عرض مشاركة واحدة
قديم 10-24-2009, 11:21 PM
  #7
1accountant
 الصورة الرمزية 1accountant
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
الدولة: مصر
العمر: 40
المشاركات: 2,094
افتراضي مشاركة: المحاسبة الحكومية - النفقات العامة

الأسباب الحقيقية لازدياد النفقات العامة
ويقصد بالأسباب الحقيقية، تلك الأسباب التي تؤدي إلى زيادة رقم النفقات العامة، ناتجة عن زيادة عدد الحاجات العامة التي تشبعها الدولة، وعن زيادة الأفراد الذين يستفيدون من النفقات العامة، إذا ظلت مساحة الدولة وعدد سكانها دون تغيير، أي أن هذه الزيادة في النفقات العامة تؤدي إلى زيادة كمية الخدمات العامة المقدمة للأفراد وإلى تحسين نوعية تلك الخدمات.
وقد اختلف كتاب المالية العامة والاقتصاد، حول تحديد الأسباب الحقيقية لتزايد النفقات العامة، وتحديد الأهمية النسبية لكل منها، إلا أنه يمكن القول إن هناك أسبابا" حقيقية عديدة، تكمن خلف الزيادة في النفقات العامة للدولة، يمكن إجمالها في الأسباب التالية:
1- الأسباب الإدارية:
أدى التوسع في وظائف الدولة ومهماتها إلى اتساع جهازها الإداري، وزيادة عدد العاملين فيه، من عمال وموظفين، ورافق ذلك ارتفاع في حجم المستلزمات السلعية والخدمية اللازمة لتسهيل مهمة هذا الجهاز، ومما لا شك فيه أن هذا التوسع يؤدي إلى زيادة النفقات العامة، سواء ما كان منها في شكل رواتب وأجور، أم ما كان منها ثمنا" لمشتريات الحكومة.
ومن العوامل الإدارية التي تساهم في زيادة النفقات العامة، سوء التنظيم الإداري وازدياد عدد العاملين وهي ظاهرة ملموسة في كثير من الدول المتخلفة، ويزيد الأمر سوءا" انخفاض إنتاجية العمل وكفاءة العاملين في أجهزة الدولة في تلك الدول، وبخاصة أن الخدمات الحكومية التي تقدمها الدولة تعتمد على كثافة عنصر العمل، مما يزيد الحاجة إلى عدد أكبر من العاملين وزيادة حجم الأجور والرواتب المدفوعة، وبالتالي زيادة النفقات العامة للدولة، وهو ما يطلق عليه قانون باركنسون (1).
2- الأسباب الاقتصادية:
إن التطور الذي لحق بالفكر الاقتصادي، والذي تمثل في سقوط سياسة الحرية الاقتصادية، وفي الإيمان بضرورة التدخل في الشؤون الاقتصادية، قد أدى دورا" هاما" في زيادة النفقات العامة للأغراض الاقتصادية، وقد عرف القرنان التاسع عشر والعشرون أزمات اقتصادية وانتشار البطالة، مما أدى إلى نقص التشغيل، وأدى تعدد الأزمات الاقتصادية التي واجهها النظام الرأسمالي، وانتشار المبادئ الاشتراكية، إلى تخلي الدولة عن حيادها التقليدي الذي فرضه عليها نظام الاقتصاد الحر، وجعل نشاطها مقتصرا" في أداء وظائفها التقليدية التي حددها مفهوم الدولة الحارسة، فالتجأت الدولة إلى اتباع سياسة جديدة قائمة على التدخل في الحياة الاقتصادية بهدف تحقيق التوازن الاقتصادي الذي عجز قانون السوق عن تحقيقه تلقائيا"، فقامت الدولة الرأسمالية بالكثير من أوجه النشاط الاقتصادي التي أضفت عليها طابع الدولة المتدخلة، وبخاصة بعد انتشار الفكر ”الكينزي“ الذي أثبت عجز النظام الرأسمالي عن تحقيق التوازن التلقائي، دونما تدخل من جانب الدولة التي تعتبر مسؤولة عن تحقيق كل من التوازن والاستقرار الاقتصادي، مما أدى إلى ازدياد حجم النفقات العامة وتعددها، سواء بتوزيع الإعانات أم بالقيام بالمزيد من الاستثمارات العامة، بغرض رفع الطلب الفعلي إلى المستوى اللازم لتحقيق التشغيل الكامل، أو بمعنى آخر بقصد زيادة الدخل القومي، مثل السياسة الجديدة التي اتبعتها حكومة الرئيس روزفلت في عام 1933، وسياسة القوة الشرائية التي اتبعتها حكومة ليون بلوم في فرنسا عام 1936.
وقد ازداد الاتجاه التدخلي، وازداد بالتالي حجم النفقات العامة خلال سنوات الحرب العالمية الثانية والسنوات التي تلتها؛ نتيجة للسياسة الاقتصادية التي اتبعتها الدول الرأسمالية لتعبئة المجتمع من أجل خوض الحرب، ثم بعد ذلك لتعويضه في أعقاب الحرب، عما فقده من أجهزة إنتاجية دمرت أثناء الحرب.
كما أن التطور الفني يؤدي إلى خلق سلع اقتصادية جديدة، ومن ثم خلق أنماط استهلاكية جديدة، سينعكس ذلك كله في زيادة النفقات العامة، منسوبة إلى الناتج القومي الإجمالي.
ومن ناحية أخرى تتحمل الدول المعاصرة في المجتمعات المتخلفة اقتصاديا" مسؤولية كبيرة في محاربة التخلف، والتعجيل بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقد أدى ذلك إلى اتساع نطاق نشاط الدولة، مثل الري والصرف والطاقة والطرق والمواصلات... الخ التي يطلق عليها الهيكل الأساسي ذو الطابع الاقتصادي (1) .
3- الأسباب الاجتماعية:
تعد الأسباب الاجتماعية عوامل أخرى أدت إلى زيادة النفقات العامة للدولة، فالانتقال من دور الدولة الحارسة، إلى دور الدولة المتدخلة والمنتجة، أدى إلى إحلال سياسة اقتصادية واجتماعية جديدة، مكان السياسة الاقتصادية والاجتماعية القديمة، ومن ثم أصبحت الدولة مسؤولة عن تحقيق التوازن الاجتماعي، إضافة إلى التوازن الاقتصادي، وساعد على ذلك تقدم الوعي الاجتماعي، وانتشار الأفكار الاشتراكية وقوة الطبقة العاملة.
ولم يعد هدف الدولة هو تحقيق الزيادة في الإنتاج ورفع مستوى الدخل، بل تحسين توزيع الدخل، وإقامة العدالة الاجتماعية، وتوفير الخدمات لجميع الفئات الاجتماعية في الميادين المختلفة، من صحة وتعليم وثقافة وإسكان... الخ، والإعانات الاجتماعية والمعاشات، ورعاية الأطفال وتغذيتهم وإعانات العجز والمرض والبطالة والشيخوخة، ومن أهم النفقات العامة الاجتماعية في الدول النامية ما يطلق عليه الهيكل الأساسي ذو الطابع الاجتماعي، وتتضمن الصحة والثقافة والتعليم والإسكان، ونفقات الضمان الاجتماعي التي تحاول الدول أن يستفيد منها جميع الأفراد، وأن تغطي جميع المخاطر التي يتعرضون لها.
ولا شك أن هذه النفقات الاجتماعية وبرامجها لها فائدتها الاجتماعية وفائدتها الاقتصادية أيضا"، وذلك بتوزيعها قوة شرائية لطبقات ذات ميل حدي مرتفع للاستهلاك، فتزيد من الطلب الفعلي، وتساهم في زيادة التشغيل ورفع مستوى الدخل وهذا ما يزيد التوقع بتزايد النفقات العامة.
4- الأسباب السياسية (1) :
وتتمثل الأسباب السياسية في انتشار المبادئ الديمقراطية والأفكار الاشتراكية، وتعمق مسؤولية الدولة تجاه أفرادها وخروج الدول أو المجتمعات من حالة العزلة في العلاقات الخارجية، إلى مجال الانفتاح والتعاون والمصالح المشتركة، وهو ما يعد انعكاسا" لما طرأ على المفهوم السياسي المعاصر للدولة من تغييرات أثرت في نطاق وطبيعة العلاقات التي تنشأ داخل المجتمع من ناحية، وبين المجتمعات المختلفة من ناحية أخرى، وأهم الأسباب السياسية هي الأسباب التالية:
‌أ- انتشار المبادئ والنظم الديمقراطية: لقد انعكس تطور الفكر السياسي في انتشار المبادئ والنظم الديمقراطية، ووصول ممثلين عن الشعب إلى السلطة، وترتب على ذلك اهتمام الدولة بحالة الطبقات الفقيرة وذات الدخل المحدود، تحسينا" لوضعها الاقتصادي والاجتماعي، وكسبا" للرأي العام. وأدى ذلك إلى التوسع في النفقات العامة، بهدف توفير الخدمات الأساسية اللازمة لها، إضافة إلى دعم أسعار السلع الأساسية، وتقديمها لكثير من الخدمات بالمجان، هذا بالإضافة إلى أن المجالس النيابية -وبخاصة إذا ما انتشرت على المستوى المحلي- تتطلب نفقات هامة كبيرة وهذا كله يساهم في زيادة النفقات العامة للدولة.
‌ب-تعدد الأحزاب السياسية واتجاه كل منها خلال فترة توليه الحكم إلى زيادة النفقات العامة، لكسب رأي أنصاره، ولتنفيذ برنامجه الانتخابي الذي يتصف غالبا" بالطموح.
‌ج- مدى انتشار القيم الأخلاقية بين رجال الحكم، وموظفي الدولة القائمين على أمورها، حيث تزداد النفقات العامة بصورة ملموسة، في الدول التي تنتشر فيها الرشوة، واستغلال النفوذ للحصول على الأموال التي تضيع على الدولة من جرّاء حوادث الاختلاس والرشوة والصرف المتكرر والتزوير دون أن يعود إنفاقها على المجتمع بأية فائدة أو منفعة.
‌د- العلاقات الدولية: إن خروج المجتمع الدولي من حالة العزلة السياسية إلى حالة الانفتاح السياسي، ساعد على نمو العلاقات الدولية، وزادت أهمية التمثيل السياسي والمشاركة في عضوية المنظمات الدولية، والهيئات التابعة لها، والمنظمات الإقليمية المختلفة، والمؤتمرات الدولية مما ساهم في زيادة النفقات العامة المخصصة لتدعيم تلك العلاقات الضرورية.
هـ- المنح والمساعدات والقروض: كما يساهم في زيادة النفقات العامة ما يمليه واجب التعاون والتضامن الدولي، فقد تلجأ كثير من الدول إلى تقديم إعانات نقدية أو عينية للدول الصديقة، وذلك بغرض مساعدتها على تحقيق التنمية الاقتصادية، أو على معالجة أزمة ما، أو إعادة التعمير، أو بغرض تكوين الأحلاف العسكرية والسياسية، أو دعم اتجاه سياسي معين، أو محاربة اتجاه سياسي معين، أو بقصد خلق طلب على منتجات الدول التي تقدم الإعانة.
يتضح مما سبق أن الأسباب السياسية عملت على دفع النفقات العامة للدولة في اتجاه التزايد المستمر.
5- الأسباب المالية (1) :
ترتبط هذه الأسباب بتطور الفلسفة الاقتصادية، واتساع دور الدولة. فقد أدى تطور مفهوم النفقة العامة من المفهوم التقليدي للنفقة المحايدة، إلى المفهوم الحديث للنفقة الإيجابية، إلى ازدياد حجم النفقات العامة، فقد حدد الفكر التقليدي نطاق النشاط الحكومي، وبالتالي بضرورة الحد من النفقات العامة، لكن نتيجة للمفهوم الحديث للنفقة العامة، وأهمية النشاط الحكومي، وإنتاجيته في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، والاعتراف بأهمية قيام الدولة في أوقات الأزمات، وضرورة زيادة نفقاتها، لتعويض النقص في الطلب الفعلي، والمحافظة على مستوى معين من التشغيل والدخل القومي، اتجهت الدولة الحديثة إلى التوسع في حجم الإنفاق العام، وساعدها على ذلك سهولة الحصول على الإيرادات اللازمة لتغطية هذه النفقات (القروض العامة والإصدار الجديد) وتوافر فائض في إيراداتها العامة أو الاحتياطي العام.
فلم تعد القروض العامة مصدرا" استثنائيا" للإيرادات العامة، لا تلجأ إليه الدولة إلا في ظروف غير عادية، بل أصبح للدولة الحق في الالتجاء إلى مثل هذا المصدر للحصول على إيرادات تكفي لتغطية نفقاتها العامة، الموجهة إلى إشباع الحاجات العامة المتزايدة، وأمام ضغط الحاجة إلى مثل هذه القروض، تستخدم الدولة العديد من الوسائل للوصول إلى مدخرات المجتمع؛ لإغراء الأفراد وتشجيعهم على الاكتتاب في سندات القروض، وذلك بمنح المكتتبين بعض المزايا، مثل إعفاء الفوائد من الضرائب، وعدم قابلية السندات للحجز، مكافآت السداد واليانصيب ...الخ، إضافة إلى اللجوء إلى القروض العامة الإجبارية لتغطية النفقات العامة المتزايدة، وقد أدت سهولة الاقتراض العام وتوسع الدولة فيه إلى زيادة النفقات العامة اللازمة لخدمته واستهلاكه.
وقد تلجأ الدولة إلى زيادة إيراداتها العامة، على القدر اللازم لتغطية نفقاتها، نتيجة سوء تقدير النفقات الواجب تغطيتها، فتحصل الدولة على مبالغ أكثر مما يتطلبه إنفاقها، مما يؤدي إلى ظهور فائض في الإيرادات العامة، وقد يكون لهذا الفائض في الظروف العادية الذي لا تهدف الدولة من تكوينه هدفا" خاصا"، مساوئ معينة، إذ قد يغري القائمين على تبذير الأموال العامة، بإيجاد أبواب جديدة في الإنفاق، يتعذر ضغطها حينما تدعو الحاجة إلى ذلك، وقد يكون هذا الفائض في ظروف معينة، أداة ضرورية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي كما في حالة التضخم، حيث تعمد الدولة إلى امتصاص القوة الشرائية الفائضة لتحد من ارتفاع الأسعار، ولتتولى إنفاق هذا الفائض في أوقات الكساد لتساعد على انتعاش الاقتصاد القومي.
وفي جميع الأحوال، يجب الحذر من التوسع في الإنفاق العام، حتى لا يكون ذلك وسيلة لضياع الأموال العامة، بل يجب أن يكون الهدف من الإنفاق العام، هو تحقيق المنفعة القصوى للمجتمع وبأقل تكلفة.
6- الأسباب العسكرية (1) :
تعد الأسباب العسكرية من أهم الأسباب المؤدية إلى زيادة النفقات العامة، وإلى دفع هذه النفقات باتجاه التزايد المستمر، والنفقات الحربية (نفقات الدفاع) هي من أهم فقرات النفقات الحكومية وقد درج بعض الاقتصاديين والماليين، على دراسة هذه الأسباب ضمن الأسباب السياسية، ولكن نظرا" لطبيعتها الخاصة، واستقلالها وتحديدها في ضوء اعتبارات اقتصادية واجتماعية وسياسية واستراتيجية، كان لها هذه الفقرة الخاصة بها.
وترجع أهمية الأسباب العسكرية إلى أن الدولة وحدها هي الموكلة بتنفيذها حتى في ظل أفكار المدرسة التقليدية التي جعلت مهمة الدفاع الخارجي من أول واجبات الدولة تجاه المواطني.ن إضافة إلى ذلك، فإن مهمة الدفاع ترمي إلى تحقيق منفعة عامة، تتمثل فيما تخلفه هذه النفقات من شعور المواطنين بالأمن والطمأنينة، وهما غير خاضعين للقياس الكمي والنقدي، وتهيئ الظروف المناسبة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية(1).
وتتضمن النفقات العسكرية النفقات الموجهة إلى رواتب وأجور العاملين من عسكريين وفنيين، وإلى قيمة الآلات والمعدات ونفقات الصيانة سواء في فترة الحرب أم في فترة السلم، وكذلك تشمل المعاشات للمحاربين المتعاقدين وتعويضات لمنكوبي ضحايا الحرب، وما تدفعه الدولة سدادا" للديون الخارجية والداخلية، التي ترتبت بذمتها نتيجة الحرب، وكذلك ما تقدمه من مساعدات للاقتصاد الوطني في وقت الحرب.
وتزداد النفقات العسكرية خلال فترة الحروب زيادة كبيرة، وتشكل نسبة مرتفعة من الموازنة العامة، ومن الدخل القومي، غير أنها تعود إلى الانخفاض بعد انتهاء الحرب، ولكنها لا تنخفض عادة إلى المستوى الذي كانت عليه قبل اندلاع الحرب، بل تظل مرتفعة عنه، ولا يلغي هذا الانخفاض بعد الحرب، قانون تزايد النفقات العامة بشكل مستمر، بل يظل القانون ساري المفعول، وتبقى ظاهرة تزايد النفقات العامة قانونا" من قوانين التطور الاقتصادي والاجتماعي.
__________________
لا الـــــــــــه إلا الله


if you fail to plan you plan to fail


كلنا نملك القدرة علي إنجاز ما نريد و تحقيق ما نستحق
محمد عبد الحكيم
1accountant غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس