عرض مشاركة واحدة
قديم 05-05-2009, 09:51 PM
  #2
1accountant
 الصورة الرمزية 1accountant
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: مصر
العمر: 40
المشاركات: 2,094
افتراضي مشاركة: المصارف الإسلامية وما لها من دور

ثانياً : إشكالية الفوائد (الربوية) :
بالرغم من الانتشار الواسع للمصارف والمؤسسات المالية والاستثمارية الإسلامية في مختلف البلدان العربية وغيرها، يتخذ موضوع الفوائد اهتماماً خاصاً تختلف بشأنه المفاهيم والبحوث والمواقف وكذلك تتباين التطبيقات.
وهنا أود أن أتوقف في قراءة متأنية، ربما تعتبر بمثابة مراجعة ذاتية حينما أعيد قراءة ما سبق عرضه بوجهات نظر مختلفة، والتي ينزع أغلبها إلى " قبول الفائدة " بل اعتبرها البعض حلالاً ! وهذا التباين يرجع أساساً إلى أمرين متداخلين :
(1) عدم الاتفاق على تعريف ناجز.
(2) قراءة غير صحيحة أو مبتورة لنصوص فقه المعاملات.
وكما أجملت مفهوم المصرف الإسلامي في أبعاد خمسة، فإنني أوجز تعريف (الفائدة الربوية) بما يلي :
كل نسبة ثابتة تؤخذ من (الأصل) رأس المال، عن مبلغ محدد ولفترة زمنية محددة، على أن تحتسب تلك النسبة وتؤخذ مقدماً هي ذاتها فائدة ربوية. وللعلم فإن النقد منذ عصر ما قبل الميلاد يعتبر – كما ارتأى سقراط – عقيماً لا يلد، أي ليس في ذاته زيادة، وإنما تأتي الزيادة نتيجة تشغيل العملات النقدية وما في حكمها. ومن جانب آخر ليست في المعاملات النقدية من وجهة نظر إسلامية قيود دائن ومدين، بل هي معاملات تعاقدية تستند إلى المشاركة في الربح أو الخسارة، وذلك هو جوهر العدالة لجميع المتعاملين.
هذا وقد وردتني رسالة من أحد " أصحاب السماحة " منذ سنة تقريباً يؤكد فيها على التعامل "بالفائدة" والتي حسب نقله لا تعتبر من الربا ! ولما كانت تلك النصوص منقولة عن مجموعة فتاوى ابن تيمية … لم أرتح لما عرض علي. فذهبت إلى أحد المشايخ والذي تزخر مكتبته المنزلية بذخائر المراجع، فاستغرب بل استنكر أن ما نقل عن ابن تيمية يكون صحيحاً ! وعكفنا سوياً على مجلدات الفتاوى حتى حصلنا على النص المطلوب بصيغة سؤال وجواب في المجلد التاسع والعشرين (صفحة 235) (المرجع رقم 4) على الوجه التالي :
" وسئل يرحمه الله – عن رجل اضطر إلى قرضة دراهم، فلم يجد من يقرضه إلا رجل يأخذ الفائدة … " وهنا توقف (سماحة) المرسل عند نقطة الفائدة … " وأردف أن لفظة الفائدة معمول بها، وهي ليست ربا !! ولكنني أرى أن هذه سرقة واضحة، بل إلصاق فتوى غير صحيحة بشيخ الإسلام ابن تيمية ! لأن ما ورد في نص المرجع المذكور أعلاه " … إلا رجل يأخذ الفائدة، فيأتي السوق يشتري له بضاعة بخمسين، ويبيعها له بربح معين إلى مدة معينة، فهل هي قنطرة الربا ؟ لاحظوا أيها الأخوة تشابه التعريف بربح معين ومدة معينة. ولم يكتف (سماحته) بالسرقة العلمية بل أنه أغفل في رسالته المرسلة إليّ الجواب عن ذلك السؤال وفي نفس الصفحة كالتالي : " فأجاب : إذا اشترى له بضاعة، وباعها له فاشتراها منه، أو باعها للثالث صاحبها الذي اشتراها المقرض منه، فهذا ربا. " والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين في تحريم ذلك كثيرة … " انتهى النص الصحيح !.
ويبدو أن مصدر هذه السرقة غير العلمية والخالية من الأمانة والمصداقية ليس الجهل بحد ذاته، بل تجاهل متعمد والعياذ بالله.
وهنا أتوقف مرة أخرى في قراءة متأنية في كتاب : معاملات البنوك، وأحكامها الشرعية لفضيلة الشيخ د. محمد سيد طنطاوي (الطبعة 14/ عام 1994) مفتي الديار المصرية سابقاً وشيخ الأزهر حالياً (المرجع رقم 5). لماذا ؟ لأنني بعد إعادة قراءة ما بين السطور أريد أن أصحح ما هو شائع حول إشكالية الفوائد (الربوية) … ولاحظوا معي أيها الأخوة ثلاثة أمور :
(أ) وجهة نظر للشيخ د. سيد طنطاوي وردت في المقدمة صفحة 5 … " لذا كان من الحكمة والعقل ألا تعمم الأحكام بأن يقال كل المعاملات التي عن البنوك أو المصارف حلال أو كلها حرام".
(ب) آراء متضاربة للجنتين (1) إحداهما شرعية من العلماء وقد انشطرت مواقفهم أو آراؤهم بين مؤيد وبين معارض بشأن " الفوائد المصرفية و (2) أخرى لجنة مصرفية من البنوك التجارية التقليدية والتي بالطبع أيدت التعامل بالفائدة (التجارية) لما فيها من مصلحة … الخ. والمهم إننا حينما نقرأ وجهات نظر المشاركين في هاتين اللجنتين لا يمثلون بالضرورة التطابق الكلي مع فتوى فضيلة الشيخ د. محمد سيد طنطاوي … لأنهــــم يعبرون عن وجهة نظرهم والتي " قد أجازها " فضيلته في حينه باعتبارها وجهة نظر اختصاصيين وخبراء لكون الأصل في المعاملات الترخيص والإباحة، ولكن مشروطة، كما أكد عليها فضيلته أيضاً – جزاه الله خيراً – بخلوها من الكذب والغش والاستغلال والظلم والجهالة والغرر، ومن كل ما حرمه الله تعالى (المقدمة صفحة 5 أيضاً) " وإنني قد اهتممت في هذا الكتاب الحديث … عن منهج شريعة الإسلام في تحريم الربا الذي هو من الكبائر، والذي يؤدي استحلاله إلى الخروج عن ملة الإسلام " (المقدمة صفحة 6 أيضاً). ومشروطة أيضاً، كما يقول فضيلة د. سيد طنطاوي، بخضوع البنوك ومعاملاتها لأحكام الشريعة الإسلامية (كما ورد بصفحة 251) " … والتي تعطي كل إنسان حقه سواء أكان مسلماً أم غير مسلم، وتحرم الظلم والغش والربا وغير ذلك من المحرمات سواء أكان التعامل بها مع المسلم أم غير المسلم.
(جـ) بالرغم من بعض المتناقضات – والمنقولة كما أرجح عن وجهات نظر اللجنتين الشرعية والمصرفية – فإن توجه فضيلة الشيخ د. سيد طنطاوي إيجابي تجاه الالتزام بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. وهذا التوجه الإيجابي يمكنني أن أبرزه في ملحوظات ثلاث : (1) ما ورد نصاً وإيضاحاً في نفس كتاب : معاملات البنوك وأحكامها الشرعية بالصفحات 90 حتى 93 على وجه الخصوص، (2) وكذلك ما أصدره فضيلته من فتوى بتاريخ 19 فبراير 1989 أي قبل إصدار الكتاب (مرفق أ)، (3) وكذا ما نشرته الصحافة المصرية والخليجية أي أخبار اليوم والأهرام والخليج (الإماراتية) من تصريح حاسم بخصوص " فوائد " القروض الفردية حينما احتدم النقاش في مصر حول مشروع قانون الرهن العقاري خلال اكتوبر 1999 (مرفق ب)، أي بعد إصدار كتابه موضوع الخلاف ففي المرفق (أ)، ورداً على استفسار مواطن مصري عن وضع أمواله في أحد البنوك التي تستخدم شهادات استثمارية : حلالاً أم رباً .. أفاد فضيلته (المفتي في حينه/ فبراير 1989) : لما كان ذلك وكان إيداع الأموال في البنوك أو إقراضها أو الاقتراض منها بأي صورة من الصور مقابل فائدة محددة مقدماً زمناً ومقداراً يعتبر قرضاً بفائدة، وكل قرض بفائدة محددة مقدماً حرام، كانت تلك الفوائد التي تعود على السائل داخلة في نطاق ربا الزيادة المحرم شرعاً بمقتضى النصوص الشرعية … ".
وأما المرفق (ب) وهو تصريح لفضيلته (باعتباره شيخ الأزهر حالياً/ أكتوبر 1999) حول الاختلاف بشأن " القروض الفردية التي يحصل عليها المواطنون من البنوك لتمويل شراء الوحدات السكنية أو السيارات أو أي شيء آخر تدخل ضمن دائرة الربا أيضاً. ويأتي ذلك التصريح معارضاً للجنة رجال الأعمال (بمصر) والتي كانت تعد مشروع الرهن العقاري " تمهيداً لعرضه على مجلس الشعب المصري.
واستكمالاً لما يصدره الإمام الأكبر/ شيخ الأزهر من حكم شرعي مع ما ينقل عنه من تباين وجهات النظر من وقت لآخر – أود أن نقرأ مرة أخرى وبتأن شديد ما ورد في كتابه " معاملات البنوك/ 1994 " بالصفحات 90 حتى 93 (مرفق ج) موضحاً جزاه الله خيراً نماذج أربعة من الربا المحرم شرعاً، ومضيفاً إلى ذلك " تنبيهات هامة منها قول المرحوم د. محمد عبد الله دراز : " أن قضية الربا في زمننا هذا ليست قضية بعدا، وإنما هي قضية تطبيق ".
وإشكالية الفوائد (الربوية) كذلك هي قضية تطبيق، وعقود، ونظم محاسبية، مما يجعل مسألة تحريم الربا بأنواعه أمراً قطعياً لا يحتاج الرجوع إليه ولا حتى تبريره. ولعل العبرة في ذلك كله هي النتائج الوخيمة التي يعاني منها كل مجتمع يتعامل بالفوائد الربوية (لاحظ في هذا تقارير صندوق النقد الدولي، مثلاً. خلال العقود الأربعة الماضية وما تكابده الحكومات الأعضاء من عجوزات مالية ومديونيات متراكمة – بما في ذلك غالبية الدول المنتجة للنفط) بل تمتد تلك السلبيات بكاهلها على الأفراد، فلنقرأ ما نشرته جريدة الخليج بالإمارات صباح يوم 11/3/2000 بعنوان : " الشباب في فخ البنوك (الربوية) " (مرفق د) حينما يبتلى جيلنا الشبابي بأوزار ديون (تمويل) متراكمة بلغت أكثر من 33 (ثلاثة وثلاثين) مليار درهماً.
وباختصار شديد فإنني قد قصدت من هذه المراجعة تعزيز منهجية إسلامية واضحة بل متفق عليها (بالإجماع) على حكم شرعي بأنه ما زاد على رأس المال مقابل الأجل وحده ويؤخذ ذلك مقدماً فهو ربا. بما في ذلك قياساً وتطبيقاً للفوائد (الربوية) والتي تشترط في القروض وفي العقود أيضاً. وبالمناسبة إن ما يثار من تبرير الفائدة لاستثمار إنتاجي مقابل آخر استثمار استهلاكي لم يعد مقبولاً حتى ولو تم عرضهما حسبما نقل عن الشيخ الجليل ابن القيم الجوزية بتسمية ربا جلي وآخر ربا خفي. فلو لاحظنا أن هذين النوعين يشتركان في لفظة واحدة … أي علة واحدة هو الربا بكل أنواعه … مرة أخرى حسبما أوضحها فضيلة الشيخ د. سيد طنطاوي (المرجع نفسه). وهذا التحريم للفوائد الربوية لا يستند إلى أحكام شرعية فحسب، بل يضاف إليه طريقة احتساب تلك (الفوائد) والتي تزداد أو تنقص من رأس المال، كما أن نتائج هذه المعاملة المحرمة واضحة جلية فيما تتعرض له الدول والشعوب حكومة وأفراداً من محق لا يخفى على أحد في ظل الرأسمالية الجديدة وحيلها !.
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله


if you fail to plan you plan to fail


كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم
1accountant غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس