مشاركة: دور المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة
قدرة المصارف الإسلامية على إستقطاب الودائع وخصوصية المودعين فيها :
المودعون في البنوك والمصارف الإسلامية يشكلون عنصر قوة واستمرار ، ومن ثم يجب المحافظة عليهم وتوسيع دائرتهم ، وتشير الدراسات الميدانية إلى أن المودعين في هذه المصارف ينقسمون إلى أربعة أنواع أو فئات [1]هي :
1)
الفئة الداعمة التي تحرص على التعامل الشرعي وهي الرصيد الأساسي للبنوك الإسلامية.
2)
الفئة المنحازة التي تفضل التعامل مع البنوك الإسلامية إذا وجدت خدمات ومنتجات إسلامية منافسة وهي فئة كبيرة.
3)
الفئة النفعية التي تبحث عن المزايا فقط.
4)
الفئة المناوئة التي لا ترغب في التعامل مع البنوك الإسلامية.
وكمثال مقارن يبين توزيع الودائع في البنوك الإسلامية والتقليدية ، نعتمد حالياً أول بنك إسلامي وهو بنك دبي الإسلامي الذي أنشئ سنة 1975 خلال الجدول التالي:
مقارنه النسب المئوية لمكونات الودائع لإجمالي المصارف وبنك دبي الإسلامي بدولة الإمارات العربية المتحدة ( 88 – 1995 )[2]
أنواع الودائع
دبي الإسلامي
إجمالي البنوك
وقد سقنا هذا المثال فقط كمؤشر على أهمية الدور الذي تستطيع أن تقوم به البنوك الإسلامية في جذب المزيد من الإيداعات ، ومن ثم التوسع في عمليات التمويل والتجارة والاستثمار، وإن كان هذا يفرض عليها وضع إستراتيجية واضحة المعالم ومدروسة في ظل تقارير تشير إلى تطور الإيداعات في القطاع المصرفي الإسلامي ، وكذلك إلى نمو الحصة السوقية لها ، مما يتطلب عملاً مكثفاً من البنوك الإسلامية واستقطاب مواقع جديدة باستمرار.
المشروعات الصغيرة والمتوسطة أحد المفردات الرئيسية لحزمة سياسات الإصلاح الإقتصادي بالدول النامية
نستطيع بالإستقراء أن نبلور هذه السياسات فيما يلي :
1)
سياسة إصلاح الأجور والأسعار وسوق العمل.
2)
سياسة ترشيد القطاع العام.
3)
سياسة ترشيد الإنفاق العام.
4)
سياسة إصلاح النظام الضريبي في حالة وجوده.
5)
إصلاح سياسة التجارة الخارجية.
6)
إصلاح سياسة سوق رأس المال.
7)
جدولة الديون الخارجية وتخفيضها إلى أدنى حد ممكن.
8)
سياسة تشجيع القطاع الخاص وتبني برنامج لتوسيع قاعدة الملكية الخاصة.
كل ذلك بهدف التغلب على المشكلات الاقتصادية ، وانتهاج سياسة استثمارية تقوم على زيادة الإنتاج ومن ثم تشجيع القطاع الخاص ، وتمكينه من أن يؤدي دوره بكفاءة في عملية التنمية والنشاط الإقتصادي ، وكذلك تمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة من أن تؤدي دوراً مهماً في النشاط الإقتصادي ، وإعادة تخصيص الموارد الإقتصادية على فروع الإنتاج المختلفة ، لتحقيق مستويات الكفاءة الإقتصادية العالمية ، وهذا ما يجعلنا نتناول عنصراً هاماً في تمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة من ذلك الدور من خلال عمليات التمويل والأدوات والأساليب اللازمة في هذا الشأن.
معوقات وصعوبات تمويل المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية
للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وسبل التغلب عليها.
نستطيع القول بأن هذه المعوقات والصعوبات التي تواجه عمليات المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة تنقسم إلى قسمين :
الأول : يتعلق بالمصارف والمؤسسات الإسلامية التمويلية ونبدأ به .
الثاني : يتعلق بالمنشآت المتمولة نفسها . وذلك على النحو التالي :
أولا :
الصعوبات والمعوقات التي تواجه المؤسسات والمصارف الإسلامية في تمويل المنشآت
- معوقات قانونية في البيئة المصرفية والاستثمارية :
من أهمها ما يلي :
وسائل البنك المركزي الحالية وآثارها على طبيعة نشاط المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية والتعديل الجزئي المطلوب.
إن الأعمال المحظورة ( المنهيات ) على البنك المركزي والبنوك التجارية في جوهرها تشكل لب عمليات المصارف الإسلامية ( المطلوبات ) ، ونقصد بذلك أن تزاول أو تكون لها مصلحة مباشرة في أي عمل تجاري أو زراعي أو صناعي ( أي العمليات الاستثمارية التجارية ).
ولما كان الدور الحقيقي والرئيسي للجهاز المصرفي وعلى رأسه البنك المركزي هو دعم التنمية الإقتصادية وتقوية السوق المالية مما يقتضي التخلي ولو تدريجياً عن دور الوساطة الحيادية، والدخول في النشاط الإقتصادي الحقيقي ، والإيمان بهذا الدور لدى السلطات النقدية جعلها تنص على السماح للجهاز المصرفي ( البنك المركزي والبنوك التجارية ) ولو على سبيل الاستثناء وبقيود معينة لهذه البنوك ممارسة أنواع من النشاط الإستثماري[3].
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن السماح للمصارف الإسلامية بالعمليات الإستثمارية والتجارية مع الأعمال المصرفية ، يقتضي إحداث تعديلات في بعض وسائل وأدوات الرقابة والتوجيه التي يمارسها البنك المركزي على هذه المؤسسات المصرفية والمالية ، وإستعمال الأدوات المناسبة في نفس الوقت حتى لا يفلت زمام الرقابة الواجبة من قبل البنك المركزي بإعتباره بنك الدولة ونخص على وجه التحديد ما يلي :
1) الاحتياطي القانوني :
الهدف الرئيسي من الاحتياطي القانوني تحقيق القدرة لدى المصارف على تلبيه السحب من قبل المودعين ، فإذا كان ذلك وكانت الودائع الاستثمارية في المصارف الإسلامية لا يمكن إلا أن تكون غير مضمونة على البنك الإسلامي إلا في حالات التعدي والتقصير والإهمال ، بإعتبار البنك مضارباً ويضارب[4] لارتباط ذلك بالحلال والحرام في معاملات المصرف الإسلامي فإن الخشية أو الخوف من عدم قدرة البنك على تلبية طلبات السحب من قبل المودعين تكون منعدمة تماماً ، مما يترتب عليه أن ينخفض الاحتياطي القانوني إن لم ينعدم ، وإلا أصبحت أموالاً مكتنزة راكدة لا تدر ثمة عائد ،
ومن ثم يجب عدم التسوية بين النوعين من البنوك في نسب الاحتياطي النقدي.
هذا وفي الوقت الذي نرى فيه أنه لا حاجة للاحتياطي النقدي مقابل الودائع الاستثمارية في البنوك الإسلامية فإن الأصح عند البعض[5] : أن الاحتياطي ضروري مقابل هذه الودائع ولو بنسبة أقل ، والسبب أن هذه البنوك تسمح بسحب هذه الودائع أو جزءاً منها بشروط قبل الميعاد ولا يتحقق ضمان ذلك إلا بإخضاع هذه البنوك لنظام الاحتياطي مقابل الودائع.
وهذا يفرض بدوره على المؤسسات المالية والمصرفية الإسلامية في نفس الوقت نظام استثمار جيد تحت رقابة البنك المركزي لتلافي أو التقليل من مخاطره مما يقتضي:
أ) استحداث وسائل لضمان مخاطر الاستثمار كإنشاء صندوق لتأمين مخاطر الاستثمار[6] تحت إشراف البنك المركزي ، وتسهم فيه الودائع الاستثمارية في البنوك الإسلامية بنسب معينة يحددها البنك المركزي.
ويا حبذا لو اشترك البنك المركزي في إنشاء هذه المؤسسات لضمان ودائع المستثمرين في المصارف الإسلامية ، باعتبار أن ذلك أمر حيوي وضروري حتى بالنسبة للبنوك التجارية
[1]د. عبدالفتاح محمد فرج بحثه رؤية إستراتيجية لعمل البنوك الإسلامية في ظل العولمة – مجلة آفاق إقتصادية تصدرها غرفة التجارة والصناعة في دولة الإمارات المجلد 21 العدد 83 السنة 1421هـ الموافق 2000م ص24
[2] المصدر التقارير السنوية – مصرف الإمارات المركزي وبنك دبي الإسلامي 88-1997م- د. عبدالفتاح محمد فرج – المرجع السابق
[3] مثلما نصت عليه المادة (37) من قانون البنك المركزي الكويتي بالنسبة للبنك المركزي والمادة (67) بالنسبة للبنوك التجارية
[4] والمضاربة نوع شركة في الربح على أن رأس المال من طرف يقال له رب المال والعمل من الطرف الآخر يقال له المضارب ، وتنقسم إلى مطلقة لا تتقيد بزمان ولا مكان ولا نوع تجارة ولا تعيين بائع ولا مشتر ومضاربة مقيدة متى كانت خلاف ذلك.
أنظر 1406،1407 مجلة الأحكام العدلية – والمصرف الإسلامي مضارب ويضارب بنفس آلية تعامله مع أصحاب الودائع . أنظر الكمال بن الهمام – تكملة فتح القدير ح8/484.
[5]د. نجاة الله صديقي – أدوات السياسة النقدية في إقتصاد إسلامي ص8- د. محمد إبراهيم ربوي – علاقة البنك المركزي بالنسبة للمصرف الإسلامي ص17.
[6] يقوم هذا الصندوق على نظام التأمين التعاوني بقواعده وفنياته الشرعية والعلمية وما يتسع له هذا النظام لضمان جميع المخاطر بما فيها ضمان المسؤولية وضمان الخسائر.