن نشاط المزرعة المملوكة لهم خلال السنوات من 1994 الي 1997 رغم ادعائهم بتوقف هذا النشاط منذ سنة 1990 , فإن مصلحة المدعين في الطعن الماثل تنحصر في الفصل في دستورية عبارة (وإلا حسبت الارباح عن سنة ضريبية كاملة) الواردة بالفقرة الثالثة من النص المطعون عليه , وبها يتحدد نطاق الدعوي الماثلة.
وحيث إن المدعين ينعون علي النص المذكور ـ محددا نطاقا علي النحو المتقدم ـ اخلاله بالعدالة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الضريبي, بفرضه ضريبة علي أرباح لم تتحقق فعلا لتوقف نشاط المنشأة, ومناهضته لمبدأي تكافؤ الفرص, ومساواة المواطنين أمام القانون بالتمييز غير المبرر بين أفراد الفئة الخاضعة للضريبة بحسب تاريخ التوقف لكل ممول ومخالفته لعدالة توزيع الاعباء والتكاليف العامة واهداره الحق في العمل واعتدائه علي الحرية الشخصية بتقرير جزاء علي عدم اخطار المصلحة بتوقف النشاط يجاوز بمداه وتعدده الحدود المنطقية بما يمثل مخالفة لاحكام المواد (4, 8 , 13 , 38 , 40, 41, 52, 61, 119, 120) من الدستور.
وحيث إن الدستور اعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة, وتوكيدا لاسهامها في صون الأمن الاجتماعي كفل حمايتها لكل فرد, ولم يجز المساس بها إلا علي سبيل الاستثناء, وفي الحدود التي يقتضيها تنظيمها, باعتبارها عائدة ـ في الأعم من الأحوال ـ الي جهد صاحبها , وبذل من اجلها الوقت والعرق والمال وحرص بالعمل المتواصل علي انمائها, واحاطها بما قدره ضروريا لصونها , كافلا للتنمية أهم ادواتها , مطمئنا في كنفها الي يومه وغده, مهيمنا عليها ليختص دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها , فلا يرده عنها معتد, ولا يناجز سلطته في شأنها خصيم ليس بيده سند ناقل للملكية , ليعتصم بها دون الآخرين, وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التي تعينها علي أداء دورها, وتقيها تعرض الا غيار لها سواء بنقضها أو بانتقاصها من اطرافها, ولم يعد جائزا بالتالي أن ينال المشرع من عناصرها, ولا أن يغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها, ولا أن يفصلها عن اجزائها أو يدمر اصلها , أو يقيد من مباشرة الحقوق التي تتفرع عنها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية, ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية, ويكون العدوان عليها غصبا , وافتئاتا علي كيانها أدخل الي مصادرتها.
وحيث ان ما قرره النص الطعين من محاسبة الممول عن سنة ضريبية كاملة (قد تصل الي أكثر من سنة بحسب الاحوال) رغم ادعائه بتوقف النشاط الخاضع للضريبة وإن أهمل في اخطار مصلحة الضرائب بهذه الواقعة في المواعيد وبالاجراءات المنصوص عليها, وذلك دون تحقيق مدي صحة هذا الادعاء وتمكين الممول من اثباته بكافة طرق الاثبات المقررة قانونا , ودون منح القاضي أي سلطة تقديرية في تحديد التعويض المناسب لما قد يكون اصاب الخزانة العامة من اضرار نتيجة اخلال الممول بهذا الالتزام, الأمر الذي يجعل ما ورد بالنص الطعين أقرب الي الجزاء إلا أنه جاء مبالغا فيه إذ قد يترتب عليه مصادرة وعاء الضريبة بالكامل بل قد يتجاوزه الي باقي أموال الممول بما يناهض مبدأ العدالة التي يقوم عليها النظام الضريبي, ويتضمن في الوقت ذاته اعتداء علي حق الملكية لما يشكله من انتفاص للعناصر الايجابية للذمة المالية للمول.
وحيث ان مبدأ عدم جواز معاقبة الشخص مرتين عن فعل واحد , من المباديء التي رددتها النظم القانونية علي اختلافها , ويعتبر جزءا من الحقوق الأساسية التي تضمنتها الاتفاقيات الدولية لكل إنسان , ويخل إهداره بالحرية الشخصية التي يعتبر صونها من العدوان ضمانة جوهرية لآدمية الفرد ولحقه في الحياة , وقد جري قضاء هذه المحكمة علي أن خضوع الدولة للقانون محدد علي ضوء مفهوم ديمقراطي مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التي يعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية مفترضا أوليا لقيام الدولة القانونية وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وكرامته وشخصيته المتكاملة , ويندرج تحتها طائفة من الحقوق تعتبر وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التي كفلها الدستور واعتبرها من الحقوق الطبيعية التي لاتمس ومن بينها ألا تكون العقوبة الجنائية التي توقعها الدولة بتشريعاتها مهينة في ذاتها او ممعنة في قسوتها , أو منطوية علي تقييد الحرية الشخصية بغير انتهاج الوسائل القانونية السليمة , أو متضمنة معاقبة الشخص عن فعل واحد أكثر من مرة .
وحيث ان المشرع فرض بموجب المادة (187) من ذات القانون رقم 157 لسنة 1981 عقوبة الغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه في حالة مخالفة الفقرة الثالثة من المادة (32) محل الطعن المماثل , وقرر مضاعفة الغرامة في حالة العودة خلال ثلاث سنوات , وهي عقوبة جنائية توقع بالاضافة للجزاء المالي المتمثل في محاسبة الممول عن الأرباح عن سنة ضريبية كاملة , فإن ذلك مثل ازدواجا في العقاب ذات الفعل بما يتعارض مع مبدأ عدم جواز معاقبة الشخص مرتين عن فعل واحد لذا كان الحكم بعدم الدستورية.

عدم دستورية عجز الفقرة الثانية من المادة 103 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993 فيما تضمنه من تخويل مصلحة الضرائب عدم الاعتداد بالإقرار وتحديد الإيرادات والأرباح بطريق التقدير، دون وضع ضوابط أو معايير لهذا التقدير.
وعدم دستورية عبارة " قبل أول أكتوبر سنة 2004" الواردة بنص المادة الخامسة من القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل، وسقوط الأحكام المقابلة الواردة بالكتاب الدورى رقم 3 لسنة 2005 الصادر من وزير المالية بشأن قواعد انقضاء الخصومة وفقاً لأحكام النص المشار إليه.
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، الثانى عشر من مايو سنة 2013م، الموافق الثانى من رجب سنة 1434ه.
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيري رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه النجار وسعيد مرعى عمرو والدكتور/ عادل عمر شريف نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمي رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 229 لسنة 29 قضائية " دستورية ".
المقامة من
السيد/ مدحت جمال الدين سيف
ضد
1- السيد رئيس مجلس الوزراء
2- السيد وزير المالية
الإجراءات
بتاريخ 20 أكتوبر سنة 2007، أودع المدعى صحيفة الدعوى قلم كتاب هذه المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 103 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993، ونص الفقرة الأولى من المادتين الخامسة والسادسة من مواد إصدار قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على نص الفقرة الأولى من المادتين الخامسة والسادسة من مواد إصدار قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 ورفض الدعوى بالنسبة لباقي الطلبات.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن مصلحة الضرائب كانت قد قدرت صافى إيرادات المدعى عن نشاطه فى مهنة المحاماة عن سنة 2001 تقديراً جزافياً بمبلغ 10264 جنيهاً، استناداً إلى تقديمه إقراراً تقديرياً غير مستند إلى دفاتر وسجلات، وبتاريخ 6/4/2004 تقدم المدعى بطعن على تقديرات المصلحة أمام لجنة طعن ضرائب كفر الشيخ – الدائرة التاسعة – قيد أمامها برقم 117 لسنة 2005، وبجلسة 12/2/2005 قررت اللجنة تخفيض تقديرات مأمورية الضرائب عن تلك السنة إلى 4343 جنيه، وإذ لم يرتض المدعى هذا القرار فقد طعن عليه أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بالدعوى رقم 971 لسنة 2006 كلى ضرائب، وأثناء نظر الدعوى، دفع بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 103 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993، فيما تضمنه من أن يكون لمصلحة الضرائب عدم الاعتداد بالإقرار وتحديد الأرباح بطريق التقدير، ونص الفقرة الأولى من المادتين الخامسة والسادسة من القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل فيما تضمنه كل من النصين من تحديد تاريخ قبل أول أكتوبر سنة 2004، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام المدعى الدعوى الماثلة.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة 103 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 بعد تعديله بالقانون رقم 187 لسنة، 1993، تنص على أن " ... وللمصلحة تصحيح الإقرار أو تعديله، كما يكون لها عدم الاعتداد بالإقرار وتحديد الإيرادات أو الأرباح بطريق التقدير".
وتنص المادة الخامسة من القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل على أن "تنقضى الخصومة فى جميع الدعاوى المقيدة أو المنظورة لدى جميع المحاكم على اختلاف درجاتها قبل أول أكتوبر سنة 2004 بين مصلحة الضرائب والممولين، والتى يكون موضوعها الخلاف فى تقدير الضريبة، وذلك إذا كان الوعاء السنوى للضريبة محل النزاع لا يجاوز عشرة آلاف جنيه. وتمتنع المطالبة بما لم يسدد من ضرائب تتعلق بهذه الدعاوى.
وفى جميع الأحوال لا يترتب على انقضاء الخصومة حق للممول فى استرداد ما سبق أن سدده تحت حساب الضريبة المستحقة على الوعاء المتنازع عليه.
وذلك كله ما لم يتمسك الممول باستمرار الخصومة فى الدعوى بطلب يقدم إلى المحكمة المنظور لديها الدعوى خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون".
وتنص الفقرة الأولى من المادة السادسة من مواد إصدار ذلك القانون على أن "فى غير الدعاوى المنصوص عليها فى المادة الخامسة من هذا القانون، يكون للممولين فى المنازعات القائمة بينهم وبين مصلحة الضرائب، والمقيدة أو المنظورة أمام المحاكم على اختلاف درجاتها قبل أول أكتوبر سنة 2004، طلب إنهاء تلك المنازعات خلال سنة من تاريخ العمل بهذا القانون، مقابل أداء نسبة من الضريبة والمبالغ الأخرى المستحقة على الوعاء السنوى للضريبة المتنازع عليها، وفقاً للشرائح الآتية:.......".
وحيث إن من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن نطاق الدعوى الدستورية، ينحصر فى الحدود التى تعلق بها الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع، وكان المدعى قد قصر دفعه على عجز الفقرة الثانية من المادة 103 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993 والذى ينص على أن " .... ويكون لها عدم الاعتداد بالإقرار وتحديد الإيرادات أوالأرباح بطريق التقدير"، كما انصب دفعه على ما تضمنه نص الفقرة الأولى من كل من المادتين الخامسة والسادسة من مواد إصدار قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 من تعيين تاريخ قبل أول أكتوبر سنة 2004 لتحديد مجال تطبيق أحكامهما، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الراهنة يتحدد بهذه النصوص دون غيرها.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية- مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وكان النزاع الموضوعى يدور حول الطعن على قرار لجنة الطعن الضريبى بتخفيض إيرادات المدعى عن نشاطه فى مهنة المحاماة عن سنة 2001 إلى 4343 جنيهاً، وعدم اعتداد مصلحة الضرائب بالإقرارات المقدمة منه، وتحديد إيراداته عن ذلك النشاط بطريق التقدير الجزافى، فإن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى تكون متحققة بالنسبة للطعن على عجز الفقرة الثانية من المادة 103 من قانون الضرائب على الدخل، وما تضمنه نص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من مواد إصدار قانون الضريبة على الدخل من تحديد نطاق تطبيق أحكامه بتاريخ قبل أول أكتوبر سنة 2004، دون ما تضمنه نص الفقرة الأولى من المادة السادسة من مواد إصدار ذلك القانون فى هذا الشأن، إذ تنصب أحكامه على الدعاوى المقيدة أو المنظورة لدى المحاكم قبل أول أكتوبر سنة 2004، والتى يجاوز الوعاء السنوى للضريبة محل النزاع فيها عشرة آلاف جنيه، وهو ليس حال الدعوى الماثلة، وتبعاً لذلك فإن القضاء فى المسألة الدستورية المتعلقة بهذا النص لن يكون ذا أثر أو انعكاس على الدعوى الموضوعية والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لذلك النص، وبقبولها بالنسبة لباقى النصوص المشار إليها، ولا يغير من ذلك إلغاء قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981، بمقتضى نص المادة الثانية من القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل، إذ المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن إلغاء النص التشريعى المطعون فيه لا يحول دون النظر والفصل فى الطعن بعدم الدستورية قبل من طبق عليهم ذلك القانون خلال فترة نفاذه، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم، وتبعاً لذلك توافرت لهم مصلحة شخصية فى الطعن بعدم دستوريته، ذلك أن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية أنها تسرى على الوقائع التى تتم فى ظلها أى خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى إلغائها، فإذا ألغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين القانونيتين، ومن ثم فإن المراكز القانونية التى نشأت وترتبت آثارها فى ظل أى من القانونين – القديم والجديد- تخضع لحكمه، فما نشأ منها وترتبت آثاره فى ظل القانون القديم يظل خاضعاً لحكمه، وما نشأ من مراكز قانونية وترتبت آثاره فى ظل القانون الجديد يخضع لهذا القانون وحده، وعلى ذلك فإن إلغاء قانون الضرائب على الدخل على النحو المشار إليه، والذى طبق على المدعى أثناء فترة نفاذه، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية فى حقه، لا ينفى مصلحته فى الطعن عليه بعدم الدستورية، والتى تبقى قائمة ومتحققة فى حدود نطاقها المتقدم ذكره.
وحيث إن المدعى ينعى على النصوص المطعون فيها مخالفة المواد 8 ، 38 ، 40 من دستور سنة 1971، بقالة أن عجز الفقرة الثانية من المادة 103 من قانون الضرائب على الدخل المشار إليه قد أطلق يد مصلحة الضرائب فى تقدير إيرادات وأرباح صغار الممولين دون ضوابط أو أسباب عند رفض إقراراتهم، كما حدد نص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل السالف الذكر تاريخ أول أكتوبر سنة 2004 لتحديد مجال انطباق أحكامه والإفادة منها، بما يعد إخلالاً بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص، وبمقتضيات العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى، والتى يتعين كفالتها للممولين.
وحيث إن المقرر أن حماية هذه المحكمة للدستور، إنما ينصرف إلى الدستور القائم، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس ذا أثر رجعى، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذى صدر النص المطعون عليه فى ظل العمل بأحكامه، طالما أن هذا النص قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدل نص آخر به خلال مدة سريان ذلك الدستور " . متى كان ذلك ، وكان قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993، الذى تضمن النص المطعون فيه، قد تم إلغاؤه بمقتضى قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، قبل نفاذ الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30/3/2011 ، والدستور الحالى الصادر فى 25/12/2012، ومن ثم يتعين الاحتكام فى شأن المسألة الدستورية المتعلقة بالنص المطعون فيه، إلى نصوص دستور سنة 1971 ، الذى صدر القانون المشتمل على النص المطعون فيه، وتم العمل به إلى أن تم إلغاؤه، خلال مدة سريان ذلك الدستور.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن " الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً وبصفة نهائية من المكلفين بها، وهى بكل صورها تمثل عبئاً مالياً عليهم، ويتعين – تبعاً لذلك- وبالنظر إلى وطأتها وخطورة تكلفتها– أن يكون العدل من منظور اجتماعى مهيمناً عليها بمختلف صورها محدداً الشروط الموضوعية لاقتضائها نائياً عن التمييز بينها دون مسوغ، فذلك وحده ضمان خضوعها لشرط الحماية القانونية المتكافئة التى كفلها الدستور للمواطنين جميعاً فى شأن الحقوق عينها، فلا يحكمها إلا مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها. ولما كانت السلطة التشريعية التى تنظم أوضاع الضريبة العامة بقانون يصدر عنها – إعمالا لنص المادة (119) من دستور سنة 1971 - يكون متضمناً تحديد وعائها وأسس تقديره وبيان مبلغها، والملتزمين أصلاً بأدائها، والمسئولين عن توريدها، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها وضوابط تقادمها، وغير ذلك مما يتصل ببنيانها. كما أن الضريبة التى يكون أداؤها واجباً وفقاً للقانون – وعلى ما تدل عليه المادتان (61، 119) من دستور سنة 1971 - هى التى تتوافر لها قوالبها الشكلية وأسسها الموضوعية، وتكون العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى ضابطاً فى الحدود المنصوص عليها فى المادة (38) من دستور سنة 1971، إذ ليس ثمة مصلحة مشروعة ترتجى من وراء إقرار تنظيم ضريبى يتوخى مجرد تنمية موارد الدولة من خلال فرض ضريبة تفتقر إلى تلك القوالب والأسس، ذلك أن جباية الأموال فى ذاتها لا تعتبر هدفاً يحميه الدستور.
وحيث إن من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة " أن تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تقدير حقيقى لقيمة المال الخاضع لها، باعتبار أن ذلك يُعد شرطاً لازماً لعدالة الضريبة، ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة، ويتعين أن يكون ذلك الدين –وهو مايطلق عليه وعاء الضريبة ممثلاً فى المال المحمل بعبئها- محققاً ومحدداً على أسس واقعية يكون ممكناً معها الوقوف على حقيقته على أكمل وجه، ولا يكون الوعاء محققاً إلا إذا كان ثابتاً بعيداً عن شبهة الاحتمال أو الترخص، ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها إنما يتحدد مرتبطاً بوعائها، باعتباره منسوباً إليه، ومحمولاً عليه، وفق الشروط التى يقدر المشرع معها واقعية الضريبة وعدالتها، بما لا مخالفة فيه للدستور، وبغير ذلك لا يكون لتحديد وعاء الضريبة من معنى، ذلك أن وعاء الضريبة هو مادتها، والغاية من تقرير الضريبة هو أن يكون هذا الوعاء مصرفها. ولا يحول إقرار السلطة التشريعية لقانون الضريبة العامة دون أن تباشر هذه المحكمة رقابتها عليه فى شأن توافر الشروط الموضوعية لعناصر تلك الضريبة؛ وذلك بالنظر إلى خطورة الآثار التى تحدثها، وتمتد هذه الرقابة إلى الواقعة القانونية التى أنشأتها، وقوامها تلك الصلة المنطقية بين شخص محدد يعتبر ملتزماً بها، والمال المتخذ وعاءً لها محملاً بعبئها، وهذه الصلة -وهى التى لا تنهض الضريبة بتخلفها تتحراها هذه المحكمة لضمان أن يظل إطارها مرتبطاً بما ينبغى أن يقيمها على حقائق العدل الاجتماعى، محدداً مضمونها وغايتها على ضوء القيم التى احتضنها الدستور.
وحيث إن المشرع قد أورد النص المطعون فيه ضمن الأحكام العامة الواردة بالباب السادس من الكتاب الأول من قانون الضرائب على الدخل المشار إليه، ولم يحقق فيه التوازن المطلوب بين أمرين هما حق الدولة فى استئداء الضريبة المستحقة قانوناً، لما تمثله من أهمية بالغة نحو وفاء الدولة بالتزاماتها العامة تجاه الأفراد، وبين الضمانات الدستورية والقانونية المقررة فى مجال فرض الضرائب على المواطنين، لاسيما من حيث تحديد وعاء الضريبة تحديداً حقيقياً كشرط لعدالتها. ذلك أن المشرع قد منح بهذا النص مصلحة الضرائب سلطة عدم الاعتداد بالإقرار وتحديد الإيرادات والأرباح بطريق التقدير الجزافى، دون تقييد سلطتها فى هذا الشأن بضوابط ومعايير حاكمة، يعد التزامها شرطاً لعدالة الضريبة، ولصون مصلحة كل من الممولين والخزانة العامة، وتكفل أن يكون وعاء الضريبة ممثلاً فى المال المحمل بعبئها محققاً ومحدداً على أسس واقعية يضحى ممكناً معها الوقوف على حقيقته بعيداً عن شبهة الاحتمال أو الترخص، وصولاً إلى تقدير حقيقى لهذا الوعاء، وتحديد المقدرة التكليفية للممولين تحديداً حقيقياً بعيداً عن الشطط فى التقدير الذى يجاوز أرباح الممولين الفعلية، ويتعداها إلى أصل رأس المال فيدمره، ويقيم الربط الضريبى على أسس غير واقعية، تصادم التوقع المشروع لهم، وتباغت حياتهم وتعصف بمقدراتهم ، وتصم الإقرارات المقدمة منهم بعدم الصحة فلا يكون مقدار الضريبة الملزمين بأدائها معروفاً لهم قبل استحقاقها، ولا عبؤها ماثلاً فى أذهانهم عند سابق تعاملاتهم، بما لازمه ترخص مصلحة الضرائب فى تحديد وعاء الضريبة ومادتها ومصرفها ومقدارها تبعاً لذلك، بعيداً عن الضوابط الدستورية الحاكمة لإنشاء الضرائب العامة، ويتضمن إهداراً لقواعد العدالة الاجتماعية التى يقوم عليها النظام الضريبى وتهيمن عليه، وذلك كله بالمخالفة لنصوص المواد 61 ، 38 ، 119 من دستور سنة 1971 ، ولا يغير من ذلك تحميل مصلحة الضرائب طبقاً لنص المادتين (100) ، (104) من قانون الضرائب على الدخل بعبء الإثبات فى حالة عدم الاعتداد بالإقرار المعتمد من أحد المحاسبين والمستند إلى دفاتر منتظمة يتم إمساكها طبقاً لأحكام القانون، وإذ لم يحدد القانون القواعد الحاكمة للإثبات فى هذه الحالة، بما يضمن عدالته والوصول إلى تقدير حقيقى لوعاء الضريبة، بل منح نص المادة 105 من هذا القانون المصلحة سلطة ربط الضريبة طبقاً لما يستقر عليه رأيها فى حالة عدم موافقة الممول على التقدير أو لم يقم بالرد على ملاحظات المصلحة فى المهلة المحددة، هذا فضلاً عن أن تحميل المصلحة بعبء الإثبات على النحو المشار إليه لا يسرى فى حالة عدم انتظام الدفاتر والسجلات أو عدم الإمساك بها، وبالنسبة لصغار الممولين من أصحاب النشاط التجارى أو الصناعى غير الملتزمين بإمساك دفاتر منتظمة أو اعتماد إقراراتهم الضريبية من أحد المحاسبين، والذين لا يمكن استبعادهم بحال من نطاق الحماية الدستورية، ذلك أن التجاء مصلحة الضرائب إلى طريق التقدير يكون باعتباره أسلوب محاسبة وليس جزاء، بما يوجب مراعاة توفير الضمانات الدستورية فيما تجريه المصلحة من تقديرات، وعدم حرمان هؤلاء الممولين من الحق فى المعاملة القانونية الكافلة لمشروعية فرض الضريبة عليهم، وضمان تقدير وعائها تقديراً حقيقياً يقوم على ما تنبئ به مؤشرات دخلهم وغيرها من القرائن والأدلة، وذلك كله من خلال إخضاع تقديرات المصلحة لإيراداتهم وأرباحهم لضوابط أومعايير تكفل لهم ذلك، وتبعد تلك التقديرات عن أسلوب التقدير الجزافى، الذى عزف عنه المشرع فى قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، مما يتعين معه القضاء بعدم دستورية النص المطعون فيه فيما لم يتضمنه من وضع ضوابط أومعايير للتقدير الذى تجريه المصلحة عند تحديدها لإيرادات وأرباح الممولين طبقاً لأحكامه.
وحيث إنه بالنسبة للطعن على ما تضمنه نص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من مواد إصدار قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 من تحديد نطاق تطبيق أحكامه بتاريخ قبل أول أكتوبر سنة 2004، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على ذلك النص الذى لا زال معمولاً به، من خلال أحكام الدستور الحالى الصادر بتاريخ 25/12/2012، باعتباره الوثيقة الدستورية الحاكمة للنزاع الدائر حول هذا النص.
وحيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن السلطة التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، وإن كان الأصل فيها هو إطلاقها، إلا أن القيود التى يفرضها الدستور لصون هذه الحقوق من صور العدوان المحتمل عليها، هى التى تبين تخوم الدائرة التى لا يجوز أن يتداخل التنظيم التشريعى فيها هدفاً للحقوق التى يكفلها الدستور، أو مؤثراً فى محتواها بما ينال منها، ومن ثم تمثل هذه الدائرة مجالاً حيوياً لا يتنفس الحق إلا من خلالها، ولا يكون تنظيم هذا الحق ممكناً من زاوية دستورية إلا فيما وراء حدودها الخارجية، ليكون اقتحامها مجانباً لتنظيمه، وعدواناً عليه أدخل إلى مصادرته أو تقييده، كذلك لا يجوز أن تنفصل النصوص القانونية التى نظم بها المشرع موضوعاً محدداً عن أهدافها، بل يجب أن تكون هذه النصوص مدخلاً إليها، وموطئاً لإشباع مصلحة عامة لها اعتبارها، ومرد ذلك، أن كل تنظيم تشريعى لايصدر عن فراغ، ولايعتبر مقصوداً لذاته، بل مرماه إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها، وتعكس مشروعيتها إطاراً للمصلحة العامة التى أقام المشرع عليها هذا التنظيم باعتباره أداة تحقيقها، وطريق الوصول إليها.
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن مبدأ المساواة أمام القانون، أساس للعدل، وهو أدخل إلى جوهر الحرية، وأكفل لإرساء السلام الاجتماعى،• ولئن جاز القول بأن الأصل فى كل تنظيم تشريعى أن يكون منطويا على تقسيم أو تصنيف أو تمييز من خلال الأعباء التى يلقيها على البعض، أو المزايا التى يمنحها لفئة دون غيرها، إلا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور، يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية التى نظم بها المشرع موضوعا محددا، عن أهدافها، ليكون اتصال الأغراض التى توخاها، بالوسائل، منطقيا، وليس واهياً أو واهناً، بما يخل بالأسس الموضوعية التى يقوم عليها التمييز المبرر دستوريا.
وحيث إن قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993 قد نظم فى المواد 157 وما بعدها منه تشكيل لجان الطعن الضريبى وإجراءات مباشرتها لمهامها، على نحو يبين منه أن هذه اللجان لا تعدو أن تكون هيئات إدارية أناط بها القانون مهمة الفصل فى المنازعات التى تتردد بين مصلحة الضرائب والممولين، باعتبار أن اللجوء إليها يمثل مرحلة أولية، قصد بها إعادة النظر فى اختلاف وجهات النظر بين الطرفين قبل الإلتجاء إلى القضاء، وإذا كانت المادتين 161 ، 162 من القانون المار ذكره، قد نصت على أن للطرفين الحق فى الطعن على قرار لجنة الطعن الضريبى أمام المحكمة الابتدائية المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان قرار اللجنة، ولهما استئناف الحكم الصادر من تلك المحكمة أمام محكمة الاستئناف أياً كانت قيمة النزاع، فإن النصوص المذكورة باشتراطها عرض الخلاف بداءة على لجان الطعن الضريبى تكون قد استهدفت فتح الطريق أمام محاولة التوفيق بين الممول ومصلحة الضرائب، توخياً لدرء المضى فى خصومة يمكن تسوية عناصرها توفيقاً، فإذا لم تتحقق مثل هذه التسوية، فقد أتاحت هذه النصوص للطرفين أن يلجئا إلى القضاء بدرجاته المتعددة حسماً لهذا النزاع، وبذلك تكون تلك النصوص قد توخت من اشتراطها عرض النزاع على تلك اللجان تحقيق مصلحة مشروعة لا تنفصل فى غايتها عن الخصومة القضائية أمام المحاكم المختصة، باستهدافها حسم تلك المنازعات على وجه السرعة وبإجراءات أكثر يسراً، بما قد يغنى عن الخصومة القضائية، وإن كان لا يحول دونها. متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه قد قصر نطاق تطبيق الحكم الوارد به، والقاضى بإنقضاء الخصومة على الدعاوى المقيدة أو المنظورة أمام جميع المحاكم على اختلاف درحاتها، واستهدف من ذلك – على ما يتبين من الأعمال التحضيرية للقانون المذكور – التيسير على الممولين وتصفية المنازعات بينهم وبين مصلحة الضرائب، وإنهاء الخصومات بينهم، وتطبيق العفو الضريبى عليهم، مستبعداً من هذا النطاق الطعون المقامة أمام لجان الطعن الضريبى، والتى يكون موضوعها الخلاف فى تقدير الضريبة، ولا يجاوز الوعاء السنوى للضريبة محل النزاع فيها عشرة آلاف جنيه، دون مقتض أو مصلحة مشروعة تبرره ، إلا ما أوضحه وزير المالية فى هذا الشأن بمضبطة مجلس الشعب الجلسة الخامسة والستين المعقودة صباح السبت الموافق 9 أبريل سنة 2005 من أن اللجان فى يد المصلحة ووزير المالية، وأن إنهاء النزاع أمامها لا يحتاج إلى قانون،وهو ما يتصادم ونص المادة 119 من دستور سنة 1971، والتى تقابلها المادة 18 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30/3/2011 والمادة 26 من الدستور الحالى الصادر فى 25/12/2012، والتى لا تجيز الإعفاء من أداء الضريبة العامة إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، هذا فضلاً عن أن المشرع وإن حدد تاريخ العمل بقانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 فى 10/6/2005 – اليوم التالى لتاريخ نشره فى الجريدة الرسمية طبقاً لنص المادة التاسعة من مواد قانون الإصدار المشار إليه والتى استثنت بعض الحالات من هذا الحكم – إلا أنه عين تاريخاً آخر لتحديد مجال تطبيق الحكم الوارد بالنص المطعون فيه، والذى بمقتضاه تنقضى الخصومة فى الدعاوى المقيدة أو المنظورة لدى جميع المحاكم على اختلاف درجاتها قبل أول أكتوبر سنة 2004، دون أن يستند فى ذلك إلى أساس موضوعى، سوى ما أشار إليه وزير المالية بمضبطة مجلس الشعب السالفة الذكر، من أن تحديد هذا التاريخ جاء درءاً للخطر الناشئ عن سبق الإعلان فى اجتماع الحزب الوطنى المعقود فى 23 سبتمبر سنة 2004 عن العزم على إنهاء المنازعات القضائية القائمة بين المصلحة والممولين وإسقاطها، والذى قد يشجع بعض الممولين على عدم سداد الضرائب المستحقة عليهم، والدخول فى منازعات قضائية مع مصلحة الضرائب توصلاً للاستفادة من ذلك النص، وهى جميعاً لا تكفى مسوغاً لاتخاذ التاريخ المذكور أساساً لتحديد نطاق تطبيق الأحكام المشار إليها، وعلى ذلك فإن النص المطعون فيه وقد استبعد من مجال تطبيق أحكامه الدعاوى المقيدة أو المنظورة لدى جميع المحاكم على اختلاف درجاتها بعد التاريخ المذكور، وكذا الطعون المقامة أمام لجان الطعن الضريبى قبل ذلك التاريخ وبعده، والتى ينصب الخلاف فيها على ذات الموضوع والمحل، فإنه يكون متضمناً إهداراً للحق فى الحماية القانونية المتكافئة التى لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتمثلة للممولين للضريبة، ومنطوياً على تقسيم وتصنيف بينهم، ومتبنياً تمييزاً يناقض الغاية من وراء تقريره، ليصير ارتباطه عقلاً بأهدافه، باعتباره الوسيلة التى صاغها المشرع لتحقيقها، واهياً ليقع النص الطعين فى حدود نطاقه المشار إليه – مصادماً لمبدأ المساواة الذى كفله الدستور الحالى فى المادتين 8 و 33 منه، ولمقتضيات العدالة الاجتماعية التى حرصت المادتان 14 و 26 من ذلك الدستور على توكيدها، باعتبارها أحد الدعائم الأساسية التى يقوم عليها الاقتصاد الوطنى، وهدف رئيسى لخطة التنمية تسعى إلى تحقيقه، والقاعدة الحاكمة للنظام الضريبى وإنشاء الضرائب وإنفاذها فى حق الممول، فضلاً عن مخالفة هذا النص للمادة 81 من الدستور، التى لا تجيز لأى قانون يتناول بالتنظيم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها أو جوهرها، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم دستورية هذا النص فى حدود نطاقه المتقدم، وسقوط الأحكام المقابلة الواردة بالكتاب الدورى رقم 3 لسنة 2005 الصادر من وزير المالية بشأن قواعد انقضاء الخصومة وفقاً لأحكام النص المذكور، والتى ترتبط فى وجودها وزوالها بذلك النص ارتباطاً لا يقبل الفصل أو التجزئة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: أولاً: بعدم دستورية عجز الفقرة الثانية من المادة 103 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 187 لسنة 1993 فيما تضمنه من تخويل مصلحة الضرائب عدم الاعتداد بالإقرار وتحديد الإيرادات والأرباح بطريق التقدير، دون وضع ضوابط أو معايير لهذا التقدير.
ثانياً: عدم دستورية عبارة " قبل أول أكتوبر سنة 2004" الواردة بنص المادة الخامسة من القانون رقم 91 لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة على الدخل، وسقوط الأحكام المقابلة الواردة بالكتاب الدورى رقم 3 لسنة 2005 الصادر من وزير المالية بشأن قواعد انقضاء الخصومة وفقاً لأحكام النص المشار إليه.
ثالثاً: إلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

المحكمة الدستورية العليا المصرية
قضية رقم 125 لسنة 18 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
مبادئ الحكم: تشريع - ضرائب - دعوى دستورية - مصلحة مناطها - ضريبة - التقدير الجزافي - ضريبة - جباية - وعاؤها
نص الحكم
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 11 ديسمبر سنة 2005 م، الموافق 9 من ذي القعدة 1426 هـ
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي
رئيس المحكمة
والسادة المستشارين/ ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي والسيد عبد المنعم حشيش
أعضاء
وحضور السيد المستشار/ رجب عبد الحكيم سليم
رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن
أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 125 لسنة 18 قضائية "دستورية".
المقامة من
1- السيد/ ...
2- السيد/ ...
ضد
1- السيد/ رئيس مجلس الوزراء
2- السيد/ وزير المالية
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشر من نوفمبر سنة 1996 أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا بطلب الحكم بعدم دستورية الفقرات 9، 10، 11 من المادة الأولى والمواد 27، 38، 39، 157، 158 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعيين كانا قد قدما إلى مأمورية الضرائب المختصة إقراراتهما الضريبية عن السنوات من 1983-1986 متضمنه عدم تجاوز صافي أرباحهما المحققة الحد الذي يستحق عنه الضريبة عن نشاطهما التجاري والصناعي بورشة النجارة التي يشتركان في ملكيتها وذلك فيما عدا نشاط عام 1985 الذي حقق فيه المدعي الثاني ارباحا استحق عنها مبلغ 878.37 جنيه، ونظرا لأنهما غير ملزمين بإمساك دفاتر منتظمة فقد قامت مأمورية الضرائب المختصة بربط الضريبة المستحقة عليهما عن تلك السنوات الأربع بعد تقدير أرباحهما المحققة عن سنوات المطالبة بواقع 17681 جنيه و18772 جنيه و19848 جنيه و20916 جنيه على التوالي وطعن المدعيان على هذه التقديرات، وقررت لجنة طعن ضرائب القاهرة تخفيض التقدير إلى 4873 جنيه و5240 و5592 جنيه و5936 جنيه - على التوالي، وإذ لم يرتض المدعيان ذلك التقدير فقد أقاما الدعوى رقم 297 لسنة 1996 ضرائب كلي أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طعنا على ذلك القرار، وضمنا صحيفة الدعوى دفعا بعدم دستورية المواد 13، 35، 36، 37، 38، 82 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981، وبجلسة 5/9/1998 قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت لهما بإقامة الدعوى الدستورية فأقاما الدعوى الماثلة طعنا على الفقرات 9، 10، 11 من المادة الأولى والمواد 27، 38، 39، 157، 158 من قانون الضرائب على الدخل المشار إليه.
وحيث إن المدعي وقد دفع بعدم دستورية نصوص المواد 13، 35، 36، 37، 38، 82 من القانون رقم 157 لسنة 1981. وصرحت المحكمة برفع الدعوى الدستورية بشأنها إلا أنه أقام الدعوى الماثلة - وعلى ما سلف بيانه - طعنا على الفقرات 9، 10، 11 من المادة الأولى والمواد 27، 38، 39، 157، 158 من القانون رقم 157 لسنة 1981، ومن ثم فإن الطعن فيما عدا المادة 38، يكون غير مقبول باعتباره طعنا مباشرا يخرج عن نطاق تصريح محكمة الموضوع.
وحيث إنه لما كانت المصلحة الشخصية المباشرة - وهي مناط قبول الدعوى الدستورية - ترتبط بالنزاع الموضوعي بحيث تكون المسألة الدستورية المطلوب طرحها على هذه المحكمة لازمة للفصل في الطلبات الموضوعية ومرتبطة بها. وإذ كانت الدعوى الموضوعية تدور حول قيام مأمورية الضرائب المختصة بإهدار إقرارات المدعيين التي تمثل أرباحهما الحقيقية خلال سنوات المطالبة وتقديرها تقديرا مغالى فيه دون أسباب واضحة تستند إليها. فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد فقط بنص الفقرة الثانية من المادة 38 من القانون رقم 157 المشار إليه فيما تضمنه من إعطاء الحق لمصلحة الضرائب في عدم الاعتداد بالإقرار المقدم من الممول وتحديد الأرباح بطريق التقدير الجزافي.
وحيث إن المادة 38 من القانون رقم 157 لسنة 1981 - المطعون عليها تنص على أنه "تربط الضريبة على الأرباح الحقيقية الثابتة من واقع الإقرار المقدم من الممول إذا قبلته مصلحة الضرائب.
وللمصلحة تصحيح الإقرار وتعديله، كما يكون لها عدم الاعتداد بالإقرار وتحديد الأرباح بطريق التقدير".
وحيث إن المدعيين ينعيان على النص المطعون فيه، أنه أطلق يد مصلحة الضرائب في تقدير أرباح صغار الممولين بغير ضوابط أو أسباب عندما ترفض إقراراتهما، بينما هي ملزمة بإثبات ما تدعيه من تقديرات على الممولين الأخرين ممن يلتزمون بإمساك دفاتر ولا يقدمون إقرارات معتمدة من أحد المحاسبين، وهو ما يخل بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين ويناقض مبدأ العدالة الاجتماعية الذي يقوم عليه النظام الضريبي مخالفا بذلك نصوص المواد 8، 38، 40 من الدستور.
وحيث إنه لما كانت الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرا وبصفة نهائية من المكلفين بها وهي بكل صورها تمثل عبئا ماليا عليهم ويتعين بالتالي، وبالنظر إلى وطأتها وخطورة تكلفتها - أن يكون العدل من منظور اجتماعي مهيمنا عليها بمختلف صورها محددا الشروط الموضوعية لاقتضائها نائيا عن التمييز بينها دون مسوغ، فذلك وحده ضمان خضوعها لشرط الحماية القانونية المتكافئة التي كفلها الدستور للمواطنين جميعا في شأن الحقوق عينها، فلا يحكمها إلا مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها. ولما كانت السلطة التشريعية التي تنظم أوضاع الضريبة العامة بقانون يصدر عنها - على ما تقضي به المادة 119 من الدستور - يكون متضمنا تحديد وعائها وأسس تقديره وبيان مبلغها، والملتزمين أصلا بأدائها، والمسئولين عن توريدها، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها وضوابط تقادمها، وغير ذلك مما يتصل ببنيانها، كما أن الضريبة التي يكون أداؤها واجبا وفقا للقانون - وعلى ما تدل عليه المادتان 61، 119 من الدستور - هي التي تتوافر لها قوالبها الشكلية وأسسها الموضوعية، وتكون العدالة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الضريبي ضابطا لها في الحدود المنصوص عليها في المادة 38 من الدستور، إذ ليس ثمة مصلحة مشروعة ترتجى من وراء إقرار تنظيم ضريبي يتوخى مجرد تنمية موارد الدولة من خلال فرض ضريبة تفتقر إلى تلك القوالب والأسس، ذلك أن جباية الأموال في ذاتها لا تعتبر هدفا يحميه الدستور.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تقدير حقيقي لقيمة المال الخاضع لها، باعتبار أن ذلك يعد شرطا لازما لعدالة الضريبة، ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة. ويتعين أن يكون ذلك الدين - وهو ما يطلق عليه وعاء الضريبة ممثلا في المال المحمل بعبئها - محققا ومحددا على أسس واقعية يكون ممكنا معها الوقوف على حقيقته على أكمل وجه، ولا يكون الوعاء محققا إلا إذا كان ثابتا بعيدا عن شبهة الاحتمال أو الترخص، ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها إنما يتحدد مرتبطا بوعائها، وباعتباره منسوبا إليه، ومحمولا عليه، وفق الشروط التي يقدر المشرع معها واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه للدستور، وبغير ذلك لا يكون لتحديد وعاء الضريبة من معنى ذلك أن وعاء الضريبة هو مادتها، والغاية من تقرير الضريبة هو أن يكون هذا الوعاء مصرفها. ولا يحول إقرار السلطة التشريعية لقانون الضريبة العامة دون أن تباشر هذه المحكمة رقابتها عليه في شأن توافر الشروط الموضوعية لعناصر تلك الضريبة؛ وذلك بالنظر إلى خطورة الأثار التي تحدثها، وتمتد هذه الرقابة إلى الواقعة القانونية التي أنشأتها وقوامها تلك الصلة المنطقية بين شخص محدد يعتبر ملتزما بها، والمال المتخذ وعاءَ لها محملا بعبئها، وهذه الصلة وهي التي لا تنهض الضريبة بتخلفها تتحراها هذه المحكمة لضمان أن يظل إطارها مرتبطا بما ينبغي أن يقيمها على حقائق العدل الاجتماعي محددا مضمونها وغايتها على ضوء القيم التي احتضنها الدستور.
وحيث إن المشرع في النص الطعين لم يحقق التوازن المطلوب بين أمرين هما حق الدولة في استئداء الضريبة المستحقة قانونا لما تمثله من أهمية بالغة نحو وفاء الدولة بالتزاماتها العامة تجاه الأفراد، وبين الضمانات الدستورية والقانونية المقررة في مجال فرض الضرائب على أفراد المجتمع لا سيما من حيث تحديد وعاء الضريبة تحديدا حقيقيا كشرط لعدالتها. ذلك أن المشرع قد منح مصلحة الضرائب سلطة عدم الاعتداد بالإقرار المقدم من الممول غير الملتزم بإمساك دفاتر تجارية واعتماد إقراره من أحد المحاسبين المعتمدين، واللجوء إلى تحديد أرباحه الخاضعة للضريبة بطريق التقدير الجزافي دون سند لديها من الأوراق أو القرائن، وهو ما قد يؤدي إلى انتفاء تحقق التقدير الحقيقي لوعاء الضريبة المفروضة، وإمكانية حصول الشطط في هذا التقدير ليجاوز أرباح الممول الفعلية، ويتعداها إلى أصل رأس المال فتدمره سيما والمفروض أن هذا الممول من صغار الممولين أصحاب النشاط التجاري والصناعي، فضلا عن أن ذلك التقدير الجزافي الذي تفرضه المصلحة، دون أدنى دليل وبغير ضمانات تكون كافلة لتقدير المقدرة التكيفية للممولين تقديرا حقيقيا، يصادم توقع الممولين المشروع، ويباغت حياتهم عاصفا بمقدراتهم حاكما لكذب إقراراتهم فلا يكون مقدار الضريبة الملزمين بأدائها معروفا لهم قبل استحقاقها، ولا عبؤها ماثلا في أذهانهم عند سابق تعاملاتهم الأمر الذي يؤدي إلى إهدار أسس وقواعد العدالة الاجتماعية على نحو يخالف حكم المادة 38 من الدستور، هذا فضلا عن أن النص الطعين - على نحو ما تقدم بيانه - وقد اعتمد أسلوب التقدير الجزافي كوسيلة لربط الضريبة وإعادة تقدير الأرباح بالنسبة لطائفة صغار الممولين من أصحاب النشاط التجاري الغير ملتزمين بإمساك دفاتر منتظمة أو اعتماد إقراراتهم الضريبية من أحد المحاسبين، يكون قد غاير بذلك ما انتهجه بشأن غيرهم من الممولين لذات الضريبة أو ممولي الضريبة على أرباح المهن غير التجارية، إذ اعتمد لهؤلاء وأولئك أسلوب التقدير الإداري فألزم مصلحة الضرائب إذا لم تقبل إقراراتهم أن تثبت مخالفتها وعدم مطابقتها للحقيقة بالأدلة والبراهين، وأن يكون تقديرها لوعاء الضريبة بناء على مؤشرات الدخل وغيرها من القرائن التي تكشف عن الأرباح الحقيقية للممول وتكاليف مزاولة المهنة والتي يصدر ببيانها قرار من وزير المالية. وهو بهذه المغايرة غير المبررة وإن قصد تمييزا لطائفة صغار التجار والصناع بإعفائهم من إمساك دفاتر تجارية منتظمة واعتماد إقراراتهم من أحد المحاسبين المعتمدين إلا أن هذه الميزة أضحت وبالا عليهم حيث ترتب عليها حرمانهم من المعاملة القانونية الكافلة لمشروعية فرض تلك الضريبة عليهم لضمان تقدير وعائها تقديرا حقيقيا يقوم على ما تنبئ عنه مؤشرات الدخل وغيرها من القرائن والأدلة بما يجعل هذا التمييز تحكميا ومنهيا عنه لمخالفته نص المادتين 8، 40 من الدستور، يؤكد ذلك عزوف المشرع عن أسلوب التقدير الجزافي عند إصداره لقانون الضرائب على الدخل رقم 91 لسنة 2005.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولا: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للفقرات 9، 10، 11 من المادة الأولى ونصوص المواد 27، 39، 157، 158 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981.
ثانيا: عدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 38 من القانون رقم 157 لسنة 1981 فيما تضمنه من أن يكون لمصلحة الضرائب عدم الاعتداد بالإقرار وتحديد الأرباح بطريق التقدير وذلك دون وضع ضوابط أو معايير لهذا التقدير.
ثالثا: إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

المحكمة الدستورية العليا المصرية
قضية رقم 332 لسنة 23 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
مبادئ الحكم: تشريع - ضرائب - خضوع الدولة للقانون - دستور - عدل - مبدأ الخضوع للقانون - دعوى دستورية - مصلحة مناطها - ضريبة - جزاء - ضريبة - عدالة اجتماعية - عدالة - مبدأ خضوع الدولة للقانون - تناسب الجزاء مع الأفعال
نص الحكم
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 8 مايو سنة 2005 م، الموافق 29 من ربيع الأول سنة 1426 هـ
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي
رئيس المحكمة
والسادة المستشارين/ ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وإلهام نجيب نوار ومحمد عبدالعزيز الشناوي وماهر سامى يوسف
أعضاء
وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما
رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن
أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 332 لسنة 23 قضائية "دستورية"، المحالة من محكمة جنايات كفر الشيخ في القضية رقم 2839 لسنة 2001 جنايات الحامول.
المقامة من
النيابة العامة
ضد
السيد/ ...
الإجراءات
بتاريخ الخامس والعشرين من نوفمبر سنة 2001، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 2839 لسنة 2001 جنايات الحامول والمقيدة برقم 36 لسنة 2001 كلي كفر الشيخ، بعد أن قضت محكمة جنايات كفر الشيخ بوقفها وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرة الأولى من المادة (181) والمادة (195) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أولا: بعدم قبول الدعوى بالنسبة لنص المادة (195) من القانون رقم 157 لسنة 1981، وثانيا: برفض الدعوى فيما يتعلق بنص الفقرة الأولى من المادة (181) من القانون المذكور.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة أحالت السيد/ ... إلى محكمة جنايات كفر الشيخ متهمة إياه بتهربه من أداء الضرائب عن أرباحه التجارية عن نشاطه من استغلال مزرعة سمكية عن السنوات من 1989 حتى 1999، وذلك باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية بأن أخفى نشاطه عن مصلحة الضرائب ولم يخطرها عند بدء مزاولته للنشاط، وعدم تقديمه للإقرارات الضريبية عن السنوات المذكورة، وعدم حصوله على البطاقة الضريبية خلال الميعاد المحدد قانونا. وطلبت النيابة العامة معاقبته بمواد الاتهام الواردة بأمر الإحالة ومنها نص الفقرة الأولى من المادة (181) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981، وإذ تراءى للمحكمة عدم دستورية ذلك النص وكذا نص المادة (195) من القانون المشار إليه، فقد قررت بجلسة 6/9/2001 وقف السير في الدعوى وإحالة الأوراق للمحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية النصين المذكورين.
وحيث إن المادة (181) من قانون الضرائب على الدخل تنص في فقرتها الأولى على أنه "في حالة الحكم بالإدانة في الأحوال المنصوص عليها في المادتين (178)، (179) من هذا القانون يقضى بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضرائب المستحقة".
وتنص المادة (195) من القانون المذكور على أن "يخصص وزير المالية نسبة من حصيلة الغرامات والتعويضات التي يتم تحصيلها نتيجة الصلح مع الممولين مقابل التنازل عن رفع الدعوى العمومية أو المحكوم بها نهائيا طبقا لأحكام هذا القانون، وتؤول هذه الحصيلة إلى صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية للعاملين بمصلحة الضرائب وأسرهم ومن أحيل أو يحال منهم إلى التقاعد وأسرهم...".
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن مناط المصلحة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع، وأن هذا الشرط يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، أو تصوراتها المجردة. وهو كذلك يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية، ويحدد نطاقها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيه، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين ينالهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه. فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلا على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
لما كان ما تقدم، وكان نص المادة (195) من قانون الضرائب على الدخل يتناول بالتنظيم كيفية التصرف في حصيلة الغرامات والتعويضات التي يتم تحصيلها من الممولين وفقا لأحكام القانون، ولا شأن له بموضوع المخالفات المنسوبة للمتهم في الدعوى الموضوعية، ولم يرد ذكره بأمر الإحالة الصادر من النيابة العامة، فإن قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية النص المذكور - بفرض صحة المطاعن الموجهة إليه - لن يكون ذا أثر على النزاع الموضوعي، لتغدو المصلحة في الطعن عليه منتفية، وتكون الدعوى في هذا الشق منها غير مقبولة.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على نص المادة (181) من قانون الضرائب على الدخل السالف ذكرها أمورا ثلاثة، أولها: أن ما قرره من تعويض - يوازي ثلاثة أمثال ما لم يؤد من ضرائب - جاء مبالغا فيه، ومناهضا لروح العدالة التي يقوم عليها النظام الضريبي ويؤكد عليها الدستور في عديد من المواد. وثانيها: أنه ألزم الممول بسداد الضريبة التي تهرب منها بالإضافة إلى ثلاثة أمثالها كتعويض، الأمر الذي قد يترتب عليه مصادرة وعاء الضريبة بالكامل بل قد يتجاوزه إلى باقي أموال الممول بما يشكل اعتداء على حق الملكية. وثالثها: أن المشرع ألزم الممول الخاضع للنص الطعين بأداء هذا التعويض دون منح القاضي أية سلطة تقديرية في تحديد التعويض المناسب لمقدار الضرر الذي أصاب الخزانة العامة، في حين خالف هذا الأسلوب في عديد من القوانين المنظمة للجرائم المالية أو القوانين الضريبية مثل قانون الضريبة العامة على المبيعات والذي قرر تعويضا لا يجاوز مثل الضريبة، بما يعد إخلالا من المشرع بمبدأ المساواة أمام القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد في جوهره ذلك أن السلطة التشريعية هي التي تقبض بيدها على زمام الضريبة العامة، إذ تتولى بنفسها تنظيم أوضاعها بقانون يصدر عنها، متضمنا تحديد وعائها وأسس تقديره، وبيان مبلغها، والملتزمين بأدائها، وقواعد ربطها وتحصيلها وتوريدها، وكيفية أدائها، وضوابط تقادمها، وما يجوز أن يتناولها من الطعون اعتراضا عليها، ونظم خصم بعض المبالغ أو إضافتها لحسابها، وغير ذلك مما يتصل ببنيان هذه الضريبة عدا الإعفاء منها إذ يجوز أن يتقرر في الأحوال التي يبينها القانون. وإلى هذه العناصر جميعها يمتد النظام الضريبي في جمهورية مصر العربية، ليحيط بها في إطار من قواعد القانون العام، متخذا من العدالة الاجتماعية - وعلى ما تنص عليه المادة (38) من الدستور - مضمونا وإطارا، وهو ما يعني بالضرورة، أن حق الدولة في اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية، ينبغي أن يقابل بحق الملتزمين بها وفق أسس موضوعية، يكون إنصافها نافيا لتحيفها، وحيدتها ضمانا لاعتدالها، بما مؤداه أن قانون الضريبة العامة، وإن توخى حماية المصلحة الضريبية للدولة باعتبار أن الحصول على إيرادها هدفا مقصودا منه ابتداء، إلا أن مصلحتها هذه ينبغي موازنتها بالعدالة الاجتماعية بوصفها مفهوما وإطارا مقيدا لنصوص هذا القانون، فلا يكون دين الضريبة - بالنسبة إلى من يلتزمون بها - متمخضا عقابا بما يخرجها عن بواعثها الأصلية والعرضية، ويفقدها مقوماتها بالتالي لتنحل عدما.
ولا يجوز أن تعمد الدولة كذلك - استيفاء لمصلحتها في اقتضاء دين الضريبة - إلى تقرير جزاء على الإخلال بها، يكون مجاوزا - بمداه أو تعدده - الحدود المنطقية التي يقتضيها صون مصلحتها الضريبية وإلا كان هذا الجزاء غلوا وإفراطا، منافيا بصورة ظاهرة لضوابط الاعتدال، واقعا عملا - وبالضرورة - وراء نطاق العدالة الاجتماعية، ليختل مضمونها بما ينافي القيود التي فرضها الدستور في مجال النظام الضريبي.
وحيث إن الدستور قرن العدل بكثير من النصوص التي تضمنها، ليكون قيدا على السلطة التشريعية في المسائل التي تناولتها هذه النصوص، وأنه وإن خلا من تحديد لمعنى العدالة في تلك النصوص إلا أن المقصود بها ينبغي أن يتمثل فيما يكون حقا وواجبا سواء في علائق الأفراد فيما بينهم، أو في نطاق صلاتهم بمجتمعهم، بحيث يتم دوما تحديدها من منظور اجتماعي، ذلك أن العدالة تتوخى - بمضمونها - التعبير عن القيم الاجتماعية السائدة في مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة.
وحيث إن ما تقدم مؤداه أن العدالة - في غاياتها - لا تنفصل علاقتها بالقانون باعتباره أداة تحقيقها، فلا يكون القانون منصفا إلا إذا كان كافلا لأهدافها، فإذا ما زاغ المشرع ببصره عنها، وأهدر القيم الأصيلة التي تحتضنها، كان منهيا للتوافق في مجال تنفيذه، ومسقطا كل قيمة لوجوده، ومستوجبا تغييره أو إلغاءه. ومن ثم فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن شرعية الجزاء - جنائيا كان أم تأديبيا أم مدنيا - لا يمكن ضمانها إلا إذا كان متناسبا مع الأفعال التي أثمها المشرع أو منعها في غير ما غلو أو إفراط.
وحيث إن الممولين الخاضعين للضريبة على إيرادات النشاط التجاري والصناعي يلتزمون عملا بالنص الطعين عند الحكم عليهم بالإدانة في الأحوال المنصوص عليها في المادة 178 من قانون الضرائب على الدخل - فضلا عن العقوبة الجنائية بالسجن - بأداء ثلاثة أمثال الضريبة التي نسب إليهم التهرب من أدائها. وكان ما توخاه المشرع من تقرير هذا التعويض - منظورا في ذلك إلى مداه - هو الحمل على إيفائها في الموعد المحدد قانونا وبمقدارها الحقيقي إلى الخزانة العامة لضمان تحصيلها، والتقليل من تكلفة جبايتها، فلا يتخلى عن الوفاء بها الممولون الملتزمون بها وإلا كان ردعهم لازما، فإن معنى العقوبة يكون ماثلا في ذلك التعويض وإن لم يكن عقابا بحتا وهو ما ظهر بوضوح من خلال وحدة مقداره، ذلك أن المتهربين من أداء الضريبة يلتزمون بثلاثة أمثالها في كل الأحوال سواء أكان عدم الوفاء راجعا إلى التخلف عن تقديم إخطار مزاولة النشاط أو بسبب استعمال إحدى الطرق الاحتيالية الواردة بنص المادة (178) من القانون. وسواء أكان ذلك ناشئا عن عمد أو إهمال أو عن فعل غير مقترن بأيهما، متصلا بالغش والتحايل أو مجردا منهما، واقعا مرة واحدة أو متعددا، متصلا بنشاط واحد أو أكثر، إذ يتعين دوما أداء ثلاثة أمثال الضريبة بالكامل أيا كانت المخالفة المنسوبة إلى الممول وظروف ارتكابها. وكان ينبغي على المشرع أن يفرق في هذا الجزاء بين الحالات المختلفة الواردة بالنص.
وحيث إن مبدأ خضوع الدولة للقانون محددا على ضوء مفهوم ديمقراطي يعني أن مضمون القاعدة القانونية التي تسمو في الدولة القانونية عليها، وتتقيد هي بها، إنما يتحدد على ضوء مستوياتها التي التزمتها الدول الديمقراطية باضطراد في مجتمعاتها، واستقر العمل باضطراد على انتهاجها في مظاهر سلوكها على تباينها، لضمان ألا تنزل الدولة القانونية بالحماية التي توفرها لحقوق مواطنيها وحرياتهم، عن الحدود الدنيا لمتطلباتها المقبولة بوجه عام في الدول الديمقراطية، ويندرج تحتها، ألا يكون الجزاء على أفعالهم جنائيا كان أم مدنيا، أم تأديبيا، أم ماليا إفراطا، بل متناسبا معها، ومتدرجا بقدر خطورتها ووطأتها على الصالح العام، فلا يكون هذا الجزاء إعناتا.
متى كان ما تقدم، وكان التعويض المقرر بالنص الطعين جزاء على المخالفات الواردة بالمادة (178) من القانون جاء مفرطا وغير مناسب للنوعيات المختلفة من هذه المخالفات على النحو السالف بيانه منافيا بالتالي لضوابط العدالة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الضريبي في الدولة ومنتقصا من العناصر الإيجابية للذمة المالية للممولين الخاضعين لأحكامه، فإن النص المطعون فيه يكون مخالفا لأحكام المواد 34، 38، 65 من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (181) من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 فيما تضمنه من إلزام من يحكم بإدانته في الأحوال المنصوص عليها في المادة (178) من القانون المذكور بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضرائب المستحقة.

كتاب دوري رقم 12 لسنة 2013 بشأن عدم دستورية المادتين 43 و 44 من قانون الضريبة على المبيعات
أصدرت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7/4/2013 حكما في القضية رقم 200 لسنه 27 قضائية "دستورية " قضى بعدم دستورية نص البند سادسا من المادة 44 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 وسقوط نص المادة 43 من القانون في مجال تطبيقها على البند المشار اليه ..
ولما كان ذلك ، وكانت المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنه 1979 قد نصت في فقرتيها الثانية والثالثة على أن " يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا آخر….، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه "
ولما كان حكم المحكمة الدستورية انف البيان قد قضى بعدم دستورية نص البند سادسا من المادة 44 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 وسقوط نص المادة 43 من القانون في مجال تطبيقها على البند المشار اليه ، وهو نص جنائي يؤثم الاتفاقات الجنائية المشار إليها فيه ، الأمر الذي يترتب عليه اعتباره بمنأى عن التأثيم ، وتكون الأحكام التي صدرت استنادا إلى هذا النص كأن لم تكن.
وتطبيقا لما تقدم ، وإعمالا لنص المادة الخامسة من قانون العقوبات ندعو السادة أعضاء النيابة العامة إلى إتباع ما يلي:-
أولا : عدم تطبيق نص البند سادسا من المادة 44 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 وسقوط نص المادة 43 من القانون في مجال تطبيقها على البند المشار اليه وعدم إيرادها والاتفاقات الجنائية المنصوص عليها فيها في القيود والأوصاف التي تعطى للوقائع الجنائية ، وحفظ المحاضر المحررة عن الوقائع المشار إليها في هذا البند وحده أو التقرير فيها بالا وجه لإقامة الدعوى الجنائية -بحسب الأحوال - لعدم الجناية.
ثانيا : طلب الحكم ببراءة المتهمين في القضايا المنظورة أمام المحاكم والمرفوعة فيها الدعوى عن الوقائع التي كانت مؤثمة بالبند سادسا من المادة 44 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 في أية مرحلة تكون عليها الدعوى.
ثالثا : إرسال القضايا المحكوم فيها بالإدانة إذا كان الحكم قد قضى بالعقوبة مستندا لنص البند سادسا من المادة 44 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 إلى المحامى العام للنيابة الكلية ليأمر بوقف تنفيذ تلك العقوبة والإفراج فورا عن المحكوم عليهم على أن يتم استطلاع رأى المكتب الفني للنائب العام فيما يعرض من مشكلات في هذا الشأن.
رابعا : لا يخل الأمر الصادر من المحامى العام للنيابة الكلية بوقف العقوبة المقضي بها عن المحكوم عليه بحقه في الطعن على الحكم الصادر بإدانته وفقا لطرق الطعن المقررة قانونا.
والله ولى التوفيق ،،،
صدر في 22/4/2013
النائب العام

__________________
Ali Ahmed Ali
على أحمد على غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-11-2015, 07:02 PM
  #2
يحيى حراز
مشارك ذهبى
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
العمر: 39
المشاركات: 210
افتراضي رد: تعرف على أحكام بعدم الدستورية ....(ضرائب دخل - مبيعات)

مجهود عظيم لايخرج الا من استاذ عظيم
يحيى حراز غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:22 PM